الإنتخابات النيابية، بين التكتلات الثابتة والأحلاف الموسمية
موقع قناة المنار-
أمين أبوراشد:
اللوحات الإعلانية المُبالغ في انتشارها على الطرقات، ليست بالضرورة مرايا لمشاعر الناس وأفكارهم، ولا هي ستكون مرايا تعكس إراداتهم خلف الستارة، والمعارك الإنتخابية التي يُعِدُّ لها أكثر من فريق سياسي، تختلف عن كل الدورات السابقة، سيما وأن انضمام بعض جماعات الحراك ترشيحاً لم يرشح منه في معظم الحالات وحدة مواقف ولا تحالفات، بل بالعكس، عمَّت الأحلاف الموسمية الإنتخابية كافة القوى غير الحزبية، واختلط المُستقلون بالعائلات دون أية برامج مُعلنة، ربما لأن الرفقة الإنتخابية تنتهي بنهاية يوم الإقتراع في 15 أيار وغير مضمونة بعده، خاصة أن بعض اللوائح تمّ تركيبها في الربع ساعة الأخير لضمان الدخول في السباق وليس أكثر.
ولأن بعض اللوائح “المُركَّبة” ترتبط بالعائلات، فلا يكفي الإنتماء العائلي وحده لإرضاء الناخبين، سواء على مستوى الإقطاع العائلي التقليدي، أم على مستوى مَن يُعلِن ترشيحه دون القدرة على تمثيل عائلته على الأقل، ولذلك شهدنا وقد نشهد إنسحابات – ما بعد انتهاء المُهلة القانونية – من اللوائح التي لم تلقَ صدىً ضمن الدائرة الضيقة للناخبين، ولا ضمن المنطق السياسي على المستويين الشعبي والوطني.
وبصرف النظر عن موضوع المال الإنتخابي، الذي يُدفع منذ أشهر عبر فتح المستوصفات، والتوزيع المُباشر للأدوية والمواد الإستهلاكية، وقسائم المشتريات على اختلافها، وصولاً الى مآدب الإفطار والسحور، لن ندخل في موضوع الدفع النقدي، لأن تغطيته بمسألة ارتفاع أسعار البنزين تضعه في خانة وسطية بين المُبرر والغير مبرر، وهنا الطامة الكبرى في “سخاء التوزيع”، لأن الناخب الذي لا ينتمي لكتلة جماهيرية مُلتزمة، لا تُعرف توجهاته النهائية سوى خلف الستارة، خاصة أنه يُدرك بأن الأحلاف الموسمية لا يُجنى منها ثمر.
ولن نستبق إعلان النتائج – في حال حصول الإنتخابات – رغم أن بعض استطلاعات الرأي أرقامها موثوقة وواضحة، وهذا ما يدعونا الى الحذر من محاولات العبث الأمني لتطيير الإنتخابات أو تأجيلها من المحكومين بالخسارة، لكن الحصيلة هي نفسها، مهما حاول البعض تحدِّي مسارات الأمور الإقليمية التي لها تأثيرها على الوضع السياسي في لبنان، عبر الخطابات “الدونكيشوتية” التي لا فائدة منها، ولا مُبرر لنشر الخطاب الإنتخابي على لوحات الإعلانات، لفرقاء كانوا لعقود في السلطة ولم يحققوا شيئاً، ولا من دُعاة تغيير لم يتوحدوا خلال حراكات دامت لأكثر من عامين ونصف، وعندما حان موعد توحُّدهم ضمن لوائح، تشرذموا !
عموماً، الإنتخابات النيابية تعتبر الفيصل ليس فقط في السباق الإنتخابي على مستوى المرشحين، بل على مستوى إرادات الناس ونظرتهم لأي لبنان يطمحون، وأية دولة ينشدون، وما على الناخبين سوى قراءة إنجازات هذا الحزب أو تلك الكتلة، على المستوى التشريعي أو الخدماتي، أو الميداني في الحالات الطارئة، سواء كانت في مواجهة الوباء أو وحش الغلاء، والحُكم في النهاية للناس عندما ينفردون بضمائرهم خلف الستارة…