البرنامج النووي الاسرائيلي ووقاحة الصمت الدولي والعربي
صحيفة الوفاق الإيرانية-
إيهاب شوقي:
في الوقت الذي ينشغل به العالم ببرنامج ايران النووي ويظل الحصار مطبقا وتظل العقوبات سارية، لا نجد من يتحدث عن البرنامج النووي الصهيوني والذي يعلم العالم بأكمله أنه من أكبر وأخطر المشروعات الذرية، وذلك بذريعة مضحكة، فحواها عدم اعتراف العدو الاسرائيلي علنا بامتلاكه للسلاح النووي!
ومما يزيد الأمر وقاحة، أن ثلاث دول من مجموعة خمسة زائد واحد، والتي قادت المفاوضات النووية مع ايران، تشارك العدو في جريمته المتمثلة بخداع العالم وعدم الانضمام لأي معاهدات وهي تعلم، بل وشاركت تاريخيا في هذا المشروع الصهيوني.
وهذه الدول تتمثل في امريكا وفرنسا وبريطانيا، وكل له دوره في التواطؤ والمساعدة العملية والفنية.
وهنا نلقي الضوء على ادوار هذه الدول كما يلي:
الدور الامريكي
مؤخرا وفي أثناء زيارة رئيس وزراء العدو الصهيوني لأمريكا، أكد الرئيس بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت مجدداً على التفاهمات الاستراتيجية بين الولايات المتحدة وإسرائيل فيما يتعلق بالبرنامج النووي العسكري الإسرائيلي غير المعلن خلال زيارة بينيت إلى البيت الأبيض ، وكشف ذلك موقع أكسيوس الأمريكي نقلا عن مسؤول إسرائيلي كبير اطلع على الاجتماع.
وقد أصبح هذا من الطقوس بالنسبة لكل رئيس أمريكي منذ ريتشارد نيكسون في أول لقاء له مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، حيث تلتزم الولايات المتحدة بعدم الضغط على (إسرائيل) للانضمام إلى معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية أو التخلي عن ترسانتها النووية، في مقابل موافقة (إسرائيل) على الإبقاء على “غموضها النووي” والامتناع عن أي تجارب نووية أو تهديد بضربة نووية.
تمت مناقشة التفاهمات الاستراتيجية لأول مرة بين نيكسون ورئيس الوزراء الإسرائيلي غولدا مئير في عام 1969، وفي ذلك الوقت كانت القدرة النووية الإسرائيلية قد تجاوزت نقطة اللاعودة.
وكرر الرؤساء فورد وكارتر وريغان وجورج أتش دبليو بوش وكلينتون تلك التفاهمات الشفوية في اجتماعاتهم الأولى مع نظرائهم الإسرائيليين.
وفي عام 1998، خلال مؤتمر واي ريفر للسلام المزعوم، طلب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من الرئيس بيل كلينتون تحويل التفاهم الشفوي إلى وثيقة مكتوبة.
وقد وافقت امريكا ووقعت على رسالة تعهدت فيها بأن الولايات المتحدة ستسمح لـ (إسرائيل) بالاحتفاظ بقدرتها على “الردع الاستراتيجي” بغض النظر عن أي مبادرة لمنع انتشار الأسلحة النووية.
وفي عام 1999، عندما حل إيهود باراك محل نتنياهو ، وقعت امريكا الرسالة مرة أخرى. وكذلك فعل الرئيس جورج دبليو بوش عندما عمل مع رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون.
وعندما تولى باراك أوباما منصبه في عام 2009 ، كانت حكومة نتنياهو قلقة من أنه سيضغط بشأن القضية النووية ، لكن أوباما وقع الرسالة خلال اجتماعهم الأول في مايو 2009، حسبما ذكرت صحيفة واشنطن تايمز بعد عدة أشهر.
أما دونالد ترامب فقد وقع الخطاب قبل اجتماعه مع نتنياهو في فبراير 2017.
