البالونات الحارقة تؤرق “إسرائيل”.. ما هي رسالة غزة المحاصرة؟
صحيفة الوفاق الإيرانية:
في ظل التصعيد الإسرائيلي المتواصل، وفرض حصار خانق لتجويع سكان قطاع غزة المحاصر منذ سنوات، أُجبر نشطاء المقاومة الشعبية على توسيع عمليات إطلاق البالونات الحارقة وتطويرها، حيث تحدثت وسائل إعلام تابعة للعدو الصهيوني، عن اندلاع عدة حرائق في أحراش المستوطنات المحاذية لغزة، بفعل بالونات حارقة أطلقت من القطاع.
وقد اعتدنا على إطلاق مثل تلك البالونات الحارقة والمفخخة باتجاه مستوطنات الاحتلال القريبة من غزة، بسبب طغيان عصابات الكيان على هذا الشعب المُهدد في أرضه.
رعبٌ حقيقي
من المعروف أن “البالونات الحارقة” التي طورها الفلسطينيون لردع الكيان الصهيوني المجرم عن حصاره واعتداءاته، شكلت رعباً حقيقاً للعدو بسبب بساطة تصنيعها وسهولة إطلاقها وتسببها بحرائق كبيرة في الأراضي الزراعية، وقد بدأ استخدام تلك البالونات الحارقة في الأسابيع الأولى لـ “مسيرات العودة”، حيث تسببت في خسارات قدرت بمليون ونص دولار أمريكي، فيما توقف هذا السلاح لفترة وعاد للظهور من جديد وبقوة هذه الأيام، ولم تفلح قوات العدو بإيجاد منظومة ردع لهذا السلاح رغم محاولاتها الحثيثة والمستمرة.
وإنّ إطلاق تلك البالونات على الأراضي المحتلة، يجبر الدفاع الجوي للكيان الصهيوني إلى استخدام صواريخ باهظة الثمن عبر “نظام القبة” الحديدية لاعتراضها، وقد رأينا في الماضي أن بعض المقذوفات قد مرت عبر الحاجز الدفاعي لهذا النظام الدفاعي وفي حالة وجود عدد كبير من إطلاق النار وعشرات من هذه البالونات أو الطائرات من دون طيار الحارقة، فإن نظام دفاع العدو لن يكون لديه صاروخ واحد للتعامل مع تلك التهديدات.
وفي الوقت الذي لم ترد فيه تقارير عن وقوع اصابات أو أضرار بالممتلكات عقب إطلاق البالونات الحارقة مؤخراً، ردت حكومة العدو الجديدة، التي تم تشكيلها في يونيو/ حزيران، على ذلك بهجمات جوية على غزة فيما يخشى المستوطنون من احتمال تدهور الأوضاع الأمنية بالقرب من قطاع غزة في الأيام القادمة، بعد التصعيد الإرهابي الخطير، وشن طائرات الاحتلال، سلسلة غارات عدوانية على أهداف في القطاع، مخلفة أضراراً مادية جسيمة بالطبع، دون الحديث عن وقوع أي إصابات.
وبالتزامن مع تحذيرات حركة المقاومة الإسلامية “حماس” من عودة القتال إذا سعت تل أبيب مرة أخرى لتشديد القيود على قطاع غزة المحاصر، شهد القطاع الساحلي قيوداً أكثر صرامة من المعتاد منذ حملة الإبادة الصهيونية في شهر مايو/ أيار، وقد منعت سلطات العدو مؤخراً 25 شاحنة محملة بالوقود الممول قطرياً مخصصة لمحطة الكهرباء الوحيدة في غزة من دخول القطاع، فيما أكد المتحدث بإسم “حماس”، عبد اللطيف القنوع، أن “المزيد من القيود على غزة لن يؤدي إلا إلى انفجار في مواجهة الكيان الصهيوني”.
ومراراً شدّدت الحركة على أنّها لا يمكن أن تقبل بحصار قطاع غزة باعتباره أمراً واقعاً، وأوضحت في الكثير من التصريحات أنّ الشعب الفلسطيني والمقاومة الإسلامية لن تصمت حيال ذلك، وأنّ استمرار تصعيد الكيان الصهيوني ضد غزة وقصف مواقع المقاومة، يؤكد مضي العدو في سياساته وجرائمه.
حصار خانق
يعلم العدو الصهيوني القاتل أنّ الشعب الفلسطيني ومقاومته، لن يخضعا للتهديدات الصهيونية مهما بلغت حدتها، فقد اختار الفلسطينيون مواصلة طريق النضال والكفاح دفاعاً عن حقوقهم وحرياتهم، ولابد من وضع حد لمعاناة الأهالي داخل قطاع غزة المحاصر من قبل قوات العدو، لتدمير حياتهم وعزلهم، عن أراضي بلادهم المحتلة، ورغم ذلك لا يتوقف مسؤولو الكيان عن التصريح بأنّ “تل أبيب سترد على هجمات البالونات”.
