التنقيب مقابل التنقيب.. ماذا عن إمكانية العرقلة الأميركية؟
موقع الخنادق:
“.. أن نذهب بشكل جدي على موضوع النفط والغاز وأن لا نقبل أي تسويف من قبل الشركات.. إذا أحد يظن أنه إذا حصل تسويف بموضوع استخراج النفط والغاز من المياه اللبنانية ونكتشف حقًا أن هناك تسويف ولعب على اللبنانيين وأن هناك ضحك على اللحى سنسمح بأن يستمر باستخراج النفط والغاز من كاريش؟ أنا أقول لكم أبدا، هذا معنى إذا تريد أن تجوّعني سأقتلك – هناك أناس أخذوها أنه كلام انفعالي، لا، أنا فكّرت جيدًا بالكلمة – هذا معنى إذا تريد تجويعنا سنقتلك، نقتلك، لم يتغير شيء بمنطقنا.. أنا أحذر من التسويف، أحذر من التسويف”، هذا ما أعلنه الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في كلمته خلال ذكرى القادة الشهداء في 16-2-2023.
فالمقاومة أكدت ان المعادلات قائمة كما كانت ولا شيء تغير بأن التنقيب مقابل التنقيب ولا مجال بالتالي للتذاكي واللعب مع لبنان ومحاولة عرقلة الملف وتمييعه تحت أي عنوان من العناوين، وذلك مقابل التسريبات التي تتحدث عن قرب العدو الاسرائيلي باستخراج النفط من المياه الاقليمية وتصديره.
وبالتزامن، أٌعلن الجمعة 17-2-2023 ان السفن المختصة التابعة لشركة توتال الفرنسية أنهت المسح البيئي في البلوك رقم 9 (في المياه اللبنانية الجنوبية وقريب من حقل كاريش) في عمل استغرق 8 أيام، ما اعتبر انه خطوة إيجابية على طريق استكمال العمل وصول للبدء بالتنقيب تمهيدا لاستخراج النفط والغاز، لكن يبقى السؤال ماذا عن الضمانات بالعمل الجدي للوصول الى الثروة النفطية والغازية؟ وهل يمكن ان تقدم جهة معينة مثل هذه الضمانات؟ وبالتالي هل من الممكن للاميركي عبر القنوات الداخلية والخارجية عرقلة ملف النفط اللبناني لتأخيره والسماح للعدو الاسرائيلي بالاستفادة القصوى منه قبل لبنان(مع الاخذ بعين الاعتبار أهمية عامل الوقت في هذا الملف)؟
الاكيد انه لا يمكن الركون أبدا للاطمئنان الى الجانب الاميركي الذي لا يهمه في هذه المناطق إلا مصالحه ومصالح الكيان الاسرائيلي المؤقت، لذلك يجب على لبنان التنبه واليقظة دائما من أي محاولة للعرقلة، ليس من باب نظرية “المؤامرة” بقدر ما هو حرص في محله امام جهة غير موثوقة قادرة على الغدر والتلاعب بأي مرحلة من المراحل، ولا يهمها أي خسائر قد تقع على عاتق الشركات العاملة كما على لبنان طالما هي تحقق ما تصبو إليه، أي مصلحة الكيان الاسرائيلي باستخراج النفط قبل لبنان وبسرعة قصوى.
لكن هناك مؤشرات توحي بأن العمل يسير حتى الساعة بالطريق السليم، منها ان المعنيين من الوزراء اللبنانيين وعلى رأسهم وزيري الأشغال والنقل علي حمية والطاقة وليد فياض بتايعان العمل عن كثب، فالوزير حمية أكد ان “الزيارة الميدانيّة لسفينة جينوس 2 إلى مرفأ بيروت ، بعد إتمامها عمليّات المسح البيئي في الرّقعة رقم 9، تحضيرًا لعمليّات التّنقيب، هي الإجراء العملي الأول ضمن مسار استفادة لبنان من موارده النفطية والغازية، كثروة واعدة ينتظرها لبنان دون أي تأخير أو تأجيل”، ودعا الى “متابعة العمل على الارض بشكل جدي من قبل الحكومة اللبنانية للتأكد ان لا تسويف ولا مماطلة”، باعتبار ان لبنان ينتظر هذه الثروة للحصول على حقوقه فيها، وأيضا الوزير فياض أكد على “ضرورة متابعة العمل بشكل جدي لمنع اي تسويف محتمل”، واشار الى ان “أدق مرحلة وأهمها هو وقت وصول الحفارة للبدء بالتنقيب والشركة الفرنسية ملتزمة بذلك بحدود نهاية الصيف القادم”.
والاهم ان من يؤمن للبنان حقوقه هو اعتماده على نفسه وعلى عناصر قوته، وأحد أهم ركاز هذه القوة هي المقاومة التي فرضت سابقا بتدخلها وحضورها الوصول الى اتفاق ترسيم الحدود ومنعت من تضييع حقوق لبنان كما أعلنتها الدولة، فالمعادلة التي أطلقها مؤخرا السيد نصر الله ضرورية لمنع العدو من التدخل والمماطلة، لكن أيضا المطلوب من لبنان القيام بسلسلة من الخطوات والاجراءات اللوجستية والادارية والقانونية لمنع التأخير باستخراج، كإنشاء الصندوق السيادي لاستثمار الثروة النفطية، تأسيس شركة وطنية للاستفادة من هذه الثروة، إقامة مصرف خاص بهذا القطاع، إقرار قوانين تنظم عملية الاستخراج والاستثمار وعدم التأخر الى حين الوصول لمرحلة الاستخراج فهذا سيرتب خسائر على لبنان ويضيّع أرباح محتملة عليه، إنشاء الهيئة الناظمة للقطاع التي تتابع كل تفاصيل ادارة هذه الثروة.