الاعتماد على الجراثيم في تحديد وقت الوفاة بدقة
نجحت مجموعة من الباحثين الأميركيين في تتبع سلاسل الكائنات الدقيقة التي تعيش في الجثث المتحللة وتحليلها في إطار مشروع علمي ضخم، الأمر الذي سيساعد في معرفة وقت الوفاة وأيضاً البحث عن الجثث.
قال باحثون أمريكيون إن تتابع المجتمعات الميكروبية التي تتناوب على الجثث يحدث بشكل محدد ودقيق للغاية. وأوضح الباحثون تحت إشراف جيسكا ماتكالف من جامعة كولورادو بمدينة بولدر في دراستهم التي نشرت أمس الخميس 10 ديسمبر/كانون الأول في مجلة “ساينس” أن النتائج التي توصلوا إليها خلال الدراسة لن تستخدم فقط لمعرفة وقت الوفاة بل ستوفر أيضا خيوطا يمكن استخدامها في البحث عن جثث.
وأوضح الباحثون أنه “عندما يتعفن جسم حيوان ثديي تنتج عنه عمليات تحلل في تسلسل ميكروبي محدد لدى كل من الفئران والخنازير والبشر على السواء”. ولمعرفة هذا التسلسل فحص الباحثون تحلل رفات بشرية في ظل ظروف مختلفة في ساحة خصصت لهذا المشروع العلمي بالقرب من مدينة هانتسفيل بولاية تكساس الأمريكية.
قام الباحثون خلال مشروع الدراسة وعلى مدى ما يصل إلى 20 أسبوعا بمعرفة نوع الكائنات الدقيقة التي تعيش في الجثث وما يجاورها من تربة وذلك باستخدام التحليل الجيني، حيث أظهرت النتائج التي توصل إليها الباحثون أن المجتمعات الجرثومية تتغير بشكل واضح أثناء عملية التعفن.
وأوضح الباحثون أنه يمكن معرفة تسلسل تناوب أنواع الجراثيم على الجثث وبشكل مستقل نسبيا عن فصول العام وعن نوع التربة أو نوع الحيوان الثديي. كما استطاع الباحثون فيما يتعلق بمراحل تعفن الجثث البشرية وتسلسل الحياة الجرثومية فيها تحديد زمن الوفاة بعد 25 يوما وبفارق لا يتجاوز يومين إلى أربعة أيام.
ومن بين الجراثيم التي عثر عليها العلماء والتي اختلفت باختلاف مرحلة التحلل بكتريا وديدان خيطية (نيماتودا) وفطريات مثل العوفنات أو الفطريات الزقية وكذلك ما يعرف بذوات منشأ الحركة وهي نوع من الأوليات.وأظهرت الدراسة أن جزءا كبيرا من الكائنات الدقيقة منشأه الأرض في حين أن كائنات أخرى تصل للجثة عبر سيقان الذبابة الزرقاء.
ووجد الباحثون أن مواد غنية بالنشادر، غاز الأمونيا، تسيل من الجثة إلى الوسط المحيط بها وذلك في مرحلة متأخرة من التحلل وأن ذلك يغير نسبة النتروجين بالتربة المحيطة وكذلك درجة حموضتها وهو ما يمكن أن يساعد في البحث عن الجثث المدفونة.
وأوضح الباحثون أن تحليلهم يشبه التحليل المستخدم في علم الحشرات والذي يستند إلى أن حشرات معينة كالذباب على سبيل المثال يضع بيضا في الجثة وأن دراسة تطور مراحل الحشرات يمكن أن يعطي دلائل على زمن الوفاة. غير أن هذه الطريقة تعتمد بقوة على فصل السنة الذي يتم فيه التحليل وكذلك على ما إذا كان باستطاعة هذا الذباب الوصول للجثة أم لا.