الجمهورية : “المستقبل” يجد في الإصرار على جدول الجلسة “تكريس أعراف” وبرّي يردّ: “دلع ما بعده دلع”
كتبت “الجمهورية ” تقول : فيما سلك ملفّ التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي إلى الحسم اليوم، استمرّ ملفّ تأليف الحكومة في مراوحة تكشف يوماً بعد يوم أنّ فريقي 8 و14 آذار ما زالا غير مستعجلين الولادة الحكومية لحسابات ورهانات خارجية لدى كلّ منهما ربّما تستمرّ حتى أيلول المقبل، فيما يواصل الرئيس المكلّف تمّام سلام الاعتصام بالصبر مشفوعاً بمشاورات في مختلف الاتجاهات، لعلّه ينجح في إحداث كوّة في الجدار المسدود تلاقي ما هو مأمول من نجاح للتحرّكات الإقليمية والدولية الجارية في إيجاد تسويات للقضايا الإقليمية وفي مقدّمها الأزمة السورية.
وفي هذا السياق دعا مرجع سياسي بارز إلى انتظار ثلاثة خطابات ـ محطّات ستتوالى بدءاً من غد، حيث سيكون لرئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان خطاب في عيد الجيش يتوقّع أن يتضمّن مواقف تحمل في مطاويها مؤشّرات على ما سوف يكون من حلول على المستوى الحكومي. وكذلك سيكون للرئيس سعد الحريري بعد غد الجمعة خطاب متلفز خلال إفطار هو الأوّل من نوعه يقيمه تيار “المستقبل” في عدد من المناطق، ويحدّد فيه مواقف من مجمل القضايا المطروحة وأبرزها الوضع الحكومي. وسيسبق خطاب الحريري هذا بساعات قليلة، خطاب يلقيه الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله الخامسة عصراً في مجمّع سيّد الشهداء في الضاحية الجنوبية لبيروت، لمناسبة “يوم القدس العالمي” يعلن فيه جملة مواقف تتناول القضايا الداخلية والإقليمية والدولية، مركّزاً على القضية الفلسطينية في ضوء استئناف المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية برعاية أميركية، ثم يتطرّق إلى الشأن الحكومي والأزمة السورية.
وأكّد المرجع لـ”الجمهورية” أنّ المواقف التي ستتضمّنها خطابات سليمان والحريري ونصرالله تستأهل مراقبتها وتحليل أبعادها والخلفيات، لأنّها ستؤشّر إلى مستقبل الأوضاع الداخلية، والخيارات التي يمكن اللجوء إليها لحسم ملفّ تأليف الحكومة ومصير الحوار الوطني الذي قرّر رئيس الجمهورية الدعوة إليه في الآونة الأخيرة.
وسيتميّز الاحتفال بعيد الجيش الذي سيقام في ثكنة الفياضية ككُلّ عام، بمشاركة الرئيس المكلف تأليف الحكومة إلى جانب رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، في استعادةٍ لمشهد مشابه عام 2009 قبيل تأليف الحريري حكومته.
التمديد لقهوجي
وسيتميّز هذا الاحتفال بنكهة خاصة تضفيها عليه بُشرى التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي ورئيس الأركان اللواء وليد سلمان، التي ستزفّ إلى اللبنانيين والعسكريين اليوم، بما يسدل الستارعلى هذا الملفّ بعد مخاض طويل، عبر التمديد لقهوجي سنتين ابتداءً من 23 أيلول المقبل إلى 23 أيلول 2015، ولسلمان من 7 آب المقبل إلى 7 آب 2015، وذلك بقرار إداريّ استند فيه وزير الدفاع فايز غصن إلى الصلاحية التي منحته إيّاها المادة 15 من قانون الدفاع الوطني وكذلك المادة 55 من القانون نفسه الخاصة بتأخير تسريح العسكريين.
وقالت مصادر مُطّلعة إنّ اعتماد الصيغة الحالية كان بهدف حصر مجالات الطعن في القرار، إذ إنّ اللجوء إلى مرسوم يوقّعه رئيسا الجمهورية والحكومة ووزيرالدفاع يوسّع من هامش الطعن ويسمح لنوّابٍ بأن يطعنوا به أمام المجلس الدستوري أو مجلس شورى الدولة، لكنّ القرار الإداري يحصر الطعون، في حال حصولها، بالضابط المتضرّر من القرار، وتحديده ليس سهلاً في ظلّ وجود اكثر من 350 عميداً في الجيش اللبناني.
