البطاقة التمويلية.. متى سيبدأ الدفع للأسر؟
موقع العهد الإخباري-
فاطمة سلامة:
ماذا بعد انتهاء التسجيل على منصّة “IMPACT” للاستفادة من البطاقة التمويلية؟ هل سيتم اختيار كافة الطلبات التي سُجّلت؟ متى سيبدأ الدفع للأسر؟. أسئلة كثيرة يُردّدها المهتمون بالحصول على الدعم وسط ضبابية تُغلّف الملف. أصحاب الشأن والعاملون على خط البطاقة التمويلية أنفسهم لا يملكون إجابات شافية حتى الساعة. ثمّة مشكلة جوهرية قديمة ـ جديدة لم تُفك كافة ألغازها بعد تتعلّق بالتمويل، بانتظار الاجتماعات مع “البنك الدولي” لتتضح الصورة، وإلا فإنّ ما يقدم للمواطنين اليوم لا يعدو كونه “سمكًا في البحر” وإبرة “مورفين” لا تُسمن ولا تُغني من جوع.
مئات آلاف الأسر تُعلّق أملها على البطاقة التمويلية. يجد البعض في هذه البطاقة مدخولًا ولو بسيطًا للصمود، رغم قلّة المبلغ. ففي بلد بات فيه الفقر قاعدة وما عداه استثناء وسط اضمحلال للطبقة الوسطى، يتمسّك “الفقير الغريق” بقشّة كما يُقال وسط توسُّع شريحة الفقراء. الفقر أصبح يطال 74 بالمئة تقريبًا من مجموع سكان لبنان، وفق دراسة أعدّتها لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) قبل أشهر، ما يعني حُكمًا حاجة هؤلاء الى مساعدات توفّر لهم بالحد الأدنى “قوت يومهم”.
ولا يخفى أنّ ملف البطاقة التمويلية ومنذ إطلاقه خضع للكثير من المد والجزر. ثمّة ضبابية واضحة أحاطت بالملف منذ اللحظة الأولى للإعلان عنه. النيّة موجودة لدى الدولة لمساعدة الأسر الفقيرة، لكنّ الآلية بقيت “مشوّشة” خصوصًا لجهة التمويل وسط غياب مصادر محليّة تملكها الدولة، وتطلعات للاستفادة من قروض “البنك الدولي”.
والمفارقة، أنّه وبعد أيام من انتهاء مهلة التسجيل للاستفادة من المنصة لا تزال الصورة غير واضحة كما يجب. لدى سؤال أحد المعنيين مباشرة بملف البطاقة التمويلية عن الخطوات اللاحقة بعد التسجيل، يُبادر الى القول إنّ الأفق غير واضح حتى الساعة. ثمّة اجتماع سيُعقد مع وفد “البنك الدولي” خلال الساعات القادمة من المفترض أن تتضح الأمور قليلًا على إثره. ولمن لا يعلم، فإنّ مجلس النواب حين أقرّ قانون البطاقة التمويلية قبل أشهر ترك على عاتق الحكومة تمويلها من قروض “البنك الدولي” المخصّصة لمشاريع غير منجزة، لكن حتى الساعة ثمّة تفاصيل كثيرة لم تُحسم، يؤكّد عاملون في الملف.
شري: المشكلة الرئيسية التي تعاني منها الحكومة هي التمويل
عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب أمين شرّي ـ عضو لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية النيابية ـ يوضح أنّ المجال كان مفتوحًا للتسجيل على المنصة من الأول من كانون الأول/ ديسمبر 2021 حتى نهاية كانون الثاني/ يناير 2022، على أن يكون شهر شباط/ فبراير الحالي فرصة للتدقيق والتحقيق بكل الطلبات المُدرجة على المنصة والتي بلغت حدود 500 ألف طلب كبطاقة تمويلية. يلفت شري الى أنّ وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجار سبق أن أكّد أنّ الدفع التدريجي سيكون للعائلات الأكثر فقرًا بدءًا من الأول من آذار/ مارس 2022، لكن المشكلة الرئيسية التي تعاني منها الحكومة هي التمويل، وفق ما يؤكّد شري لموقع “العهد” الإخباري.
