الاعلام السعودي وصناعة الارهاب
صحيفة الثوار المصرية ـ
دارين موسى:
منذ انطلاق الاحتجاج على الفيلم المسئ للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، تمترس الاعلام السعودي إلى جانب المواقف الاميركية متبنيا هذه المواقف من اقربها للاعتدال إلى أكثرها تشددا، ووصف بعض المجنديين الاعلاميين السعوديين الفيلم بالعمل الفني لنشهد على تطور رجعي في ذائقة فنية معدومة وأملا في أن نسمع هذا الوصف تعليقا على كاريكاتور لملكه عبد الله…
يرى الكاتب تركي الدخيل أنهلا يمكن أن تدافع عن النظام بهتك النظام، ولا عن الأخلاق بقلة الأدب، ولا عن القيم بالكذب.
الدفاع عن نبي الرحمة، حتى مع من أساء، يكون بالرحمة، ومقابلة المسيء بعدم تكرار الإساءة، تأكيد على عظمة القيم التي تدافع عنها.
كيف قدم بنو جلدتنا، صورتنا أمام ملايين الشرق والغرب، باعتبارنا متعطشين للدم، يجري القتل والتفجير في جيناتنا الثقافية ومكوناتنا الدينية!
هل يمكن لعاقل أن يتخيل أن صورة الإسلام باتت مرتبطة بأنصار إزهاق الأرواح، وفصل الأعناق عن الأجساد، ومن يرون في التفجير نصرة للدين، وفي قتل المئات رفعة للحق!
وفي الوقت الذي اختار أصناف من أراذل البشر الإساءة إلى نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم اختار السعوديون ممثلين بقائدهم أبو متعب توسعة الحرم النبوي الشريف، توسعة هي الأضخم تاريخياً. يقدحون في نبينا، ونزيد المتعلقين به. يحاولون تشويه صورته، ونساعد الأعداد المضاعفة، لتصلي في مسجده، وتسلم عليه، وعلى صاحبيه، فتستحضر سيرته العطرة.
الكاتب الدخيل نسي أن من يتهمهم بالتعطش الى الدم هم أنفسهم من يتلقون الدعم من ملكه السعودي الذي لن يبيض أفعال الدامية حجر هنا وتوسعة هناك.
أما الكاتبة حصة بنت محمد آل الشيخ فوصفت مفتعلي الشغب بالغوغاء وتناست أن هذه الغوغاء أدمت قلوب المسلمين بفعل تحالف المال السعودي والفكر الوهابي.
وترى الكاتبة حصة أن لا أحد يستطيع أن يهين الرسول، بل وانحصر الحق “حق كفاية الدفاع” في الله سبحانه وتعالى، ومع ذلك يصر الغوغاء على التدخل في حق خص الله به نفسه باسم الدفاع عن الرسول الكريم، وباندفاع فوضوي إرهابي يغضب الله ورسوله.
الفيلم المسيء لجناب الرسول صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يقره عاقل، ولكن لا تسأل عن الغوغاء عندما يعميهم الاندفاع الأهوج فيقودهم للإسراف الإرهابي هجوماً وتخريباً ودماراً وقتلاً، لقد أكمل المسلمون الإساءة للرسول بغضب أعمى فهاجموا السفارات وقتلوا وسرقوا وأتلفوا الأرواح والممتلكات، ليذكّروا الأمريكيين إن الإرهابيين حول العالم لا دين يردعهم ولا ضمير!
كان يمكن إذاً ترك هذا الفيلم يعبر عن أزمة منتجيه لو تم تجاهله وبقي انتشاره محصوراً ضمن مجموعة صغيرة من الاسرائيليين والموتورين.
من المفارقات المحزنة أن السفير الأمريكي المغدور في بنغازي كان صديقا للثورة الليبية وخبيرا منصفا في الشؤون العربية، له تسجيل يدافع فيه عن المسلمين، وينفي صفة الإرهاب عنهم، فكان جزاء الإحسان القتل!! قتل الناس، والسفراء وهم رسل مستأمنون والاعتداء عليهم همجية وجريمة مغلظة في كل الشرائع.
