الانسحاب من أفغانستان.. هزيمة أم أجندة جديدة؟
صحيفة الوطن السورية-
دينا دخل اللـه:
للمرة الثانية في التاريخ الحديث بعد حرب فيتنام 1975 تنسحب الولايات المتحدة من حرب كلفتها أكثر من 2 تريليون دولار وحياة أكثر من ألفي جندي من دون أن تحقق ما أرادته. إذ وقف العالم في الأيام القليلة الماضية في دهشة وهو يشاهد الصور التي تأتي من العاصمة الأفغانية كابول. فربما تكون هذه المرة الأولى التي يشاهد فيها أغلبنا خروج الجيش الأميركي بهذه الطريقة الفوضوية من بلد كان موجوداً فيه لعشرين عاماً، حتى إن الكثيرين وصفوا المشاهد بأنها هروب وليست انسحاباً.
شغلت أحداث أفغانستان في الأيام الأخيرة الإعلام والكونغرس والشارع في أميركا، حيث حاول الجميع تفنيد ما حدث وكيف حدث ومَن المُلام. ففي صحيفة «النيويورك تايمز» مقال يقول كاتبه إن «الكونغرس والبنتاغون يتحملون قسماً كبيراً من اللوم وخاصة أنهم قاموا بتجاهل التقارير القادمة من كابل لفترة طويلة»، ويضيف الكاتب: إن «كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي يتحملون اللوم أيضاً، فالرئيس جورج بوش الابن بدأ الحرب ثم انتقل إلى حرب العراق، أما الرئيس الأسبق باراك أوباما فأراد أن يسحب القوات لكنه لم يكمل، والرئيس السابق دونالد ترامب وقّع اتفاقاً مع طالبان ليتم الانسحاب مع نهاية أيار الماضي، على حين أراد الرئيس جو بايدن أن يعيد الجنود الأميركيين إلى الوطن قبل 11 أيلول القادم».
صحيفة «نيو ريبوبلك جورنال» قالت من جهتها إن «من يتحمل مسؤولية الفشل الأميركي في أفغانستان هم الجنرالات الذين فشلوا في أداء واجبهم القتالي».
أعضاء في الكونغرس طالبوا بإقالة بايدن من منصبه على خلفية أحداث أفغانستان كالسيناتور الجمهوري عن ولاية فلوريدا ريك سكوت، ما دعا إليه أيضاً الرئيس السابق دونالد ترامب.
لكن لماذا ترك الأميركيون أفغانستان لحركة طالبان التي يعتبرونها حركة إرهابية؟
هناك من يرى أن الرئيس جو بايدن يريد أن يتذكره الأميركيون بأنه الرئيس الذي أنهى حرباً دامت لعشرين عاماً وأعاد أبناءهم للوطن من دون الاكتراث إلى ما ستؤول إليه الأمور في أفغانستان، وهذا ما أكده بايدن في مؤتمر صحفي أقامه قبل أيام عندما قال: «ليس هناك ندم على قرار الانسحاب ولا يجب أن يموت الجيش الأميركي في حرب لا تريد القوات الأفغانية خوضها».
بينما يرى البعض الآخر أن نيات الأميركيين ليست بريئة إلى هذا الحد، قد تكون أميركا أعادت حركة طالبان للسلطة لتكون أداة تستخدمها في مواجهة الصين وروسيا، وخاصة أن لدى كلا البلدين بيئات قد تكون حاضنة لحركات متطرفة كحركة طالبان ما قد يخلق نوعاً من الفوضى الخلاقة على غرار الربيع العربي في هذين البلدين.
من ناحية أخرى هناك من يقول إن ما حدث هو مجرد إخفاق أميركي في أفغانستان كما أخفقوا سابقاً في فيتنام وفي كوريا وغيرها، وخاصة بعد أن شبه ناشطون صور إخلاء الأميركيين من السفارة الأميركية في كابول باستخدام مروحيات كبيرة بإخلاء الأميركيين من سايغون في فيتنام عام 1975 مع دخول الجيش الشعبي الفيتنامي المدينة.
سواء أكان ما يحدث في أفغانستان أجندة أميركية جديدة لإضعاف الصين وروسيا أم إنه مجرد هروب من مستنقع لا نهاية له، فالحقيقة الوحيدة التي تبدو جلية لا تحتاج لنقاش هي أن أميركا تتخلى عن حلفائها دائماً، ولعل أكثر الصور تعبيراً عن هذه الحقيقة هي محاولة تعلّق الناس بالطائرة العسكرية الأميركية التي أقلعت من مطار كابل وتركتهم لمصير مجهول.