البنك الدولي: توقعات متشائمة لمعدلات نمو الاقتصاد دولياً
موقع قناة الميادين-
إبراهيم علوش:
إذا لم تثبت صحة فرضية البنك الدولي، واستمر التضخم في التصاعد أكثر من المتوقع، فإن ذلك سوف يدفع المصارف المركزية نحو مزيدٍ من التشدد نقدياً، الأمر الذي سيسفر عن معدلات نمو اقتصادي أقل من التي توقعها البنك.
صدر هذا الأسبوع تقرير البنك الدولي “آفاق الاقتصاد العالمي” Global Economic Prospects، حاملاً توقعات بمزيدٍ من الركود التضخمي دولياً في العام الجاري والذي يليه، مع احتمال ازدياد الحال تدهوراً إذا تفاقمت أزمات المصارف في الدول المتقدمة، ومع احتمال تفاقم ذلك التدهور بصورةٍ أكبر إذا انتشرت أزمات المصارف عالمياً.
بنى تقرير البنك الدولي توقعاته المتشائمة إذاً على فرضية مفادها أن أزمات المصارف في الدول المتقدمة لن تتفاقم، كما بناها على فرضية أخرى أيضاً هي أن تباطؤ معدلات النمو الاقتصادي عالمياً، والسياسات النقدية الانكماشية التي تتبعها المصارف المركزية في الدول المتقدمة، سوف تهدّئ روع التضخم. فإذا لم تثبت صحة تلك الفرضية أيضاً، واستمر التضخم في التصاعد أكثر من المتوقع، فإن ذلك سوف يدفع المصارف المركزية نحو مزيدٍ من التشدد نقدياً، الأمر الذي سيسفر عن معدلات نمو اقتصادي أقل من التي توقعها البنك الدولي، كما قال في تقريره.
الفيصل هنا هو معدل التضخم الأميركي الذي يحدد بوصلة الاحتياطي الفيدرالي بخصوص معدلات الفائدة. فإذا لم ينخفض التضخم أميركياً، فإن معدلات الفائدة الأميركية مرشحة لمزيد من التصاعد من أجل كبح جماحه. وكان معدل ارتفاع الأسعار أميركياً حلّق إلى 9.1% في حزيران/يونيو 2022، ليتدرج هبوطاً في الأشهر التالية، كما يدل المؤشر العام، حتى انخفض إلى 4.9% في نيسان/أبريل الفائت، على أساس سنوي.
كان يُفترض أن يكون هذا خبراً جيداً، بما أن معدل الفائدة الأميركي ذو أثرٍ مزلزلٍ في الاقتصاد العالمي (انظر “معدلات الفائدة الأميركية كرافعة للهيمنة العالمية”)، إلّا أن معدل التضخم الأميركي ما برح حالياً أعلى كثيراً من معدله طويل المدى، والبالغ 2.47% آخر 20 عاماً، وأعلى من الـ 2% التي حددها الاحتياطي الفيدرالي سقفاً لمعدل ارتفاع الأسعار، وهذا يعني أن مزيداً من رفع معدلات الفائدة الأميركية ربما يتلطى في الأفق.
اقرأ أيضاً: معدلات الفائدة الأميركية كرافعة للهيمنة العالمية: إلى متى؟
ليس كل شيء على ما يرام هنا إذاً، لأن معدل التضخم الأميركي لمّا ينخفضْ بعدُ إلى المستوى المتوخى أميركياً، ولأن ارتفاع معدل الفائدة الأميركي:
أ – يرفع تكلفة الاقتراض دولياً للاقتصادات الصاعدة والنامية.
ب – يدفع رؤوس الأموال إلى الهجرة من عملات الدول النامية والصاعدة، الأمر الذي يقلل توافرها للاستثمار محلياً ويضعف النمو الاقتصادي وعائدات الدول، ويضرب العملة المحلية بموجب قانون العرض والطلب.
ج – يجعل خدمة الديون السابقة المسحوبة بالعملة الصعبة أكثر صعوبةً، لأن دفع القسط أو الفوائد ذاتها على دين بالدولار الأميركي يصبح في حاجة الآن إلى عملة محلية أكثر، بالضبط حين تبدأ إيرادات الدول النامية والصاعدة تتقلّص.
