التواطؤ الأميركي – الأوروبي في الحرب الكيمياوية
صحيفة الوفاق الإيرانية-
حميد حلمي البغدادي:
في الذكرى السنوية لقصف مدينة سردشت الايرانية بالقنابل الكيمياوية، ليس امامنا سوى إدانة نظام صدام المقبور والحكومات الغربية الذين جمعتهم معا المصالح العدائية لمحاربة الثورة الاسلامية في ايران.
وما دمنا نتحدث عن هذه الجريمة المروعة التي ارتكبت بتاريخ 28/حزيران/1987 والتي تلتها بعد ثمانية شهور مأساة قصف مدينة حلبجة العراقية بالأسلحة الكيمياوية، فإننا لا نستطيع ان ننسى الدعم الاميركي الأوروبي لنظام الطاغية بتزويده اسلحة الدمار الشامل وتسبب ذلك في ازهاق ارواح المواطنين الأبرياء نساء ورجالا وأطفالا خلال دقائق قليلة.
ولا شك في ان المعطيات والوثائق الدالة على تورط الأطراف الغربية في الحروب القذرة والجرائم الارهابية لا يمكن حصرها بجريمة القصف الكيمياوي على سردشت وحلبجة والموت الجماعي الذي تمخض عنه، لأن اوروبا وأميركا كانتا شريكا استراتيجيا في الحرب العبثية التي شنها الطاغية المدحور ضد الجمهورية الاسلامية على مدى ثمان سنوات (1988-1980)، وهما لم تدخرا اسلحة ومعلومات تجسسية واقمارا صناعية لدعم تلك الحرب العدوانية التي اضرّت بالشعبين الايراني والعراقي على حدٍّ سواء.
وعندما نضيف الى ذلك الكم الهائل من الضغوط والعقوبات التي يمارسها الاميركان والاوروبيون على الجمهورية الاسلامية في وقتنا الراهن، فان النتيجة تقول ان الاستكبار الغربي ماض الى ما لا نهاية في طريق معاداة ايران وهو لا يتورع عن استخدام كل الوسائل المشوِّهة للوصول الى مآربه الشريرة.
على صعيد متصل حذر قائد الثورة الاسلامية المعظم الامام الخامنئي في كلمته للسلك القضائي رئيسا وأعضاء وقضاة يوم السبت 27/6/2020 من السلوكيات العدائية التي تقوم بها اميركا وبريطانيا الخبيثتان على مستوى الاخلال بالامن الوطني الايراني، وهو ما يكشف عن النوازع الحاقدة لدى هاتين الدولتين الاستكباريتين ومؤامراتهما المتواصلة ضد الجمهورية الاسلامية.
فمن الثابت ان اميركا وأوروبا ضالعتان حتى النخاع في تفجير الازمات والفتن والاعمال الارهابية في الشرق الاوسط ومنطقة غرب آسيا وهما ساهمتا بشكل كبير في صنع التطرف الديني المنحرف لداعش واخواتها وقامتا بتجنيد الآلاف من المعتوهين المغرر بهم ليكونوا مشروعا مشوّها للثورة الاسلامية ونهج الاسلام المحمدي الاصيل، وإزاء ذلك فإن تحذير سماحة الامام الخامنئي لم يأت من فراغ، وستبقى ايران عرضة للحملات المعادية الصهيوغربية.
بيد ان ثمة فرقا بين ايران عام 2020 وايران 1980، وهو ان الجمهورية الاسلامية تملك اليوم من مقومات الردع والاقتدار والاحاطة والجهوزية ما تستطيع به مكافحة التحركات الاستكبارية الاميركية والاوروبية والصهيونية، وفي هذا المضمار طالب الجنرال غلام رضا جلالي رئيس منظمة الدفاع المدني الايراني بمحاكمة الدول التي قدمت الاسلحة الكيمياوية لنظام صدام في المحكمة الدولية مشيرا بالتحديد الى دور بريطانيا وفرنسا وألمانيا في شن 30 هجوما صداميا ضد المدنيين الايرانيين والتي طاولت ايضا بعض المراكز الطبية والمستشفيات.
لقد اثبتت تجارب العقود الاربعة الماضية ان التحالف الغربي هو تحالف مصلحي واستبدادي وعدواني وغادر، لا يفيد ان تستخدم معه لغة اخلاقية، لان حكوماته لا تعترف باي مبدأ اخلاقي او خطاب موضوعي اطلاقا طالما انه يصطدم باملاءاتها الاستكبارية الهوجاء.
من المؤكد ان جريمة اميركا ودول اوروبية مثل بريطانيا وفرنسا والمانيا، هي المثال الاكثر وضوحا لازدواجية المعايير في الغرب المتصهين والتي ستبقى الى الابد وصمة عار في جبين ادعياء الدفاع عن حقوق الانسان الذين يتلاعبون بهذه المفاهيم الفضفاضة ويستغلونها وفقا لمطامعهم الدنيئة.