التخبط داخل الكيان يتفاقم.. والدراسات تحذّر من قرب الزوال
موقع العهد الإخباري-
شارل أبي نادر:
ذكر تقرير لمعهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي أنّ الأزمة الداخلية الإسرائيلية المتنامية عززت اعتقاد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أنّ كيان الاحتلال يقترب من نهايته كما عززت ثقته بأنّ حزب الله سيكون قادرًا على تحدّيه.
وأضاف التقرير أنّ هذه الأزمة الداخلية والاحتجاجات الواسعة، تُقنع الأمين العام لحزب الله بقدرة الحزب على ردع الاحتلال ومواجهته في حال حدوث صراع عسكري، مستشهدًا باستعارته السابقة لمصطلح بيت العنكبوت فيما يتعلق بالداخل الإسرائيلي، ليعلن أنّ “إسرائيل” على شفا “حرب أهلية”، وأنّها تقترب من نهايتها.
أهمية هذا التقرير وحساسيته أنه صادر عن معهد دراسات الأمن القومي لدى الكيان الذي يكون له بالعادة تأثيرٌ كبير لدى متخدي القرار الإسرائيلي، لناحية اجراءات الحماية والأمن داخل الكيان، أو لناحية القرارات الاستثنائية المتعلقة بالعمليات الخاصة، السرية منها أو العلنية التي تعترف بها سلطة الكيان، إذا كانت داخل الأراضي المحتلة أو خارج فلسطين بالكامل.
أيضًا، تقارير المعهد المذكور عادة ما يُعتَمَد عليها بشكل كبير لتقدير الموقف المولِّد للقرار، ولكنها ليست ملزمة لحكومة الكيان، حيث ينحصر القرار النهائي بخلية الحكومة الأمنية المصغرة، والتي أصبح عددها، وللمفارقة، باقتراح سابق من نتنياهو نفسه عام 2013، 7 وزراء بدل 15 وزيرًا، وحيث تتضمن هذه الحكومة المصغرة: وزراء الحرب والمالية والأمن الداخلي والعدل والاقتصاد والتجارة والاتصالات بالاضافة للوزير المسؤول عن الجبهة الداخلية، فإنها تجمع المسؤولين مباشرة عن كل المرافق الحساسة والمؤثرة في الكيان عند أية أزمة أو خطر.
عمليًا، ربط التقرير ولو بطريقة ضمنية بين ما تعيشه اليوم “إسرائيل” من أزمة خطيرة وانقسامات سياسية وحزبية واتهامات متبادلة على خلفية التعديلات القضائية التي يسعى نتنياهو لتمريرها رغم المعارضة الواسعة والشرسة لها، وبين المسار الذي وصل اليه مستوى الردع بينها وبين حزب الله، مع اعتراف مُعدِّيه بتفوق حزب الله عليها في هذا المجال، ليخلص إلى شعور شبه مؤكد أو إلى استنتاج واضح، بصحة نظرية السيد نصر الله، بأن الكيان أوهن من بيت العنكبوت، وبأن مصيره الزوال.
الشق الأول من التقرير، تضمن اضاءة واضحة على الوقائع التي تحصل حاليًا على الساحة الاسرائيلية، وتوصيفًا دقيقًا لحقيقة الوضع الصعب الذي يعيشه اليوم الكيان، بالاضافة لاشاراته ولاستنتاجه للنقاط التالية:
١- لناحية الأخطار الأساسية من داخل الأراضي المحتلة وتحديدًا من غزة ومن الضفة الغربية، حيث فاجأته الأخيرة كساحة ملتهبة اليوم بما تحمله من نقاط ارتكاز للمقاومة الفلسطينية، وصدمته بامكانيات فتيانها ورجالها، وذلك بعد أن أثبتت قدرتها على التأثير والضغط عليه من حيث لم يكن يتوقع.
٢- لناحية المواجهة الحساسة حاليًا مع حزب الله بما تحمله من عناصر اشتباك غامضة وخطيرة، من جهة على مستوى الردع الذي نجح في فرضه على “اسرائيل”، ومن جهة أخرى على مستوى تنامي قدراته وتوسعها.
٣ – لناحية الضياع الذي يعيشه الكيان في موضوع القرار الذي عليه اتخاذه بمواجهة إيران، حيث يرى أن قدراتها النووية وصلت الى المستوى الذي يضعها – ساعة تقرر – في مصاف الدول النووية، بالاضافة طبعًا لما يرى فيه خطرًا داهمًا، في قدراتها التقليدية، وخاصة في المسيّرات، والتي تابعت بعض النماذج والامكانيات منها في الحرب بين روسيا والغرب الأطلسي في أوكرانيا.
أما لناحية الشق الثاني من التقرير، والذي من المفترض حسب المنهجية المعتمدة أيضًا في هذه الدراسات أن يتطرق التقرير خلالها الى الاستنتاج والتوصيات المقترحة للخروج من هذا الوضع، فقد تهرب معدّو التقرير من الإشارة إليها بصراحة، وذلك بسبب خطورتها وحساسيتها أولًا، وبسبب عدم تأكدهم من جدواها في ظل هذا الغموض الذي يلف حقيقة مستوى القدرة على امكانية اتخاذ القرار الذي كان عليهم أن يوصوا باتخاذه.
دائمًا كانت تقارير معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي تخفي وراءها ايعازًا معينًا للسلطة داخل الكيان، وطالما كانت الأخيرة تأخذه بجدية غير بسيطة. فهل يمر هذا التقرير مرورًا خفيفًا دون أن يلتفت اليه المعنيون داخل أروقة القرار في الكيان، أم يؤخذ على محمل الجد ويكون إما بمثابة رسالة تحذير لنتنياهو لردعه عن أي عمل متهور يرى أغلب المتابعون أنه اقترب من اتخاذه مُرغماً، وإما حافزًا يدفعه للهروب إلى الأمام عبر عمل عسكري، أيضًا، يرى نتنياهو والكثير غيره أنه أصبح خيارًا وحيدًا لا بديل عنه؟
وبعيدًا عن التساؤلات حول ماهية قرار نتنياهو، فإن المؤكد الوحيد حتى الساعة هو أن هناك قرارًا مفصليًا أصبح عليه أن يأخذه، وقريبًا جدًا.