وأضافت المصادر أنّه لم يسبق لضابط أن لجأ سابقاً الى الطعن بقرار يتصل بقائد الجيش، وفي حال حصوله ستكون هناك أسباب سياسية وراء أيّ توجّه من هذا النوع، أو أنّه في طريقه الى الإستقالة، وهو أمر لم تشهده كذلك المؤسسة العسكرية سابقاً.
ولفتت المصادر الى احتمال إقدام ضابط ما على تقديم طعن، لكنّ الشروط الأساسية التي تسمح بقبوله شكلاً ستكون مرفوضة لصعوبة تحديد الضرر اللاحق به، وسيصار الى ردّ الطعن شكلاً قبل النظر في مضمونه.
قهوجي عند ميقاتي
وكان العماد قهوجي قد زار صباح أمس رئيس الحكومة المستقيلة نجيب ميقاتي وعرض معه لآخر الصيغ المتداولة حول شكل ومدة تأجيل تسريحه من الجيش.
وقالت مصادر اطّلعت على مضمون اللقاء إنّ ميقاتي توافق نهائياً ورئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان على أن يكون القرار النهائي في عهدة وزير الدفاع عبر قرار إداريّ. كذلك تناول البحث سبل تعزيز قدرات الجيش. وجرى عرض لحجم المساعدات المنتظرة من بعض الدول الأوروبية، ولا سيّما منها فرنسا وبريطانيا.
عون يدافع عن الدستور
في المقابل، جدّد رئيس تكتل “التغيير والإصلاح” النائب ميشال عون رفضه التمديد لقهوجي، مُعتبراً أنه “غيرُ شرعي وقابلٌ للطعن”، وكاشفاً عن انه اتخذ قراراً بإنشاء “جبهة وطنية للدفاع عن الدستور، تتألف من أشخاص لديهم صفة تمثيلية علمية وقانونية، للحفاظ على الدولة ومنعها من التفكّك”. وشدّد على “ضرورة تحصين مؤسسة الجيش اللبناني ضد الأخطاء التي يرتكبها أهل السياسة”، معتبراً انّ “هناك سلطات عالية لا تحفظ الدستور”، وأكد انّ “كل القوانين يجب أن تكون متلازمة مع الدستور”. وقال إننا “لن نسكت عن تجاوز الدستور، والتمديد لقائد الجيش مخالفة للدستور وهذا انقلاب”، وأوضح “لا يجوز أن نرفض التمديد للمدير العام لقوى الأمن الداخلي السابق أشرف ريفي، وأن نمدّد لقائد الجيش ومدير الأركان”. وأشار الى انّ “الدولة في لبنان كلها أصبحت دولة بالتمديد”، وأضاف انّ “التمديد التدريجي أصبح قاعدة لا نعلم متى ينتهي”.
حراك ديبلوماسي
إلى ذلك، شهدت الساحة حراكاً ديبلوماسياً لافتاً توزّع على محاور عدّة، تمثل بجولة وداعية للسفيرة الأميركية مورا كونيللي على رئيس حزب الكتائب أمين الجميّل وعون، في حين زار السفير الفرنسي باتريس باولي العماد قهوجي لتهنئته بالتمديد له وبعيد الجيش. بينما تابعت ممثلة الإتحاد الأوروبي في لبنان انجلينا ايخهورست جولاتها على المسؤولين وزارت رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع وأطلعته على حيثيات القرار الأوروبي بوضع الجناح العسكري لحزب الله على لائحة الارهاب.
وفي هذا السياق، اعتبرت كونيللي انّ القرار الأوروبي في حق “حزب الله” يوجّه رسالة قوية “مفادها أنّ هناك عواقب لأفعاله، مثل تفجير بورغاس ومؤامرته الإرهابية في قبرص”. وأكدت انّ الولايات المتحدة الاميركية “تأمل في رؤية تأليف حكومة تتمكن من العمل معها بنحو أوثق”، واعتبرت “انّ تدخّل بعض الأطراف اللبنانيين في سوريا يُعرّض سيادة لبنان وأمنه واستقراره للخطر”. وعبّرت عن قلق بلادها من “أنّ استقرار لبنان يواجه تحديات مصدرها عدّة عوامل بما في ذلك امتداد الآثار من سوريا وعدم وجود إجماع داخلي يصبّ في مصلحة الحفاظ على القواعد الدستورية”.