د – يجبر الاقتصادات النامية والصاعدة على الرقص على إيقاع نغم الاحتياطي الفيدرالي، الذي يحدد نبضه الوضع الداخلي الأميركي، لا العالمي. فإن رفعت الدول النامية الفائدة دفاعاً عن عملاتها الوطنية، وخوفاً من زيادة عبء خدمة دينها الخارجي، فإن ذلك يعني إدخال اقتصاداتها في أتون الركود، بينما تحاول الخروج من عواقب أزمة كوفيد 19، اقتصادياً واجتماعياً.
تتفاقم أزمة الديون العالمية نتيجة ذلك كله إذاً، وخصوصاً في الدول منخفضة الدخل، ولا يعود من المفاجئ أن تزداد حالات التعثر عن تسدد الديون دولياً كلما رفع الاحتياطي الفيدرالي معدل الفائدة الأميركي، منذ سبعينيات القرن الـ 20 وثمانينياته.
وها هي تلك الأزمة تتجدد اليوم. ولا مخرج من حلقة الديون المفرغة هذه إلا عبر فكّ الارتباط بالدولار الأميركي وبعملات الدول الإمبريالية. لكنّ ذلك لا يتحقق عبر القفز الحر في الفراغ، بل يتطلب قراءة دقيقة لخريطة الاقتصاد الدولي وقوانينه، كما حاولتُ أن أظهرَ في أكثر من مادة في “الميادين نت”.
قراءة في إحصاءات تقرير البنك الدولي الأخير
بالعودة إلى تقرير البنك الدولي وتوقعاته الاقتصادية لبقية عام 2023 وعام 2024، يشار إلى أنه:
أ – قُدّر معدل نمو الاقتصاد الدولي بـ 2.1% لعام 2023، وبـ 2.4% لعام 2024، وبـ 3% لعام 2025، مقارنةً بمعدل نمو بلغ 3.1% عام 2022، و6% عام 2021. تعني هذه الأرقام أن معدل النمو الاقتصادي يتباطأ، وأن الاقتصاد الدولي يدلي قدميه في مستنقع الركود، وإن لم يغرق فيه تماماً بعد.
ب – رفَعَ معدل النمو المتوقع لعام 2023 من 1.7% في تقرير البنك الدولي السابق، المنشور في كانون الثاني/يناير الفائت، إلى 2.1%، أي بزيادة 0.4%. يعود ذلك إلى أن أداء اقتصادَي الولايات المتحدة ومنطقة اليورو سيكون أقل سوءاً بقليلٍ مما كان متوقعاً، أي 1.1% للاقتصاد الأميركي بدلاً من 0.5%، و0.4% لمنطقة اليورو بدلاً من صفر مكعب من النمو لعام 2023. أما الاقتصاد الياباني فكان يتوقع أن ينمو بمعدل 1% كاملة، جرى تخفيضها في التقرير الجديد إلى 0.8%.
ج – توقَّع أن ينمو اقتصادا الصين وروسيا بمعدلٍ أعلى، واقتصاد البرازيل أعلى قليلاً، واقتصاد الهند أقل قليلاً، مما كان يتوقعه البنك الدولي بداية العام الجاري. والحصيلة هي رفع معدل النمو العالمي المقدر لعام 2023 من 1.7% إلى 2.1%. والرافعة الكبرى للنمو العالمي هنا طبعاً هي الصين التي يتوقع أن ينمو اقتصادها عام 2023 بمعدل 5.6%، بدلاً من 4.3%، بعد رفعها قيود كوفيد 19، وخصوصاً أن معدل النمو العالمي هو وسطٌ مرجحٌ بحجم اقتصادات الدول إلى الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
د – اعترفَ بأن الاقتصاد الروسي سينكمش بمقدار 0.2% فقط، لا بمقدار 3.3%، كما قال التقرير السابق للبنك الدولي. وهذا مهم، لأنه اعترافٌ من مؤسسة غربية مرموقة، لا يمكن رميها بالتعاطف مع روسيا، بأن الاقتصاد الروسي يتأقلم بنجاح مع منظومة العقوبات الغربية.