ويذكر أن صحيفة الرياض السعودية وصفت في إحدى افتتاحيتها بقلم رئيس تحريرها “تركي السديري” ما يحدث في العالم العربي واقتحام السفارات والقنصليات الأمريكية في مصر وليبا وتونس والخرطوم واليمن بـ”الخاطئة”.
وأضافت الصحيفة: “هل الاعتراض على عمل “فني” في أمريكا، مع أن من فعلوه شرقيون بهوية تجنس أمريكية، يصح أن يتجاوز تعبير الرأي والموقف إلى الاعتداء على السفارات الأمريكية، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد بل تمت ممارسة النهب في أكثر من سفارة أمريكية – وبالذات في تونس – حسب الصور التي تكاثرت في النت.. ثم في ليبيا كيف يتم قتل السفير”.
ودعت صحيفة الرياض إلى صدور قرارات في العالم العربي بحظر التظاهرات وطالبة بدور للإعلام، يصحح (حسب مزاعمها) هذه المفاهيم “الخاطئة”، التي تدعو الى اقتحام السفارات والقنصليات وقتل الدبلوماسيين الامريكيين وحرق ونهب محتوياها.
وفي اطار تلميع صورة الولايات المتحدة الاميركية في الاعلام السعودي نشرت قناة العربية بعد جهد كبير من البحث هذا اذا استثنينا التلفيق الذي لا يخلو عمل تقدمه القناة، نشرت تقريرا بعنوان
عندما قامت أمريكا بتكريم النبي محمد قبل 77 سنة
التكريم كان قبل 10 سنوات تماما من لقاء تاريخي جرى في فبراير/شباط 1945 على متن بارجة أمريكية في البحيرات المرة بقناة السويس، وكان بين مؤسس المملكة العربية السعودية، الملك عبد العزيز، ومن انتخبه الأمريكيون رئيسا 4 مرات متتالية بدءا من 1932 إلى حين وفاته في بدايات ولايته الرابعة، أي بعد شهرين من اللقاء، وهو الشهير فرانكلين روزفلت، قائد انتصار الحلفاء على النازيين برغم أنه كان مقعدا ومشلولا، والموصوف بأهم 3 رؤساء أمريكيين.
وكان التكريم أيضا زمن تشارلز ايفانز هيوز، وهو سياسي ومحام أمريكي توفي في 1948 عن 86 سنة عاشها من منصب لآخر، فكان حاكما لنيويورك ووزيرا للخارجية ومرشحا بلا حظ للرئاسة، حتى حلت به الرحال بمنصب حساس، وهو الرئيس منذ 1930 طوال 9 أعوام للمحكمة الدستورية العليا في الولايات المتحدة، وهي الهيئة التي قامت في 1935 بتكريم الرسول الأعظم.
قاموا بتكريمه في لوح ديكوري بالحفر التطريزي، أطلعت “العربية.نت” على تفاصيله بالكامل من موقع المحكمة نفسها.
وأسفل التطريز الجداري ورد اعتراف مكتوب من أهم هيئة دستورية للأمريكيين بأن “النبي محمد واحد من أعظم المشرّعين في العالم، وأن القرآن يوفر المصدر الأساسي للشريعة، والنبي محمد قام بشرح وتعليم وتعزيز أحكام القرآن” وكان النبي الوحيد بين 9 احتوت الجدارية على أسمائهم، في حين احتوت جدارية مماثلة بالجدار الجنوبي للمحكمة على النبيين موسى وسليمان.
لم يرف لهم جفن وهم يتابعون منجزات جماعاتهم المتطرفة على الاراضي السورية والعراقية والافغانية، بل كانوا يحرضون شبابهم، يقرعون طبول ما يصفوه “بالجهاد المقدس” ويشدون أزر مقاتليهم عندما يعلنون “انتصارهم” البربري، لكن ما أن صُفعت الولايات المتحدة الاميركية بنيران صديقة لبعض المتطرفين، وبتسرع خارج عن الأهداف المرسومة من قبل الرياض لجماعاتهم، حتى استنفر الاعلام السعودي لادانة ولعن التعرض للمصالح الاميركية، كثر ممن ذاقو الارهاب الوهابي تشفو بعرض نادر الحدوث حتى وإن جر عليهم ويلات التخبط الاميركي السعودي.