«الاتصالات» عنوان اليوم العالمي للمستهلك: نريد الأسعار العالمية

economic - communication
في عام 2013 بلغت مداخيل الهاتف الخلوي وحده نحو 1.8 مليار دولار. أما سعر الدقيقة الواحدة فهو يبلغ 63 سنتاً للاتصال بواسطة بطاقة مدفوعة مسبقاً، و17.85 سنتاً من خطّ خلوي ثابت. في فرنسا، حيث الدخل الفردي أكبر بنحو 5 أضعاف الدخل الفردي اللبناني، فإن كلفة الحصول على اتصالات مفتوحة وإنترنت بلا حدود تبلغ 26 دولار شهرياً. كلفة الاتصالات في لبنان أعلى بعشرة أضعاف الكلفة في فرنسا. السبب أن السلطات تتعامل مع المستهلكين بعقلية الجابي: إنهم منجم ذهب

محمد وهبة –
صحيفة الأخبار اللبنانية:
يأتي اليوم العالمي للمستهلك في 15 آذار بعنوان «حقوق المستهلك في الاتصالات». المشهد المحلّي مريع؛ هذا القطاع يمثّل «جرحاً نازفاً» في لبنان مقارنة مع الكلفة المتدنية التي يحصل عليها مستهلكو وسائل الاتصال المتطورة حول العالم. سياسات الحكومات المتعاقبة حوّلت اللبنانيين إلى آلة إنتاج الأموال التي تبدّد على سلّة من «العصبيّات الليبرالية ــ الطائفية». مستهلكو الاتصالات في لبنان يدفعون أعلى أسعار وسط غابة من الاحتكار البدائي للسوق وغياب التنافسية. في هذا الإطار، أجرت جمعية المستهلك في لبنان دراسة مقارنة بين الأسعار المحلية للاتصالات الخلوية وبين الأسعار في فرنسا. «لقد اخترنا فرنسا لأسباب «تاريخية»، وذلك رغم أن دخل الفرد فيها يمثّل 5 أضعاف الدخل الفردي في لبنان.

وفي النتيجة تبيّن أن كلفة العرض الأفضل في لبنان لاستعمال الخلوي بخطّ ثابت والإنترنت تبلغ 60.8 دولاراً شهرياً. أما في فرنسا، فإن العرض الأقرب إلى الحالة اللبنانية «يعطي المشترك أكثر بكثير: خطّ ثابت مفتوح، وإنترنت مفتوح وSMS بلا حدود، إضافة إلى ساعتين من الاتصال الخلوي المحلي وإلى41 بلداً أجنبياً، بنحو 2.6 دولار شهرياً (!). أما إذا كنت تريد اتصالات مفتوحة خلوية على الخط الثابت وعلى الإنترنت فهذا يكلفك، وبلا حدود وعلى مدار الساعة والأيام والشهور… 26 دولاراً شهرياً!».

وقد أجرت جمعية المستهلك عملية إسقاط لكلفة العرض الفرنسي على السوق اللبنانية، فتبيّن لها أن كلفة الخدمات المذكورة ستبلغ «1500 دولار للمخابرات الداخلية الخلوية من دون الإنترنت، والمخابرات إلى 41 بلداً من دون الخط الثابت».

وخلصت الجمعية إلى أن السلطات الفرنسية «توفّر للمقيمين في فرنسا اتصالات بكلفة 2.6 دولار شهرياً (120 دقيقة مخابرات + رسائل نصيّة بلا حدود + إنترنت بلا حدود أيضاً). هذه الحزمة من الخدمات يمكن أفقر الفقراء شراؤها. وهذا يعني أن المشترك اللبناني يدفع عشرة أضعاف المشترك الفرنسي ليحصل على فتات ما يحصل عليه الفرنسي».