ويقوم الفلسطينيون المحاصرون في غزة بشكل دائم بالتعبير عن غضبهم من الظلم الكبير الذي يتعرضون له من سلطات العدو، عبر إطلاق تلك البالونات الحارقة وذات الفاعلية الكبيرة والتكلفة الزهيدة، لأنّ الكيان ومنذ 15 عاماً يقوم بتشديد الحصار أكثر فأكثر على قطاع غزة، من خلال فرض حصار بري من خلال إغلاق المنافذ ومنع حتى المرضى من الخروج للعلاج، وآخر بحري إما بمنع الصيد أو تقليل مساحته.
وفي الأيام الماضية، كان يأمل كثير من سكان غزة في أن تفضي المحادثات مع العدو إلى نتيجة قبل عطلة عيد الأضحى الأسبوع المنصرم، لكن الأسبوع مضى دون أي اتفاق يسمح بدخول الأموال القطرية إلى القطاع، وبالطبع لن يستطيع الفلسطينيون الصبر لمدة طويلة على منع وعرقلة إعادة الإعمار والتأخر في إجراءات كسر الحصار، حيث سعت تل أبيب منذ هجومها العسكري الأخير إلى فرض قيود مشددة على غزة، مما حد بشكل كبير من الواردات والصادرات، كما أوقفت إلى حد كبير دخول الدعم القطري الذي كان يتضمن في السابق ملايين الدولارات، وقد تعهد المسؤولون الصهاينة بأنّهم لن يسمحوا بالعودة إلى الوضع الراهن، الذي يرون أنه موات للغاية لحركة حماس، ما يعني تعنت أكبر من قبل العدو الذي تسببت غاراته الجوية في الحرب الأخيرة في أضرار لا تقل عن 290 مليون دولار في القطاع المحاصر.
ومن الجدير بالذكر أنّه في 21 أيار/مايو، أعلن العدو الغاشم وحماس وقفاً لإطلاق النار أنهى تصعيداً إسرائيلياً دموياً استمرّ 11 يوماً وأسفر عن سقوط أكثر من 275 شهيداً فلسطينياً، نصفهم تقريباً من الأطفال والنساء، وإصابة ما يقارب 9000 آخرين، ناهيك عن الخراب الذي خلّفه العدوان الغاشم، وتستمر تل أبيب برفض إعادة إعمار ما ألحقته من دمار في غزة، من دون استعادة جنودها وأسراها لدى حركة حماس، وهو ما رفضته الأخيرة، وتجري مفاوضات غير مباشرة بين الكيان الغاصب وحماس في القاهرة في محاولة لتعزيز وقف إطلاق النار الهش بين الجانبين.
وقال مسؤولون صهاينة أنّهم سيشترطون إعادة إعمار غزة وتخفيف القيود المشددة على القطاع بالتوصل إلى صفقة تبادل أسرى مع حماس تضمن عودة أفيرا منغيستو وهشام السيد ورفات الجنديين الإسرائيليين هدار غولدين وأورون شاؤول، اللذين لقيا مصرعهما في حرب 2014، وتؤكد حماس أنّ مبدأها هو “الأسرى مقابل الاسرى”، حيث إنّ إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال الغاصب أصبح يخضع لـ “صفقة تبادل” أكثر منه استجابة مطلبية لواقع الأسرى الصعب، حيث إنّ المعاناة التي يعيشها الأسرى الفلسطينيون داخل سجون العدو الغاشم تتفاقم يوماً بعد آخر، بدءاً من ظروف الاعتقال وليس انتهاءاً عند مسألة انعدام البيئة الصحية داخل الزنازين المكتظة بالأسرى، بالإضافة إلى الانتهاكات الجسيمة بحقهم خاصة منذ بداية انتشار فيروس كورونا المستجد، حيث يعتقل العدو الصهيوني آلاف الفلسطينيين في سجونه، بينهم مئات المرضى والسيدات، ناهيك أنّ عدد المصابين من الأسرى الفلسطينيين بفيروس كورونا داخل سجون الاحتلال يتزايد بشدة، استناداً فقط إلى الأرقام التي تنشرها وسائل الإعلام، ناهيك عن الأرقام الحقيقية التي تتكتم عليها إدارة سجون العدو.
في النهاية، يصر الفلسطينيون على المطالبة بحقوقهم العادلة وشد الانتباه إلى معاناتهم الكبيرة، وإنّ تهديدات الكيان الصهيوني لن تأتي بنتائج على الأرض، خاصة بعد إعلان وحدات “أبناء القوقا” عن إدخال الراجمات في عمليات إطلاق البالونات الحارقة والمتفجرة، بالإضافة لما ذكرته وحدات “أحفاد الناصر”، من أنّ ما يسمى غلاف قطاع غزة سيعاني طالما غزة تعاني، وذلك في رد على التهديدات الإسرائيلية