التقارب السوري ـ التركي.. دمشق: لسنا في عجلة من أمرنا
موقع العهد الإخباري-
محمد عيد:
يبدو التقارب التركي ـ السوري محكومًا بظروف عديدة مرتبطة بحاجة حزب “العدالة والتنمية” الحاكم في تركيا إلى تأمين نفسه انتخابيًا عبر تحويل التقارب مع دمشق وحل مسألة اللاجئين الى ورقة انتخابية رابحة في الانتخابات المقبلة. لكن دمشق الراغبة في حل جميع مشاكلها مع تركيا، لا تبدو في عجلة من أمرها على اعتبار أن المأزوم في هذه المرحلة هو جارها الذي جعل من نفسه بوابة كل الأزمات.
دمشق تنفي
نفت دمشق على لسان وزير خارجيتها الدكتور فيصل المقداد وجود أي مفاوضات مع تركيا بشأن تطبيع العلاقات بين البلدين الجارين. وقال المقداد في تصريح لوكالة “سبوتنيك” الروسية إنه ليست هناك اتصالات أيضًا على مستوى وزارتي الخارجية في البلدين، مشددًا على أن عدم التزام تركيا يعد عقبة تعيق التسوية في سوريا بموجب اتفاقات آستانا.
وكانت “رويترز” قد نقلت الأسبوع الماضي عن ٤ مصادر أن رئيس المخابرات التركية “هاكان فيدان” عقد عدة اجتماعات مع نظيره السوري اللواء علي مملوك فيما بدا أنه مؤشر على تقدم الجهود الروسية للتقريب بين البلدين.
لهجة مختلفة
أما المعارضة السورية فبدأت تسلم برغبة تركيا في الانفتاح على الحكومة السورية وإعادة ترتيب الأوراق معها باعتبارها حالة قائمة لم يعد بالإمكان تجاوزها. وقال المعارض السوري خالد المحاميد في حديث إعلامي إن “التقارب بين تركيا ودمشق حتمي ويسير بوتيرة أسرع مما كنا نتوقع”، معتبرًا أن “على الجميع أن يتفهم أن سياسة الدول متقلبة حسب مصالحها”.
الترويج للتقارب التركي السوري لم يقتصر فقط على المعارضة السورية بل مهدت له وسائل إعلام تركية مقربة من حزب “العدالة والتنمية” الحاكم كحال الكاتب محمد بارلاس في جريدة “الصباح” التركية الموالية للحكومة، والذي قال إن الرئيس “الأسد هو إحدى ضحايا الربيع العربي المصنوع أمريكيا”. ولم يقف الكاتب عند هذا الحد إذ حمّل أحمد داوود أوغلو (وزير خارجية تركيا خلال تلك الفترة) مسؤولية “الانجراف وراء الرياح الأمريكية وإفساد العلاقات السورية ـ التركية بشكل كبير حتى أنه اقنع أردوغان بأن الأسد سيسقط خلال فترة قصيرة”، قبل أن يشير من موقعه المقرب من حزب “العدالة والتنمية” إلى أنه “يتم العمل من جديد على إعادة العلاقات على المستوى الدبلوماسي بين تركيا وسوريا”.
من جانبه يرى الخبير الاقتصادي زياد معطي أن روسيا تحاول تشجيع تركيا على تغيير موقفها من دمشق عبر تقديم العديد من الحوافز المرتبطة بملف اللاجئين ودعم الاقتصاد.
وفي حديث خاص بموقع “العهد” الإخباري أشار معطي إلى أن الاقتصاد التركي تلقى دعما لافتًا من روسيا هذا الصيف عبر تدفقات مالية بلغت حوالي ٥ مليارات دولار في الوقت الذي شجعت فيه موسكو مواطنيها على السياحة في تركيا دعمًا لاقتصادها.
وأوضح معطي بأن أوجه الدعم الروسي للاقتصاد التركي في الآونة الأخيرة تراوحت ما بين تدفقات مالية واستثمارات مباشرة وغير مباشرة تركزت في القطاع العقاري ثم الطاقة بالإضافة إلى نقل بعض المصانع الروسية وخطوط الإنتاج.
ولفت معطي الى أن هذا الدعم الروسي للاقتصاد التركي ولحزب “العدالة والتنمية” الحاكم ليس بعيدا عن التفاهمات السياسية الأخيرة بين البلدين والمتمحورة بشكل أساسي حول تحييد تركيا قدر المستطاع عن مشاركة أكثر فاعلية لصالح الغرب في الحرب التي تجري في أوكرانيا وبقصد تشجيعها كذلك على التقارب من دمشق لا سيما وأن استراتيجيتها في هذا البلد قد فشلت فشلا ذريعًا والانتخابات على الأبواب وأي انفتاح سوري على تركيا قد يساعد أردوغان انتخابيًا.
معطي أكد أن السوريين يدركون جيدا المأزق الذي تمر به المنظومة الحاكمة في تركيا ورغبة أردوغان في قطف ثمار التقارب مع دمشق انتخابيا سواء كان هذا التقارب حقيقيًا أم تكتيكيا الأمر الذي يجعل السوريين غير مستعجلين على هذا الانفتاح وسيسيرون به على قاعدة خطوة مقابل خطوة التي تضمن لهم في النهاية تحقيق مطالبهم الأساسية المتعلقة بالانسحاب التركي من أراضيهم وحل التنظيمات الإرهابية التي أسسها أردوغان في إدلب وغيرها من المناطق التي يحتلها في سوريا.