الاتّفاقُ الإيراني السعوديّ وتأثيراتُه على أمريكا والمرتزِقة
صحيفة المسيرة اليمنية-
أمين الشريف:
أعادت الصينُ العلاقاتِ الدبلوماسيةَ والأمنيةَ بين إيران والسعوديّة بعد ثماني سنوات من القطيعة، وهو ما أربك واشنطن والمرتزِقةَ في المناطق المحتلّة في اليمن؛ فالولاياتُ المتحدة الأمريكية ترى أن هذا الأمر يُعتبَرُ نجاحاً للصين في الشرق الأوسط؛ كونها جمعت بين فرقاءَ من المستبعَد إعادة علاقات التبادل الدبلوماسي بينهما، هذا من ناحية.
ومن ناحية أُخرى، واشنطن -وهي التي جعلت السعوديّة تقطع العلاقات مع إيران- ترى أن هذا الاتّفاقَ يمكن أن يعيد الهدوءَ إلى منطقة الشرق الأوسط، وَأن يخفف التوتر بين البلدين، وبالتالي خفض حدة الصراع في المنطقة، وهذا ما لا ترغب به واشنطن؛ فهي تريد الشرق الأوسط يغلي بالصراعات والحروب والدمار؛ مِن أجل إراحة ربيبتها “إسرائيل”؛ ولكي تتمدد “إسرائيل” بعلاقات التطبيع في المنطقة.
الولايات المتحدة الأمريكية تريد الشرقَ الأوسطَ يغلي بالصراعات؛ وهذا أمر معلوم لدى الجميع؛ ولذلك فَـإنَّ هذا الاتّفاق لا يمكن القول بأنه مر دون موافقة واشنطن؛ فالسعوديّة لا يمكن أن تبرم اتّفاقاً كهذا دون رضا مولاها الأمريكي، وهذا يضع علامةَ استفهام: ما مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية في الموافقة على هذا الاتّفاق؟
لطالما لعبت واشنطن على الوتر المذهبي في الشرق الأوسط، وأن الصراع هو صراع سني شيعي، ولا يمكن أن ننكرَ دعم واشنطن لهذا الصراع، ولكن إذَا ما سلمنا بنظرية أن واشنطن هي من تدعمُ المحورَ السني من خلال السعوديّة ضد الشيعة؛ باعتبارهم خطرًا على إسرائيل من خلال محور المقاومة؛ فَـإنَّه يمكننا التسليم بأن واشنطن رأت أن الخسائرَ العسكرية التي يتلقاها حلفاؤها تحت مسمى المحور السني في سوريا واليمن اقتضت من واشنطن الموافقة على هذا الاتّفاق؛ مِن أجل تهدئة الأوضاع مؤقتاً؛ ولتجنب مزيدٍ من الخسائر لحلفائها وخفض التصعيد مؤقتاً؛ حتى تقوم بخطة جديدة تشعلُ الصراع من خلالها، ومن هذا المدخل يمكننا القول: إن هناك احتماليةً لموافقة واشنطن على الاتّفاق.
الولايات المتحدة الأمريكية إذَا لم تكن موافقةً على الاتّفاق فَـإنَّ هذا يعتبر انتصارًا سياسيًّا كَبيراً للصين في الشرق الأوسط، وتعتبر المرة الأولى الذي تتدخل فيه الصين في الشرق الأوسط؛ ومع هذا حقّقت نجاحاً كَبيراً، وهذا ما لا ترغب به واشنطن، هذا من ناحية، ومن ناحية أُخرى فَـإنَّ الاتّفاق الذي عقدته السعوديّة إذَا لم يكن برضا أمريكا فَـإنَّ هذا يعتبر تمرُّدًا من السعوديّة على واشنطن، وهي التي لا تقوم بأي عمل إلَّا بعد موافقة واشنطن، وبالتالي فَـإنَّ تمرد الولد على والده يعتبر خارجاً عن العادة السعوديّة، وهذا يضع فرضية إمْكَانية تحرّر السعوديّة عن الهيمنة الأمريكية على القرار السياسي السعوديّ والتي تمتد لسنوات طويله، غير أن هذا الاحتمال ضعيفٌ جِـدًّا؛ فالسعوديّة لا يمكن تصور خروجها عن الإرادَة الأمريكية.
الاتّفاق الذي أبرم له تأثير كبيرٌ على مرتزِقة العدوان في المناطق المحتلّة؛ فلطالما تغنت السعوديّة أنها تحارب المد الإيراني والاحتلال الإيراني في اليمن، وهي إذ تسوق هذه الكذبة منذ ثماني سنوات فَـإنَّها لا تدرك أن الكذبَ له نهاية؛ فهَـا هي تعيد العلاقات مع إيران وَالتبادل الدبلوماسي معها وَالاتّفاقيات الأمنية والاقتصادية مع طهران؛ فما الذي بقي للسعوديّة لتقوله لمرتزِقتها بعد أن أعادت المياهَ إلى مجاريها بينها وبين طهران.
أكذوبة محاربة إيران في اليمن انتهت ولم يتبقَّ للمرتزِقة أي عذر يتغنون به، إذ إنهم خلال الفترة الماضية يربطون عمالتهم للسعوديّة وقوات الغزو والاحتلال؛ بحجّـة أن الجانب الوطني في صنعاء عميل لإيران، أما الآن وبعد انتهاء الكذبة وتكشف الحقائق؛ فما الذي يمكن أن يتحجَّجوا به؟!
إن المرتزِقة لا يهمهم اتضاحُ الأمور، بقدر ما يهمهم الحصول على المال السعوديّ والإماراتي المدنس؛ وبالتالي فَـإنَّنا نعتقد أن هذا الاتّفاق لا يمكن أن يؤثِّرَ على توجّـه المرتزِقة، أَو يصحيهم من الغفلة والسبات، بل سيستمرون في غيهم وغفلتهم، إلى درجة أنهم سيصلون إلى مرحلة أن تقف السعوديّة مكتوفةَ الأيدي لا تساندهم ولا تنفعهم من غضب اليمنيين الأحرار.
لا تعويلَ على عودة المرتزِقة إلى جادة الصواب وإعادة قراءة المشهد من جديد، ويكمُنُ أهميّةُ هذا الاتّفاق في أنه يمكن أن يؤدِّيَ إلى خفض التصعيد مع السعوديّة ويمكن أن يؤدِّيَ إلى تقدُّمٍ في المفاوضات التي تجري في عُمان مع مملكة الشر؛ فيما إذَا عادت السعوديّةُ إلى جادةِ الصواب.