في هذه المناسبة بالذات، تنفذ 250 جمعية مستهلك حول العالم حملة تهدف إلى خفض كلفة الاتصالات الخلوية لتصبح بمتناول جميع المستهلكين. لكن جمعية المستهلك في لبنان تشير في دراسة أجرتها عن السوق المحلية إلى أن «الجرح كبير ولا يزال ينزف منذ نشوء قطاع الخلوي في عام 1994. إن مشهد تقسيم بطاقة الخلوي الواحدة المدفوعة سلفاً على أربعة مشتركين أحياناً، تظهر مدى الإذلال الذي يتعرض له المستهلك المحلّي، رغم أن كلفة الاتصالات في العالم تتراجع بوتيرة سريعة». السبب، في رأي الجمعية، أن الحكومات المتعاقبة «اتفقت جميعها، ومن دون فرق بين مكوّناتها المتقاتلة، على تدفيع الفقراء ومتوسطي الحال 93% من الضرائب التي تموّل الخزينة، فيما لا تتجاوز الضريبة على أرباح الشركات الكبرى والعقارات ما معدّله 7%».

هذه السياسات المذكورة دفعت إلى اعتماد «وزارة الاتصالات مصدراً أساسياً لجباية الضرائب بدلاً من بناء قطاع اتصالات حديث يكون في متناول الجميع وبكلفة شبيهة بالأسعار العالمية، فتكون عبارة عن خدمة للمستهلك ورافعة للاقتصاد».

عقلية الجابي تسيطر على السلطات اللبنانية. فوزارة الاتصالات «جَبَت» 1.82 مليار دولار من من قطاع الخلوي في عام 2013 مقارنة مع 1.14 مليار دولار في عام 2007. وقد ازداد عدد المشتركين من 1.2 مليون مشترك في عام 2007 إلى 3.9 ملايين مشترك في عام 2013. وزادت سرعة الانترنت 15 مرة على الشبكة الثابتة و18 مرة على الشبكة الخلوية. أما التعرفة، فقد انخفضت تعرفة هذه الخدمة بنسبة 73% على الشبكة الخلوية و80% على الشبكة الثابتة.

لكن جمعية المستهلك لديها أرقام مختلفة. فهي تقول إن هناك نوعين من الكلفة في لبنان. الكلفة النظرية، والكلفة الحقيقية. وتشير الدراسة التي أجرتها الجمعية إلى أن كلفة الدقيقة النظرية للهاتف الثابت تبلغ 3.26 سنتات، لكنها تبلغ في الحقيقة 5.7 سنتات (انظر الجدول). أما كلفة الحقيقية النظرية في البطاقة الخلوية المدفوعة مسبقاً فتبلغ 36 سنتاً، لكنها في الحقيقية تبلغ 63 سنتاً. أما كلفة الدقيقة النظرية في الهاتف الثابت فتبلغ 11 سنتاً إلا أنها في الحقيقة تبلغ 17.85 سنتاً.

هذه الأرقام استندت إلى «أرخص العروض في كل مجال على أساس معدّل تخابر شهري محدّد بنحو 400 دقيقة. وكلما انخفضت مدة التخابر الشهرية عن هذا الرقم زادت الكلفة على الدقيقة. وقد أخذ في الاعتبار أن الشركات التابعة لوزارة الاتصالات تحتسب الثانية دقيقة، ما يعني أن الـ400 دقيقة هي في أحسن الأحوال 280 دقيقة، وتسقط إلى 200 دقيقة في حال كان معدل محادثة المتكلم بحدود الدقيقتين». كذلك، أغفلت الدراسة، عمداً، احتساب «الانقطاع المتكرر للاتصال الخلوي الذي يحمّل المستهلك دقائق إضافية حصيلتها تتجاوز الـ10 ملايين شهرياً. ولم نحتسب السوق السوداء التي تطل برأسها من وقت إلى آخر لتضع على عاتق المستهلكين أعباءً إضافية».

لهذه الأسباب تسأل جمعية المستهلك: «هل تريد الحكومة الحالية أو الآتية الاستمرار في السياسات الظالمة نفسها التي رسمها النظام اللبناني منذ عشرين عاماً؟».
اللبنانيون يريدون اتصالات حديثة وجيدة وبأسعار توازي الأسعار العالمية، «هذا حقهم، ومن واجب الحكومة تأمين حقوق اللبنانيين الذين بإمكانهم رفض الاستمرار في دفع هذه الضريبة الظالمة. على اللبنانيين أن يتحركوا. عبّروا عن آرائكم على صفحة الجمعية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.