هـ – خفّضَ معدل النمو المتوقع للاقتصاد الدولي لعام 2024 من 2.7% إلى 2.4%، بفعل السياسات النقدية الانكماشية التي يجري اتباعها في الاقتصادات المتقدمة، وهي سياسات يمكن أن تزداد تشدداً إذا لم ينخفض معدل التضخم الأميركي إلى المستوى المحدد من طرف الاحتياطي الفيدرالي، كما سلف.
و – عزّزَ ما ذهبنا إليه في مادة (لوحة اقتصادات الدول: حصاد 2022)، من أن ميزان القوى الاقتصادي يميل بالتدريج مع البريكس والاقتصادات الصاعدة، التي تزداد أحجامها بالتدريج كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وبالنسبة إلى الاقتصادات المتقدمة.
اقرأ أيضاً: لوحة أحجام اقتصادات الدول: حصاد 2022
يشار هنا إلى أن متوسط معدل النمو المتوقع في تقرير البنك الدولي للاقتصادات المتقدمة عام 2023 يبلغ 0.7%، صعوداً من 0.2% كانت متوقعة بداية العام الجاري، في حين أن معدل نمو الاقتصادات الصاعدة والنامية ككل هو 4%. يتعزز ذلك الاتجاه عام 2024، بحسب تقرير البنك الدولي ذاته، والذي يقدر معدل نمو الاقتصادات المتقدمة عند 1.2%، في مقابل معدل نمو يبلغ 3.9% للاقتصادات الصاعدة والنامية ذلك العام، أو لأهمها بالأحرى.
يعني ذلك، بأبسط تعابير ممكنة، أن اقتصادات الجنوب والشرق ستكبر بمعدل أكبر من معدل نمو الاقتصادات المتقدمة خلال الأعوام الثلاثة المقبلة على الأقل، بحسب تقرير البنك الدولي. يعني هذا بدوره أن نسبة أكبر من الناتج المحلي الإجمالي عالمياً سوف تنسب إلى الجنوب والشرق، بكل ما يحمله ذلك من أبعاد اقتصادية وسياسية، وحتى عسكرية.
يُتوقع في هذا السياق أن تكون منطقة شرقي آسيا وجنوبيّها قاطرة الاقتصاد العالمي عام 2023. وتبرز في الصدارة هنا معدلات نمو دولٍ مثل الهند (6.3%)، والصين (5.6%)، وبنغلادش (5.2%)، وإندونيسيا (4.9%)، ومصر، غير الآسيوية جغرافياً، (4%)، وتايلند (3.9%)، كدولٍ ستحقق معدلات نمو مرتفعة نسبياً في المستقبل القريب. بناءً عليه، يتوقع أن تصبح ملامح الاقتصاد الدولي أكثر فأكثر آسيويةً.
تقارير غربية أخرى تعزز الاستنتاجات ذاتها
يشار إلى أن تقريراً آخر صدر عن صندوق النقد الدولي في نيسان/أبريل الفائت، بعنوان World Economic Outlook Projections، يعزز الاستنتاجات العامة ذاتها التي ذهبنا إليها أعلاه، وإن تباينت بعض إحصاءاته قليلاً.
يضع صندوق النقد الدولي توقعاته لمعدل نمو الاقتصاد الدولي مثلاً عند 2.8% لعام 2023، وعند 3% لعام 2024، في حين يضعها البنك الدولي عند 2.1% و2.4% بالتوالي، كما رأينا أعلاه. أما تقديرات صندوق النقد الدولي لمتوسط معدل النمو في الاقتصادات المتقدمة عامي 2023 و2024 فهي 1.3% و1.4% على التوالي، في حين يضعها البنك الدولي عند 0.7% و1.2% كما رأينا أعلاه.
لكنّ تقديرات صندوق النقد الدولي لمعدل نمو الاقتصادات الصاعدة والنامية يظل أعلى كثيراً أيضاً من تقديراته لمعدل نمو الاقتصادات المتقدمة، عند 3.9% و4.2% على التوالي، في حين يضعها البنك الدولي عند 4% و3.9%.
ويضع صندوق النقد الدولي معدل نمو الصين في عام 2023 عند 5.2%، في حين يضعه البنك الدولي عند 5.6%.
