الثورة تحتاج إلى برنامج… والسيسي يواجه ضغوطاً كبيرة… هيكل: مصر تتجه إلى ما هو أسوأ من الفوضى!
حذر الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، أمس، من أن مصر تسير إلى ما هو أسوأ من الفوضى، مشيراً إلى ان الانتهاء من صياغة الدستور الجديد تعد الخطوة الأهم في الفترة الانتقالية.
وقال هيكل، في مقابلة مع الإعلامية لميس الحديدي ضمن برنامج «مصر أين.. وإلى أين» على قناة «سي بي سي»، إن ما يدعوه إلى القلق في المرحلة الحالية أن «خريطة الطريق ظهرت، وكل الناس في حالة من الانكشاف، والبلد مخترق بجميع الوسائل».
وأوضح «لم يحدث في أي مكان في العالم أن يكون بلد مستباحاً بهذا الشكل، ووسط الزخم والركام هذين نجد أناسا يتحدثون عن الإخوان، والبلد أمامه مهمات بناء مستقبل».
وأضاف «نحن نحتاج في هذه اللحظات، عندما نفكر في المستقبل، إلى أن نسد ثغرات موجودة، فهناك تدخل أجنبي في البلد بشكل كبير، وهناك جبهة في سيناء مفتوحة ومحفوفة بالخطر، وهناك حرب نفسية موجهة من الخارج على هذا البلد، وكل هذه الأمور تؤكد أننا نحتاج إلى قيادة رشيدة في تلك اللحظة»، معتبراً أن مصر تحتاج في هذا الوقت إلى «من يعمل على إزالة الالتباسات».
واشار إلى ان «ثورة يوليو (1952) لم يكن لديها برنامج، وكان هدفها وحلمها الأول إزاحة الملكية، باعتبارها أصل الفساد، لكن بعد فترة من الحيرة، وجدنا من يتحدث عن الإصلاح الزراعي، وإلغاء الملكية، وإلغاء الألقاب، وإخراج البريطانيين، وتأميم القناة، وبالتالي، وبشكل ما، استطعنا تحويل بعض الأهداف إلى واقع، لكن في الثورة الحالية، وحتى هذه اللحظة، لم أجد هذه الترجمة».
ولفت هيكل إلى ان «ثمة إمكانات في هذا البلد ليس لها حدود، لكن المشكلة حتى هذه اللحظة أنني لا أرى أحداً يلوح في الأفق ويمسك بهذه الخيوط، ثم يحاول ترجمة الأماني إلى واقع حقيقي وبرنامج عمل، وهذا دور أي قيادة».
وحول الانفلات الأمني في سيناء، قال هيكل «كان هناك ثلاثي يتمثل في الرئيس والقوات المسلحة ومكتب الإرشاد. مرسي كان يحاول اللعب بين القوات المسلحة ومكتب الإرشاد. وفي المقابل كان الرئيس المعزول ومكتب الإرشاد يعتمدان على عنصر تأمين يضمنان به أن ينشغل الجيش في سيناء، أي خلق جبهة قوية وصعبة مخصصة لاستنزاف قدرة الجيش، وذلك كان مقصودا».
ورداً على سؤال عمّا إذا كانت مصر تتجه إلى الفوضى، قال هيكل «نتجه إلى ما هو أسوأ من الفوضى، فالحرية في تعريفها هي التصرف في إطار واقع يدرك الشخص أبعاده، لكن مع عدم وجود ذلك، فإنها تقودنا إلى الفوضى، فمثلما يموت البعض من الحب، يموت البعض الآخر من الحرية».
ورداً على سؤال بشأن وقف المعونة الأميركية، قال هيكل «أنا شخصياً يقلقني ذلك، وعندما أنظر إلى القائمين على قيادة الجيش أشعر بالقلق عليهم، في ظل وجود واجبات عسكرية في سيناء وواجبات أمنية في جميع أنحاء البلاد».
وحول انتخابات الرئاسة المقبلة في مصر، وأسماء المرشحين التي بدأت تتواتر، ومن بينهم مدير المخابرات السابق مراد موافي ورئيس الأركان السابق سامي عنان ورئيس الوزراء الأسبق أحمد شفيق، قال هيكل: «احد هؤلاء زارني، وقال لي: أواجه ضغوطاً جماهيرية لترشيح نفسي. فقلت له: بصفة عامة، الرأي العام المصري لا يريد عسكرياً… وحتى لو سلمنا بأن هذا البلد سيقبل برئيس عسكري، فإنّ العسكري لن يكون أنت، فهناك عسكري آخر موجود صنع شيئاً».
واضاف «ليس ضرورياً أن يكون الجيش هو القوة الحقيقية الوحيدة، فهناك التيار الشعبي، وهناك المستقلون الذين ترشحوا للرئاسة من قبل، لكن مع الأسف الشديد، الظروف التي جرت تقلل من فرصهم، لكن بإمكانهم أن يدعموا بعضهم البعض بالدخول في شكل معين».
ومن ضمن الأسماء الأخرى المطروحة، قال هيكل «حمدين صباحي صديق، وهو رجل مخلص، وأعتقد أنه مؤهل، لكن السؤال: لهذه اللحظة أم للحظة أخرى؟ لست متأكداً». أما بالنسبة إلى عبد المنعم أبو الفتوح، فقال «هو صديق، لكن لا أظن أنه، سواء بتجربته أو بآرائه، رجل مناسب»، موضحاً «بعد ثورة يناير لم يكن لدي مانع من تأييد أبو الفتوح، لكن بدا لي أنه أقرب ما يكون إلى التيار الإسلامي».
وحول الاسم الاكثر تداولاً، أي الفريق اول عبد الفتاح السيسي، قال هيكل: «عندما تتحدثين عن هذا، أعود إلى بيت شعر: كفارس تحت الغبار لا يستطيع الانتصار ولا يطيق الانكسار. فالقوة الحقيقية موجودة في القوات المسلحة، وهناك معضلة حقيقية موجودة أمامنا، فنحن لا نريد أن نرى مرة ثانية اللقب في مكان، والقوة في مكان آخر».
وحول ما إذا كان يقصد بذلك ازدواجية السلطة، قال هيكل: «نعم، فهناك مشكلة بين شرعية ظاهرة وشرعية قوة أو حق، هذه مشكلة لا بد من أن ننظر إليها». واضاف «عندما رأيت السيسي بدا أن عليه ضغوطاً كثيرة من الناس، وهو في الوقت ذاته يرى المحظورات أمامه، وضغوطاً داخلية وخارجية»، معتبراً أن على «القوى السياسية في هذه اللحظة الاتفاق على صيغة لوضع رئاسي في الدستور يضمن عدم ازدواجية السلطة مع اللقب».
المصدر: صحيفة السفير اللبنانية