«البريد العاجل»: عجز يستدعي الدعم الخارجي
صحيفة الأخبار اللبنانية ـ
ابراهيم الأمين:
لم يكن احد من المعنيين بالامن في لبنان يتوقع نهاية فعلية لمسلسل الارهاب. لكن تطورات كثيرة حصلت في لبنان وسوريا والعراق، شجعت الجهات المشغّلة للانتحاريين على الشروع في خطط جديدة، يبدو ان قسماً كبيراً منها اعدّ على عجل، واحتاج الى عناصر دعم بشرية من خارج الساحة اللبنانية. ولاحظت جهات متابعة انه مع انتقال عمليات الحدود اللبنانية ــــ السورية الى مرحلة «التنظيف» من حشود المسلحين الفارين من معارك مدن القلمون وبلداته، بادرت قوى ناشطة بين مسلحي سوريا الى اعادة تنظيم امورها، بطريقة تأخذ في الاعتبار انقطاع غالبية طرق التواصل البري بين سوريا ولبنان، وتتفادى جملة من الإجراءات الامنية والعسكرية التي قام بها الجيش اللبناني في اكثر من منطقة، ولا سيما في المناطق الحدودية بقاعاً وشمالاً.
وبحسب هذه الجهات، فإن أمر العمليات بشن مجموعة جديدة من الهجمات في لبنان، انطلق من ضرورة مواجهة النجاحات الامنية والعسكرية لحزب الله والقوى العسكرية والامنية اللبنانية. لكن ثُغَراً عملية بدت واضحة، من خلال الحاجة الى عناصر بشرية تختلف عن تلك التي استخدمت سابقاً. وهو ما دفع المشغلين في الخارج الى مدّ مجموعات لبنان بعناصر بشرية جاءت من الخارج، وتوزعت في الانتشار بحسب خطة امنية تجعلها غير مترابطة، وتتيح لها التفلت من المراقبة.
وتقول الجهات نفسها إن المراقبة التقنية التي تقودها جهات استخبارية عالمية، اتاحت الحصول على معلومات يمكن اعتبارها كافية لإطلاق عملية التعقب من جانب لبنان، وهو ما حصل وأدى الى اعلان الاستنفار الامني، بعد قرار هذه المجموعات توجيه ضربات الى الاجهزة الامنية، وليس فقط الى مناطق تعتبر مناطق نفوذ لحزب الله.
ولا تنفي الجهات وجود تعاون جدي من قبل الاجهزة الامنية الغربية، لكنها تعزو هذه الحماسة الى أنّ هذه الأجهزة انطلقت قبل مدة في عملية تعقب، لاعتقال وتوقيف «جهاديين عائدين» الى هذه الدول، الامر الذي ترافق مع توجه واضح لدى القوى التكفيرية التي تقف خلف هؤلاء، ولا سيما «داعش» واخواتها، بتوسيع نطاق العمل خارج الساحة السورية، والاستفادة من العناصر العائدة الى بلادها لتوفير خدمات حيث تقيم.
وقدرت الجهات المعنية ان سعي المجموعات الارهابية الى تنفيذ عدد غير قليل من العمليات الارهابية في لبنان، يستهدف ايضاً الاستفادة من زخم التعبئة المذهبية المرافق للحرب في سوريا، الذي تعزز بعد الاحداث الاخيرة في العراق، وأن لبنان يمثل ساحة مناسبة، وخصوصاً ان القوى الاسلامية تعلن بصورة دائمة انها في حالة قهر، ما يجعل قواعدها عناصر محتملة للمشاركة في هذه الاعمال، ويسمح كذلك باستخدام البيئة الخاصة بهذه الجماعات للقيام بعمليات لوجستية ضرورية.
وتلفت الجهات الى انه لا يمكن الجزم، حتى اللحظة، بتكون صورة واضحة وشاملة، وان المعلومات والتحقيقات لم تكشف المستور حول نقاط عدة حساسة، ابرزها امكنة الإعداد للانتحاريين وادواتهم، من سيارات واحزمة ناسفة، ولا الى الشبكة التي تدير هذه الشبكة العنقودية. لكن الجهات نفسها تلفت الى ارتباك واضح في عمل هذه المجموعات، ما يدل على ان هناك من يريد لها القيام بعمليات في وقت معين، وضد اهداف معينة، وهذا ما ساعد على كشف بعض الارهابيين، او تعطيل بعض اعمالها.
ومن المفيد في هذا السياق الاشارة الى ان مستوى التنسيق والتعاون بين الاجهزة الامنية المختلفة، يعكس حالة سياسية مختلفة بصورة كبيرة عن السابق. مع الاشارة الى ان جهاز الامن العام، يثبت حضوراً قوياً وجدياً، علماً أن قيادات رئيسية في هذه الجهاز صارت هدفاً مقرراً لهذه المجموعات.
في الخلاصة، برغم أن في الدولة من لا يريد إشاعة مناخات تهويل وخوف، إلا أن سلوك الأجهزة الأمنية على اختلافها، يعكس حالة القلق الحقيقي، من مسلسل قد لا تتم السيطرة على كل مفاصله خلال وقت قريب، وإن كان بالإمكان القول إن المجموعات الإرهابية فشلت، حتى الساعة، في تحقيق أي من غاياتها، سواء على صعيد الأهداف المباشرة، أو على صعيد خلق مناخات متوترة داخلياً.