كل من يستوفي الشروط والمعايير من حقّه أن يكون من المستفيدين
ثمّة فكرة لوزير الشؤون الاجتماعية ـ يقول شري ـ تتمحور حول تأمين جزء من التمويل من احتياطي الموازنة لتغطية أشهر آذار/ مارس، نيسان/أبريل، وأيار/ مايو على أن تجري خلال الثلاثة أشهر مفاوضات مع البنك الدولي لإيجاد قرض لتغطية البطاقة التمويلية على مدار سنة. حصّة العائلة ستتراوح ما بين 100 و126 دولارًا أي بحدود الـ1300 دولار سنويًا. وهنا يلفت شري الى أنّه وفي المرحلة الأولى سيشمل الدفع نحو 150 الف عائلة، ولكن هذا ليس معناه أن لا يشمل المشروع بقية العائلات التي تستوفي الشروط. القانون يلحظ 500 ألف عائلة لبنانية، وعليه، فإنّ كل من يستوفي الشروط والمعايير من حقّه أن يكون من المستفيدين وبمفعول رجعي.
لتمويل جزء من احتياطي الموازنة
ويرى شري أنّ جلسات مناقشة الموازنة الدائرة حاليًا في مجلس الوزراء يجب أن تلحظ مسألة تأمين جزء من التمويل للبطاقة التمويلية، والا ثمّة إشكالية كبرى وخيبة أمل لكل من تسجّل اذا لم يكن هناك تمويل. هذا الأمر تتحمل مسؤوليته الحكومة ـ وفق قناعات شري ـ فالمجلس النيابي قام بواجباته القانونية والتشريعية وأصدر القانون، والحكومة يجب أن تذهب الى تنفيذه خاصة أنها وعدت الناس، والا لماذا فتحت المجال للتسجيل على المنصة من الأصل؟! يسأل شري.
البطاقة التمويلية يجب أن تكون من أولى الأولويات في موضوع الموازنة، يقول شري الذي يشدّد على أنّ مطلبنا كحزب الله ـ سواء من خلال وزارئنا في الحكومة أو نوابنا ـ أن تكون على رأس الأولويات نتيجة الأوضاع المعيشية الضاغطة. فكما قدّمت الحكومة تقديمات اجتماعية للقطاع العام، وكما ثمّة توجه اليوم لزيادة الحد الأدنى للقطاع الخاص برئاسة لجنة المؤشر، فإنّ من حق البعض على الحكومة والدولة الاستفادة من البطاقة التمويلية لأنها الحد الأدنى للصمود وليس للعيش.
أسئلة كثيرة تحتاج إجابات
ما يقوله شرّي لجهة أزمة التمويل، يؤكّده أحد المعنيين مباشرة بملف البطاقة التمويلية ويؤكّد أنّ ثمّة أسئلة كثيرة لا تزال تحتاج إجابات بانتظار الجلوس خلال الساعات المقبلة مع وفد “البنك الدولي” للإجابة عن بعض الأسئلة.
يستهل المتحدّث كلامه بالإشارة الى أنّه ومن أصل نحو 500 ألف طلب، ثمّة أكثر من 120 ألفًا تبدو بياناتهم غير مكتملة، ما يطرح السؤال حول ما اذا كانت الحكومة ستسمح لهؤلاء من جديد باستكمال بياناتهم. ويوضح المتحدّث أنّه سيتم اختيار 150 ألف طلب وفقًا للمعايير التي سبق أن وضعتها الحكومة، لافتًا الى أنّ ثمة زيارات ستنطلق في 17 شباط/ فبراير لمنازل الـ150 ألف عائلة الذين يتم اختيارهم لمقابلة الأسر والاطلاع على وضعها عن قرب عبر ثلاث شركات منها شركة “إبسوس”، ما يطرح علامات استفهام حول الشفافية والمصداقية والمعايير التي تمّ على أساسها اختيار الشركات، يضيف المتحدّث.
ويلفت المصدر الى عدم اجتماع لجنتين معنيتين مباشرة بالبطاقة التمويلية. برأيه، أسئلة كثيرة تُطرح حول عدم اجتماعهما ولا أجوبة واضحة ما يجعل مشروع البطاقة غير واضح لجهة كيف سيسير. كما ثمّة مشكلة أخرى تتعلّق بمسألة الدفع في حال سُرّع بملف التمويل. الدفع في آذار سيكون تباعًا لأن إتمام الزيارات لـ150 ألف عائلة يتطلّب ثلاثة أشهر ما يعني انتظار عائلات كثيرة دورهم ما يقلّل من فرص العدالة، وفق المتحدّث.
الصورة غير واضحة أبدًا ـ يختم المصدر ـ حديثه ويؤكّد أن لا آليات الاختيار ولا المعايير واضحة، وعليه فإنّ الكثير من الأمور يثير الشك والريبة والتساؤل.