ويضع صندوق النقد الدولي معدل نمو الهند عام 2023 عند 5.9%، في حين يضعه البنك الدولي عند 6.3%.
من الواضح إذاً أن تقديرات صندوق النقد الدولي أعلى قليلاً بالنسبة إلى الاقتصادات المتقدمة، وأقل قليلاً بالنسبة إلى الاقتصادات الصاعدة، لكنها تكرس الاتجاه ذاته، وهو: ركودٌ نسبيّ في الاقتصادات المتقدمة في العام الجاري والذي يليه، مع معدل نمو أعلى للاقتصادات الصاعدة مقارنة بالمتقدمة.
للأمانة، يُذكر أن تقدير صندوق النقد الدولي لمعدل نمو الاقتصاد الروسي عام 2023 بلغ 0.7%، وهي نسبة أعلى مما قدره البنك الدولي في هذه الحالة، وهو – 0.2 (سالب)، وهو اعتراف أقوى بأن روسيا تتأقلم مع الحرب الاقتصادية التي يشنها الغرب عليها بصورةٍ جيدة. ويمكن أن نعزو تباين الإحصاءات بين الصندوق والبنك الدوليين إلى اتباع منهجيتين متباينتين، إذا أردنا تفسير الفوارق من بوابة علم الإحصاء التحليلي، كما يمكن أن نعزوها إلى تحيز سياسي مسبق كان لا بد من توريته برفع معدلات نمو روسيا، ولا بد من أن تكون الحقيقة في مكانٍ ما بين التفسيرين.
لا يخرج تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD، التي تمثل الدول الغربية وتلك الدائرة في فلكها، عن الاستنتاجات العامة الواردة أعلاه، على رغم اختلاف بعض إحصاءاته أيضاً.
صدر تقرير منظمة الـ OECD في 7/6/2023 تحت عنوان OECD Global Outlook. يتوقع ذلك التقرير نمواً عالمياً بمعدل 2.7% في عام 2023، و2.9% في عام 2024، أي عند مستوى أقل مما قدره صندوق النقد الدولي وأعلى مما قدره البنك الدولي.
وهو يضع معدل نمو دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في هذين العامين عند 1.4% ثابتة، أي عند مستوى قريب مما قدره البنك الدولي، يظل أقل كثيراً من معدل النمو عالمياً، لكنه يضع معدل نمو الصين عند 5.4%، ومعدل نمو الهند عند 6%، أي أقل قليلاً مما قدره البنك الدولي معدلاً لنمو هاتين الدولتين عام 2023. أما معدل النمو الروسي، فيضعه تقرير الـ OECD عام 2023 عند – 1.5% (بالسالب)، أي أقل من تقريرَي البنك وصندوق النقد الدوليين كثيراً، الأمر الذي يثير الشك في صدقية تلك الأرقام بصراحة، وما إذا كانت منحازة سياسياً، لأن مع رفع معدلات نمو الاقتصادات المتقدمة، وتخفيضها معدلات تلك الصاعدة والنامية بـ”صورةٍ معقولةٍ”، لا تعود ثمة حاجة إلى ممارسة التورية.
يضاف أن فئة الـ OECD تضم 38 دولة، فيها الدول الغربية، ومنها أستراليا ونيوزيلندا في أوقيانيا، وفيها كوريا الجنوبية واليابان شرقي آسيا، كما فيها الكيان الصهيوني وتركيا غربي آسيا، وبلدانٌ أوروبية مثل سويسرا والنرويج وبريطانيا غير منضوية في الاتحاد الأوروبي، وعددٌ من دول أميركا اللاتينية، مثل المكسيك وتشيلي وكولومبيا وكوستاريكا. وهي نقطة نسوقها هنا لأنها تعزز فكرة أن الاقتصادات الأكثر ارتباطاً بالدولار في هذه المرحلة ستكون الأقل نمواً.
يُذكر أن التقارير الغربية، بصورة عامة، تعزو تباطؤ النمو الاقتصادي عالمياً إلى 3 عوامل تتلخص في الأثر الاقتصادي لـ:
أ – كوفيد 19.
ب – الأزمة الأوكرانية، وخصوصاً في أسواق حوامل الطاقة والمعادن والغذاء.
