الجانب المظلم لأجنحة الطاقة
صحيفة السفير اللبنانية ـ
وسيم عيد:
بثّت قناة «دويتشه فيله» الألمانية مساء الخميس الماضي وثائقياً باللغة الانكليزية بعنوان: «الجانب المظلم لريد بول ــ مخاطر الرياضات المتطرفة». يدور الفيلم (45 دقيقة) حول المسكوت عنه في حملات شركة «ريد بول» الإعلانية. يقوم صانع مشروب الطاقة الشهير باللجوء إلى مغامرين متخصصين في رياضات المخاطرة، للترويج لمنتجه. ويتم تصوير أولئك خلال تأديتهم لاستعراضات شديدة الخطورة، وتستخدم تلك اللقطات في أفلام دعائيّة يتمّ بثّها عبر المحطات التلفزيونية ومواقع الانترنت من أجل الترويج لمنتجات الشركة.
كانت تلك الحملات الدعائية أحد أهم أسباب نجاح الشركة النمساوية المنتجة لمشروب الطاقة الأشهر في العالم التي تبلغ أرباحها مليارات عدة من الدولارات سنوياً. لكن لا يرد في تلك الإعلانات أيّ ذكر للحوادث التي تعرّض لها مغامرون، ومنهم من توفوا خلال تصويرها، ولا تزال الشركة تستخدم بعض المقاطع التي صوروها قبل وفاتهم في حملاتها حتى الآن!
من أشهر الحوادث التي وقعت لرياضيي «ريد بول» حادث أودى بحياة الرياضي السويسري أولي غيغنشتس Ueli Gegenschatz عن 38 عاماً. وتوفي المغامر يوم 11 تشرين الثاني 2009، خلال قيامه بالقفز بواسطة المظلّة بمظلة من على سطح إحدى ناطحات السحاب في مدينة زيوريخ السويسرية، برعاية «ريد بول». وبسبب تأخره بضع ثوان في فتح المظلة، تعرض غيغنشتس لإصابات بالغة في الرأس، أدت إلى وفاته بعد يومين من وقوع الحادث.
وفي العام نفسه، لقي المتزلج الكندي شاين ماكونكي (39 عاماً) حتفه، خلال تصويره فيلماً دعائياً لمصلحة «ريد بول» في جبال الألب. كان من المفترض أن يؤدي ماكوني قفزة من على ارتفاع 300 متر، لكن القفزة فشلت، ولقي مصيراً مشابهاً لمصير غيغنشتس.
لم تكن تلك أوّل أو آخر الحوادث التي تقع خلال تصوير أفلام «ريد بول» الدعائية. وعلى الرغم من ذلك، لا تزال الشركة تصرّ على استخدام الرياضيين لإثبات قدرة المشروب على إعطائنا أجنحة نطير بها. يعلّق فليم «الجانب المظلم لريد بول ــ مخاطر الرياضات المتطرفة» على شعار الشركة الشهير ساخراً بالقول: «ريد بول» لا تعطيك أي أجنحة، إلا إذا كان المقصود أجنحة تصعد بروحك إلى السماء.
في المقابل، لم تعلّق الشركة على المعلومات الواردة في الفيلم. ولم يردّ قسم التسويق فيها على تساؤلات معدي الوثائقي، إلا برسالة مقتضبة أكدت أن الشركة سوف تستمر بدعم الرياضيين ومساعدتهم على تحويل أحلامهم إلى حقيقة. رسالة علق عليها معدو الفيلم بالقول إنّها تحمل من العواطف الزائفة أكثر بكثير مما تقدمه من حقائق حول ما يقع من حوادث، في كواليس تصوير أفلام «ريد بول» الدعائية.
يرصد الوثائقي ست حالات وفاة وقعت لرياضيين خلال تصوير لقطات خطرة لمصلحة شركة «ريد بول» بما فيها حالتا غيغنشتس وماكونكي. ويتوقف في النهاية ليطرح سؤالاً أساســياً عن مدى أخـــلاقية ما تقوم به الشركة، في سبيل الترويج لمنتجاتها. سؤال يبقى معلقاً، خصوصاً مع رفض الشركة تقديم إجابة واضحة عنه، استمرارها في استخدام الرياضيـــين في حمــلاتها الدعائية غير عابئة بالمخـــاطر التي يتـــعرضون لها والـــتي قد تـــودي بحياتهم… كل هذا في سبيل الحفاظ على وهم مشروب الطاقة العجيب الذي يمنحـــك أجنـــحة ويجعــلك قادراً على الطيران.