التعاون الإيراني السعودي يرفع منسوب هواجس «إسرائيل»
جريدة البناء اللبنانية-
رنا العفيف:
التقارب الإيراني السعودي يشكل قلقاً كبيراً بالنسبة لـ «إسرائيل»، لا سيما أنها تتابع مراحل التطور في العلاقات بين البلدين، كيف ستتعامل تل أبيب وواشنطن من خلفها مع هذا الواقع الإقليمي الجديد؟ وهل فعلاً تشعر «إسرائيل» بالخيبة؟
جاءت أصداء زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إلى جدة، واللقاء الذي جمعه مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وما صدر عنه من مواقف، حيث لم يخفِ المسؤولون الإسرائيليون قلقهم من هذه الإنفراجات في العلاقة الإيرانية ـ السعودية، لا سيما التوجّس مما حملته زيارة عبد اللهيان من رسائل ودلالات، دفعت الإعلام الإسرائيلي إلى التعجّب من الحديث عن التطبيع الإسرائيلي مع السعودية،
فيما الإيراني انضمّ إلى كلّ جهة ممكنة في الشرق الأوسط، ووفق معلقين إسرائيليين قالوا إنّ وزير الخارجية الإيراني يستحقّ جائزة عن أعماله لمصلحة دولته، ما يفضي بأنّ «إسرائيل» تخوض معركة ملتهبة في ظلّ تطور العلاقات الثنائية بين السعودية وإيران، وهذا يزيد الأمور تعقيداً من وجهة نظر الإسرائيلي الذي يطارد هذه العلاقة، وبالتالي قد تكون هناك خيبة أمل حقيقية لـ «إسرائيل» من هذة التفاهمات الإيرانية السعودية، التي تأتي على عكس ما تتوقعه «إسرائيل» وتتوهّم كتحصيل حاصل أنها حققت خطوة في موضوع التطبيع مع السعودية، لا سيما أنها تنتظر البشارة من الإدارة الأميركية بهذا الأمر.
اللافت أيضاً أنّ هناك أصواتاً تعلو لدى الخبراء الإسرائيليين تقول إنّ على «إسرائيل» أن تعيد النظر في مفهومها حول المشروع النووي الإيراني، وأنّ عليها أن تفهم أنّ قضية القضاء على المشروع النووي الإيراني، وعزل إيران لم تعد واردة، ويجب أن نبحث عن أجوبة جديدة في هذا الشأن، أيّ أنّ هذا يرتبط بفشل خطط لحقبة أو منظومة كاملة إن صحّ التعبير عبر الزمن…
وفيما كانت «إسرائيل» تنتظر الجائزة التي كان من المفترض أن يحملها مسؤولون أميركيون وهي متعلقة بفتح علاقة لأول مرة في التاريخ بين تل أبيب والرياض وهي العدو الأول في المنطقة، كانت إيران تخطو خطوتها الكبيرة في مجال التقارب بينها وبين السعودية، وهنا الحديث عن فشل تل أبيب في مكان آخر، ما يفيد بأنّ السياسة الأميركية والإسرائيلية فشلت بالإشارة إلى ما يسمّى بـ «اتفاقات ابراهام»، وسقط بالتقادم مع محاولة بناء تحالف جديد في المنطقة مناهض لإيران، أيّ تحالف بين «إسرائيل» والأنظمة الخليجية، وبالتالي يبدو الواقع الإسرائيلي بائساً وقد نشهد تبعات لهذا الواقع الإقليمي الجديد، على خلفية العلاقات الإيرانية السعودية الإيجابية.
فكانت التقديرات للتطبيع مع السعودية و»إسرائيل» تأتي ضمن سياق الخصومة والعداء بين السعودية وإيران، أيضاً بُنيت التقديرات على التطبيع على سهولة ربما حصول «إسرائيل» على صفقات تطبيع مريحة عبر إدارة ترامب سابقاً، وبالتالي السعودية هنا أصبح التطبيع معها قد يكون أسهل بناء على التجارب السابقة، ولكن ما جعل السعودية تفرمل واقعها السياسي وترفع سقف مطالبها مع «إسرائيل» هو تململ واشنطن من المنطقة وهي تراقب التجربة الأميركية، فكان الأفضل لها هو أن تتعامل مع إيران لكي تقوم ربما بتطويق التهديد والخطر، بدلاً من أن تبادر أميركا بذلك في ظلّ معاقبتها، لأنّ أميركا تتعامل مع السعودية على أنها دولة معزولة، والآن تبدّل سلوكها، وبالتالي واشنطن و»إسرائيل» ما زالتا تتعاملان مع السعودية بمفاهيم قديمة، وهما لا تستوعبان حجم التحوّلات التي طرأت في المنطقة وفي الإقليم، ولم تستوعبا أيضاً أنّ السعودية اليوم باتت في موقع القوة في علاقاتها مع إيران…
لذلك ربما السعودية تلعب لعبة أخرى تكشف من خلالها نقاط القوة في موقع تموضع علاقاتها مع إيران ودول الجوار لنقل، وتريد إيصال رسائل لـ «إسرائيل» مفادها أنها تركز على التعاون والتبادل التجاري وإلى ما ذلك، واللافت أيضاً الرسالة التي تحمل رمزية كبيرة تتماشى مع الشروط التي وضعتها مع أميركا في قضية التطبيع مع «إسرائيل»، هي الرسالة الحقيقية التي انطلقت من قاعة المؤتمر والتي أطلق عليها قاعة القدس، فكانت الرسالة مرتبطة بالقضية الفلسطينية، ما يشي بأنّ السعودية في موقع أقوى في مواجهة «إسرائيل».