ج – سياسات التشدد نقدياً، من أجل مكافحة التضخم الناتج، بحسب تلك التقارير، من الأزمة الأوكرانية.
أما كوفيد 19، فإن معدلات النمو المرتفعة نسبياً عام 2021 تُظهر أن أثره راح يخفت قبل عامين، ولو أن الأزمات في بعض سلاسل الإمداد استمرت بعده، وخصوصاً ذات المنشأ الصيني.
لكنّ الصين رفعت قيود كوفيد 19 في الشهر الأخير من عام 2022. العبرة إذاً في الأزمة الأوكرانية. يشار هنا إلى أن كل التقارير الدولية أعلاه تلوم روسيا على الأزمة الاقتصادية، التي انتابت الاقتصاد الدولي عام 2022، متجاهلةً أن حرب الغرب الاقتصادية على روسيا، والتي أبرزت دور روسيا المفصلي في تزويد العالم بحوامل الطاقة والمنتوجات الزراعية والمعادن، أدّت دوراً رئيساً في اندلاع أزمة التضخم بالترافق مع زيادة الطلب دولياً على المواد الخام، مع خروج الاقتصاد الدولي من أزمة كوفيد 19.
لا بد من التفكير إذاً في أن رفع معدلات الفائدة، والسياسة النقدية المتشددة من لدن الاحتياطي الفيدرالي، كان لهما أثر جيوسياسيّ بارزٌ ومتفرعٌ من تخفيض أسعار المواد الأساسية مع تباطؤ معدلات النمو الاقتصادي عالمياً، الأمر الذي تضررت منه روسيا بالذات، كونها من أهم مصدريها. فهل أدّى ذلك دوراً في اتخاذ قرارات رفع أسعار الفائدة الأميركية بصورةٍ متتالية؟
لا نحسم الشك باليقين في تلك المسألة، لكنها فرضية تحتاج إلى دراسة بالضرورة.
ماذا يقول تقرير البنك الدولي عن الاقتصادات العربية إذاً؟
لم تكن روسيا وحدها المتضررة من تباطؤ معدلات النمو الاقتصادي عالمياً، وإنما تضررت معها إيران وفنزويلا والدول العربية بصورة عامة.
خفّض تقرير البنك الدولي توقعاته لمعدلات نمو الدول العربية كافةً بنسبٍ متفاوتة خلال عام 2023، مقارنةً بتقريره الصادر في بداية عام 2023. وكانت أغلبية الدول العربية شهدت معدلات نمو مرتفعة نسبياً عام 2022، ما عدا لبنان، الذي شهد تقلصاً في ناتجه الإجمالي، نسبته 2.6%، وليبيا، التي شهدت تقلصاً بمقدار 1.2%، وسوريا، التي تقلص ناتجها الإجمالي بنسبة 3.5% عام 2022.
يرى تقرير البنك الدولي أن معدلات النمو العربية لعام 2023 سوف تكون أقل من المتوقع سابقاً، لأن الدول النفطية والغازية تشهد انخفاضاً في أسعار صادراتها وفي الكمية التي تصدرها منها، إرادياً، في محاولة لرفع أسعارها، أو لاإرادياً، بحكم تباطؤ الاقتصاد العالمي والشتاء الدافئ بصورة غير معهودة، على النحو الذي مر على أوروبا.
أمّا الدول العربية غير النفطية، فحدّث ولا حرج طبعاً، من جراء مزيجٍ من ارتفاع معدلات التضخم، وأزمة توافر الدولار، والسياسات النقدية والمالية الانكماشية، التي اضطرت إلى تبنيها.
في جميع الأحوال، فإن الصورة هي كما يلي، بالنسبة إلى معدلات نمو الدول العربية عام 2023، في تقرير البنك الدولي:
وربما يكون بعض تلك الإحصاءات مسيساً طبعاً، وذا منحى تحريضي، لكن يُشار إلى أن تقدير البنك الدولي لمعدل نمو إيران عام 2023 مثلاً بقي ثابتاً عند 2.2% في تقريرَي البنك الدولي السابق والحالي. وربما تكون تلك لعبة تورية أيضاً أسوةً برفع أرقام روسيا أعلاه عندما يراد تقليل معدل نمو الاقتصادات الصاعدة والمستقلة.