بري لـ”الجمهورية”
وفي غمرة الجمود على جبهة تأليف الحكومة، والتعطيل في المؤسسة التشريعية، كرّر رئيس مجلس النواب نبيه بري التأكيد أمس انه ما زال على قراره بالوقوف مكتوفاً وعدم طرح أي مبادرات جديدة، بعد التشكيك الذي تعرّضت له المبادرات التي كان قد طرحها في خلال الاشهر القليلة المنصرمة.
ورداً على ما ورد في بيان كتلة “المستقبل” في موقف يعتبر أنّ التمسّك بجدول أعمال جلسة مجلس النواب يشكّل سابقة غير مقبولة، قال بري لـ”الجمهورية”: “إنني أستغرب صدور مثل هذا الكلام عن أكبر كتلة نيابية، ويا للعجب، هذا دلع ما بعده دلع، فمجلس النواب هو أمّ المؤسسات وهو من يعطي صلاحيات وشرعية للحكومة ولجميع المؤسسات”. ولفت الى “أنّ الدستور المنبثق من اتفاق الطائف أقرّ في مجلس النواب في غياب الحكومة، وهناك أشخاص خرجوا من السجن بقانون عفو أقرّه المجلس في ظلّ حكومة تصريف أعمال”. وختم: “أنّ المجلس النيابي هو سيّد نفسه، وأنّ ما يثيره بعض الأطراف حول الجلسة التشريعية وجدول أعمالها إنما هدفه التغطية على تعطيلهم عملية تأليف الحكومة”.
كتلة “المستقبل”
وكانت كتلة “المستقبل” توقفت في خلال اجتماعها امس “أمام الإصرار المتكرّر من رئاسة المجلس على التمسّك بجدول الأعمال الذي تسبّب بمقاطعة الجلسة من قبل النواب، والذي لا يبرّره مبدأ الضرورة في ظل حكومة تصريف الأعمال وغياب حكومة مسؤولة”، واعتبرت أنّ ” التمسّك بجدول كهذا يُراد منه تكريس سلطة مجلسية وأعراف غير مقبولة في هذه الظروف الحسّاسة بما سيساهم في زيادة الإرتباك العام في البلاد بدلاً من أن يكون مدخلاً للحلول”.
ميقاتي لسليمان وسلام
وفي المواقف من الشأن الحكومي، قال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أمس إنّ على المعنيين بتأليف الحكومة، أي رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، الإبتعاد عن صيغة يمكن “التقليع” بها كما فعل في حكومته الحالية”. مُذكّراً بأنه أمضى نحو خمسة أشهر حتى توصّل الى تأليف حكومته في 13 آذار 2011، وبأنه “فور الإعلان عنها بثّ تلفزيون “المنار” خبراً عاجلاً منسوباً الى مصدر مسؤول في “حزب الله”، مفاده أنّ هذه الحكومة لا تمثله، ثم ما لبث ان بدّل موقفه بعدما اتضحت الصورة”.
ونفى ميقاتي أن تكون علاقته مع رئيس مجلس النواب تشهد اهتزازاً، وقال “إنّ العلاقة معه جيدة جداً وإذا كان هناك من خلاف في الوقت الحاضر فهو خلاف دستوري لا أكثر”.
العجز في المالية
على الخط الحياتي والإقتصادي، كان اللافت ما كشفه أمس وزيرالإقتصاد في حكومة تصريف الأعمال نقولا نحاس لـ”الجمهورية”، من أنّ وزير المال محمد الصفدي أثار في اجتماع المجلس الأعلى الدفاع في بعبدا أمس الأول، مسألة العجز في المالية العامة بسبب زيادة النفقات وتراجع الإيرادات.
وقلّل نحاس من خطورة الوضع، “في اعتبار أنّ أموال الخزينة تفيض في شهر وتنقص في شهر آخر، فلا داعي للقلق، فالجميع يعرف أنّ لدينا عجزاً وحجمه بات معروفاً”. وقال: “لا يتعلّق الأمر بعدم توافر أموال لدفع رواتب الموظفين، إنما مداخيل هذا الشهر قد تحتاج الى إصدارات جديدة. فالدولة لديها زيادة في النفقات لكنّ المداخيل الى تراجع نظراً الى الظروف الراهنة ولذلك “الصرخة طالعة”. واقترح “تأجيل تنفيذ سلسلة الرتب والرواتب نظراً الى دقّة الظروف”.