التعديل الوزاري في لبنان… أرثوذوكسي: فتّش عن جعجع
صحيفة الأخبار اللبنانية:
يفترض بجميع الوزراء العونيين أن يعيدوا حساباتهم: يكفي أن يقول الوزير جبران باسيل لرئيسي الجمهورية والحكومة أن يستبدل فلاناً بعلتان حتى يمنع حرس مجلس الوزراء الأول من دخول السراي ويصبح الثاني وزيراً. هكذا «بشحطة قلم» من دون ثقة مجلس النواب أو أيّ أحد آخر. وما على الوزراء بالتالي سوى التحفّز للعمل بهدف البقاء في الحكومة
لا شيء أكيداً حتى الآن بخصوص نية الوزير جبران باسيل إجراء تغييرات في حصة التيار الوطني الحر الوزارية. لكن الأكيد أن المعلومة التي سرّبها النائب ألان عون في مقابلة قبل أيام تكاد تكون قد حققت غايتها. الأمر مطروح على طاولة البحث. وفي جلسة لتكتل التغيير والإصلاح قبل نحو أسبوعين، قال باسيل إن أداء بعض الوزراء مخيّب للآمال، وقد يضطر التيار إلى إجراء تعديل وزاري.
التقديرات العونية المختلفة تتراوح بين نية باسيل تغيير وزير واحد وثلاثة وزراء. فهناك ما يشبه الإجماع على أن التغيير في حال حصوله سيبدأ بوزير الاقتصاد رائد خوري، وثمة ضمن نواب التيار ومسؤوليه من يؤكد أنه سيتوسع ليشمل اثنين إضافيين هما وزير الدفاع يعقوب الصراف ووزير الدولة لشؤون مكافحة الفساد نقولا تويني. المشترك بين الثلاثة أنهم ينتمون إلى طائفة الروم الأرثوذوكس. وبحسب مصادر قريبة من باسيل، فإن أداء الوزراء الثلاثة، كلّ لأسبابه الخاصة، لم يكن كما توقعت منهم قيادة التيار. وبحسب المصادر، فإن حزب القوات اللبنانية تمكّن من اقتناص فرصة الحكومة، لتعزيز وضعه أرثوذوكسياً، على المستوى الشعبي، وعلى مستوى العلاقة بالكنيسة. ويرى عونيون أن التقدّم القواتي أرثوذوكسياً يجعل باسيل مندفعاً باتجاه حثّ الوزراء الأرثوذوكس على تفعيل العمل في وزاراتهم، أو اللجوء إلى استبدالهم. ويقول مقرّبون من رئيس التيار إن جعجع ينظر إلى «التقدم أرثوذوكسياً نظرة استراتيجية؛ فأيّ انقسام ماروني يرجّح إحدى كفّتيه الثقل الأرثوذوكسي».
أسباب أخرى دفعت باسيل إلى التلويح بطرح التعديل الحكومي، في حالة وزير الاقتصاد رائد خوري تحديداً؛ فمنذ تعيين خوري وزيراً، قيل إن مستشارة الرئيس، ابنته ميراي عون، هي من كانت تقف خلف توزيره خلافاً لرغبة باسيل. وقد بقي توزيره عصيّاً على الاستثمار، سواء داخل التيار الوطني الحر أو انتخابياً في إحدى الدوائر. ومع تصاعد الحديث عن دوره في مصرف «سيدروس» الذي كان خوري يرأس مجلس إدارته ويتولى منصب مديره العام، كان باسيل يراكم المآخذ عليه. وعندما نُشرت معلومات عن سعي «سيدروس» إلى الحصول على تحول مال عام إلى مال خاص به من خلال طلبه «هندسة مالية» من مصرف لبنان، قال باسيل كلاماً واضحاً، في خطاب علني، عن رفضه السماح لكل من يحاول تحصيل مكاسب خاصة باسم التيار الوطني الحر. ورغم أنه لم يسمّه، فإن كلام وزير الخارجية فُسِّر بأنه يستهدف وزير الاقتصاد. وتتردد في أوساط التيار أحاديث كثيرة عن عدم قيام وزارة الاقتصاد بدورها لناحية حماية المستهلكين والتدخل الطارئ في قضايا كثيرة تهمّ المواطنين وتشعرهم بأن هناك دولة مسؤولة عنهم.
المآخذ العونية على خوري لا تنسحب على زميليه تويني والصراف؛ فالأول وزير بلا حقيبة، ولا فريق عمل لديه. كذلك فإن عمله غير مدعوم بنصوص قانونية تحوّل مكتبه إلى وزارة «تفتيش» و«تحقيق». وأيضاً فإن غالبية ملفات الفساد يغطيها شركاء التيار الوطني الحر في الحكم.
أما الصراف فمشكلته، بنظر الباسيليين، تنحصر في وجود خلاف بينه وبين قائد الجيش، من دون أن تتضح صورة هذا الخلاف. أما مآخذ بعض النواب والمسؤولين العونيين عليه، فمتصلة بكونه لا يُسهّل منح المناصرين والمحازبين تراخيص حمل سلاح. وقد مرّت علاقة باسيل بالصراف ببعض البرودة، لكن لا شيء يوحي أبداً أن هناك استياءً باسيلياً منه أو تراكماً للملاحظات السلبية. وقد بادر الصراف إلى الإعلان في أكثر من مناسبة أخيراً أن مرشح التيار الوطني الحر إلى الانتخابات النيابية في عكار عن المقعد الأرثوذوكسي هو أسعد درغام، قاطعاً الطريق على من يسعون إلى تحريض باسيل عليه باعتباره يستفيد من موقعه الوزاري شخصياً بدل أن يفيد التيار.
وإضافة إلى كل ما تقدّم، ثمة حسابات انتخابية مباشرة لدى قيادة التيار. فحين جرى تأليف الحكومة الحالية، لم تكن الانتخابات حاضرة في الحسبان كما هي اليوم. أما الآن فيجد التيار الوطني الحر نفسه بحاجة ماسة إلى مرشح أرثوذوكسي قوي في كل من الأشرفية، المتن الشمالي، الكورة، عاليه وعكار.
وفيما تؤكد مصادر التيار الوطني الحر أن الأمر مطروح على جدول أعمال باسيل، لكن من دون حسم وجهته، جزمت مصادر القصر الجمهوري لـ«الأخبار» بأن التعديل لن يمرّ. بدورها، نفت مصادر تيار المستقبل لـ«الأخبار» أن يكون الحريري يفكّر في إجراء تعديل على حصته الوزارية. ويبقى أكيداً، ختاماً، أن تسريب النائب ألان عون للخبر جعل الكثير من الوزراء ــ لا وزيراً واحداً أو اثنين أو ثلاثة ــ يراجعون حساباتهم ويبحثون عمّا يسعهم فعله للبقاء على كراسيهم. ولعل هذا هو كل المطلوب من وراء التسريب العونيّ.