دور بريطانيا
وثائق بريطانية سرية للغاية حصلت عليها بي بي سي نيوزنايت أظهرت أن بريطانيا أرسلت مئات الشحنات السرية من المواد المحظورة إلى (إسرائيل) في الخمسينيات والستينيات، وتمت الصفقة من خلال شركة نرويجية كواجهة، وتسمى Noratom ، والتي حصلت على عمولة بنسبة 2 ٪ على الصفقة.
دور فرنسا
مفاعل ديمونا هو عبارة عن مفاعل نووي إسرائيلي، بدء بالعمل ببنائه عام 1958 بمساعدة فرنسا، واستمر بنائه ما بين سنتي 1962 و1964.
وقبل ذلك كان هناك تعاونا تمثل في:
عام 1949 – دعوة علماء إسرائيليين للمشاركة في البرنامج النووي الفرنسي.
وفي عام 1957 – بدأ بناء منشأة ديمونة النووية بمساعدة فرنسية.
وفي عام 1960 – أول تجارب نووية فرنسية ، شارك علماء إسرائيليون جنباً إلى جنب مع الفرنسيين مع إمكانية الوصول إلى جميع بيانات الاختبار ؛ ثم قام شارل ديغول بفصل البرنامج الفرنسي عن الإسرائيلي .
الخداع الصهيوني
ومن المفارقات أن العدو يمارس خداعا لفظيا حتى على مستوى الكنيست، ففي 18 مايو / أيار 1966، قال رئيس الوزراء ليفي إشكول للكنيست إن “إسرائيل ليس لديها أسلحة ذرية ولن تكون أول من يدخلها إلى منطقتنا”، وهي السياسة التي أوضحها لأول مرة شمعون بيريز إلى الرئيس الأمريكي جون ف. كينيدي في أبريل 1963.
بينما في نوفمبر 1968، أبلغ السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة إسحق رابين وزارة الخارجية الأمريكية أن فهمها لـ “إدخال” أسلحة نووية يعني اختبارها أو نشرها أو الإعلان عنها، في حين أن مجرد حيازة الأسلحة لا يعني “إدخالها”!!!
وفي زلة لسان، صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت في مقابلة أجريت معه في كانون الأول /ديسمبر في العام 2006 أن إيران تطمح إلى “امتلاك سلاح نووي مثل أمريكا وفرنسا و(إسرائيل) وروسيا”، ثم عاد مكتبه ليقول ان التصريحات أخرجت من سياقها!!!
مبدأ بيجن
وقد سعت (إسرائيل) منذ فترة طويلة إلى تعطيل برامج خصومها النووية من خلال سياسة “الضربة الوقائية”، والمعروفة أيضاً باسم “مبدأ بيجن”.
وفي عام 1981، قصفت الطائرات الإسرائيلية المفاعل الذري العراقي في أوزيراك (العملية أوبرا) ودمرته، معتقدةً أنه كان ينشأ لأغراض أسلحة نووية. وفي عام 2007، قصفت طائرات إسرائيلية منشأة القبار النووية في سوريا للسبب نفسه.
وبدءاً من عام 2007، نفذ الموساد وفقا لتقارير المتواترة برنامج اغتيال لعرقلة الأبحاث النووية الإيرانية. ولم يؤكد كيان العدو ولم ينف ضلوعه في عمليات القتل.
وحاليا لا تزال “اسرائيل” تمارس الخداع ولفت الأنظار عن مشروعها الاجرامي توجيه الاتهامات الى مشروع ايران النووي وتقود معها امريكا والتي تعلم جيدا حجم هذا المشروع الصهيوني حملة العقوبات وتسير دول اوربية عل خطى امريكا بنفاق واضح رغم مشاركة تاريخية مع الكيان في مشروعه، والأسوأ من ذلك هو الصمت والعجز العربي والذي يصل للتواطؤ مع العدو والمشاركة في الحصار والانصياع للعقوبات على محور المقاومة بذريعة مشروع نووي هو حق لكل الشعوب الحرة التي تعمل للتنمية والاقتصاد المقاوم.
والسؤال هنا: الى متى الصمت عن المشروع النووي الاسرائيلي واين محله من العقوبات؟