الجعفري: معالجة الوضع الإنساني في سورية تستوجب مكافحة الإرهاب
أكد الدكتور بشار الجعفري مندوب سورية الدائم لدى الامم المتحدة أن الاعتراف بمسببات أي أزمة انسانية وإيجاد حلول لهذه المسببات يشكل بداية لحلها مشيرا إلى أن حل الأزمة الإنسانية في سورية لن يتم من خلال التحامل السياسي والتهرب من الإقرار بالأسباب السياسية التي تعرقل جهود الأمم المتحدة في المجال الإنساني وفي مقدمتها الارهاب.
وقال الجعفري في بيان سورية الذي ألقاه أمس خلال جلسة المجلس الاقتصادي والاجتماعي في دورته السنوية المخصصة لمناقشة الشؤون الانسانية: “لايخفى على أحد أن بداية الطريق لحل أي أزمة إنسانية يكمن حتما في الاعتراف أولا بمسبباتها وفي إيجاد حلول جذرية لتلك المسببات بما يخلق قواسم مشتركة للعمل بين الحكومات المعنية من جهة ومكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية (الاوتشا) من جهة ثانية وذلك وفقا لاحكام القرار 46/182 الذي أنشىء مكتب الاوتشا بموجبه وبطبيعة الحال من شأن هذه القواسم أن تساعد على التخفيف من حدة الأزمات الإنسانية بدلا من التلاعب بها”.
وأضاف الجعفري: “إن مانشهده من تصريحات وأفعال صادرة عن مسؤولين أممين وممثلي حكومات بعض الدول في هذه المنظمة الدولية إزاء الأزمة الإنسانية في سورية بات يعطينا انطباعا بأن هؤلاء مجتمعين لايرغبون بإيجاد حل للأزمة في سورية ويرفضون الاعتراف بأسباب استمراريتها لا بل إن البعض منهم متورط مباشرة في تغذية عوامل الإرهاب الذي يسفك دماء الشعب السوري والعراقي والمصري واللبناني والليبي والمالي والنيجيري وغيرهم”.
وشدد الجعفري على أن معالجة الوضع الانساني في سورية تستوجب بالاضافة إلى توفير المواد الاغاثية وإيصالها معالجة الأسباب التي أدت إلى ظهور المعاناة الانسانية وتفاقمها في العديد من المناطق وفي مقدمتها الإرهاب وضرورة مكافحته.
وأوضح الجعفري أن الحديث عن تنسيق المساعدات الانسانية في سورية لا يمكن أن يستقيم في ظل تجاهل مسؤولية الإرهاب الذي تقوم به المجموعات الارهابية المسلحة عن نشوء الاحتياجات الانسانية وتفاقمها وإنه لما يدعو للاستغراب خلو بيانات ممثلي الدول التي لطالما أعربت عن القلق إزاء الحالة في سورية من أي ذكر للإرهاب والإرهابيين في سورية في الوقت الذي اعترفت فيه حكومات تلك الدول نفسها عبر مسؤوليها الرسميين وبشكل علني بالتحاق المئات من مواطنيها بأعمال العنف والقتال في سورية إلى جانب تنظيمات إرهابية.
وأضاف الجعفري: “لابد أنكم استمعتم لتصريح وزيرة الخارجية الأسترالية الأسبوع الماضي التي أعربت عن قلقها العميق من التحاق 150 من مواطنيها بالمجموعات المتشددة في سورية والعراق مشددة على أنهم سيشكلون تهديدا للأمن القومي حال عودتهم وفي هذا السياق سبق وأن أشرت في بيان لي أمام مجلس الأمن عن دعوة بروكسل لعقد اجتماع في 8 أيار للدول المعنية بملف ما يسمى بـ (المقاتلين الأجانب العائدين من سورية) وإننا نتطلع لمعرفة النتائج التي توصلت إليها حكومات الدول التي حضرت الاجتماع ونتساءل فيما إذا تمت إحالة نتائج اجتماعهم للجان الفرعية لمجلس الأمن المعنية بمكافحة الإرهاب”.
وبين الجعفري أن السبب الثاني الذي أدى إلى ظهور المعاناة الإنسانية وتفاقمها في العديد من المناطق في سورية هو الآثار الجسيمة التي سببتها التدابير القسرية الاقتصادية الأحادية الجانب موضحا أن فرض التدابير القسرية على سورية أدى إلى مفاقمة الأوضاع الإنسانية في جميع المناطق بهدف دفع السوريين إلى اللجوء إلى الدول المجاورة والنزوح عن مناطق عيشهم داخل البلاد وذلك بهدف خلق ضغوط سياسية ومعنوية على الحكومة السورية ومواردها.
ولفت مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة إلى أن السبب الثالث لتفاقم الأزمة الانسانية هو نقص التمويل موضحا أن ماقدمته الأطراف المانحة لم يتجاوز 27 بالمئة من التمويل المطلوب لخطة الاستجابة الانسانية لعام 2014 داخل سورية وبالتالي بدلا من إلقاء المسؤولية على الحكومة السورية لا بد من الاعتراف بأن نقص التمويل والهدر الناجم عن ضعف التنسيق بين الوكالات الانسانية المتخصصة خلال قيامها بولايتها هما سبب جوهري لاستمرار الأزمة.
وأشار الجعفري إلى أن الصورة اصبحت واضحة للجميع بخصوص ما يجري في سورية مشددا على أن حل الأزمة الإنسانية في سورية لن يتم من خلال التحامل السياسي ورفض تأييد مبادرات المصالحة الوطنية في سورية واختلاق ذرائع تهدف إلى إلقاء المسؤولية على الحكومة السورية في عرقلة وصول المساعدات بغية الالتفاف على المبادئ التوجيهية للقرار 46/182 للتهرب من الإقرار بالأسباب السياسية التي تعرقل جهود الأمم المتحدة في المجال الإنساني وفي مقدمتها الإرهاب الذي سبق وأن اغتال العديد من ممثلي الأمم المتحدة في العراق وغيرها.
وبين الجعفري أن الطريقة الأكثر فاعلية لضمان إنهاء الأزمات تكمن في إنهاء صناعة الأزمة نفسها في بلدان بأكملها والاعتراف بالسلوك التخريبي لحكومات الدول الصانعة للازمات التي تفتعل الأزمة وتؤججها وتطيل أمدها ومن ثم تذرف دموع التماسيح على الناس المتضررة وتدعي تمويلها للمساعدات الإنسانية.
وختم الجعفري البيان بالقول: “إنني فوجئت بارتداء زميلي مندوب كندا الدائم قبعة (سانتا كلوز) في بيانه قبل يومين وكم كنت أود أن أسمع منه لغة دبلوماسية توحي باحترام بلاده لقواعد القانون الدولي الناظمة للعلاقات السلمية بين الدول الأعضاء.. لغة تحترم سيادة الدول الاعضاء وأنظمة حكمها الوطنية وتعبر عن التزام حكومة بلاده بمنع تصدير الإرهابيين الكنديين إلى سورية بما يشكل مساهمة حقيقية من الحكومة الكندية في تخفيف الأعباء الإنسانية على الشعب السوري واحترام أحكام ميثاق الأمم المتحدة”.