الإرهاب اليائس .. البائس!
صحيفة الوطن العمانية ـ
رأي الوطن:
حين تصبح التفجيرات الانتحارية والمفخخات المتوالية وسيلة وأسلوبًا لليائسين من اختراق جدران الأوهام المصطنعة خارجيًّا، حيث تصحو دمشق كل يوم على تفجير إرهابي لم يعد مثيرًا للدهشة، طالما أن الإرهاب صار مادة يومية وظاهرة مستفحلة لا تضرب سوريا وحدها، وإنما المنطقة بكاملها بقوة وعمق، وطالما أن هناك متعهدين ورعاة وصانعين ومعدين وأدوات يتم إعدادها ما استمر الليل والنهار، ولا هدف لها سوى قتل أبرياء يمشون في مناكب الأرض بحثًا عن أرزاقهم وتحقيقًا لمصالحهم، أو هاجعين في منازلهم أو أماكن عملهم، ليتم سوقهم عنوة ورغم أنوفهم إلى موت مجاني ليسدل مزيدًا من أسدال الحزن والآلام واليتم على الأسر، ويضفي عليها المزيد من الصعاب والمشاق.
وكلما أحرز الجيش العربي السوري نجاحًا في مطاردة فلول عصابات الإرهاب تأتي التفجيرات الانتحارية تعبيرًا عن الهزيمة النفسية والمعنوية وحالة الانكسار لتعوض ما انكسر من معنويات، ولتفضح حقيقة ما تعلنه المعارضة المسلحة بكافة تنظيماتها الإرهابية والتكفيرية من أنها تدافع عن الشعب السوري، وأنها تقود “ثورة الكرامة والحرية”، ولتؤكد حقيقة الأهداف المكشوفة والمفضوحة من وراء التدخل الخارجي في شؤون سوريا الداخلية، وتبرهن على زيف ما يروجه المتدخلون من شعارات مخادعة وزائفة ولا تمت لما يجري على أرض سوريا بصلة.
ولعل الأيام الثلاثة الماضية وحدها كانت كفيلة بإضفاء المزيد من المصداقية على ما يؤكده الشعب السوري، وتؤكده حكومته أن سوريا تتعرض لمؤامرة كونية، بدءًا من محاولة اغتيال رئيس الوزراء السوري الدكتور وائل الحلقي، واستهداف منطقة المرجة بوسط دمشق بانفجار إرهابي أودى بحياة 15 مدنيًّا سوريًّا بريئًا (أمس الأول)، وإصابة 15 مدنيًّا سوريًّا بجروح أمس جراء انفجار عبوتين ناسفتين زرعهما إرهابيون، الأولى في شارع خالد بن الوليد والثانية في ساحة باب مصلى بدمشق أمس. فطبيعة الاستهدافات والتفجيرات وصورها كافية لتبيان ما يحاك ضد سوريا وشعبها، وما يراد لها من مستقبل تطغى عليه ألوان الدم والقتل والخراب والدمار، وتوظيف مبادئ إنسانية وأخلاقية مثل “الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان” في مواضع غير أخلاقية وغير إنسانية، بل يتم توظيفها في جعل أرض سوريا حاضنة ومفرخة للإرهاب حتى لا تذوق طعم الاستقرار، وطريقًا نحو تقسيمها وتفتيتها.
لا نستغرب ولن نندهش من استمرار الإرهاب في سوريا واستمرار الداعمين له بالسياسة والدبلوماسية والمال والسلاح، ما دامت الدولة السورية صامدة، وما دام الجيش العربي السوري الباسل صامدًا ومتماسكًا يؤدي دوره الوطني كما يجب، مدعومًا من الشعب السوري الذي يمثل السند الأول لجيشه الوطني؛ لأن هذا التلاحم البطولي بين الشعب السوري وجيشه الوطني لا يزال ـ وسيظل ـ قادرًا على تقطيع شباك مؤامرة تدمير سوريا واستنزاف جيشها وتفتيها إلى دويلات (كردية وعلوية وسنية ودرزية ومسيحية).
ولكن ما يثير الضحك والسخرية أن يتم إلصاق هذه التفجيرات الإرهابية بـ”النظام” من قبل المعارضة المجمعة في ما يسمى “الائتلاف” الذي تعد جميع عناصره وأفراده خاوية من أي محتوى، إذ كيف يتأتى عقلًا أن يقطع “النظام” أوردته وشرايينه وأعضاءه؟ بل كيف يعقل أن يقطع عنقه بمثل هذه التفجيرات الانتحارية؟ إن إطلاق مثل هذه التهم من قبل المعارضة المسلحة طبعًا، مفهومة دوافعه، في إطار التحول الأخير من التصاقها بتنظيمات إرهابية مثل ما تسمى بـ”جبهة النصرة” التي أعلنت مبايعتها لتنظيم القاعدة الإرهابي، واستماتة المعارضة في الدفاع عن هذه الجبهة التي أضحت عملياتها الانتحارية ضد الشعب السوري واضحة لا تقبل الجدال، وكذلك حالة الارتباط غير القابلة للانفصام بين الجبهة وبقية مكونات المعارضة السورية المسلحة، ولذلك تحاول المعارضة السورية المسلحة أن تختفي وراء اتهاماتها المثيرة للسخرية، وتبرر استمرار تحالفها مع منفذي هذي التفجيرات والاستهدافات، بدليل أن هناك عددًا ممن يصنفون أنفسهم أنهم قيادات للمعارضة يعتبرون أن هذه الاستهدافات وسيلة لإجبار السوريين للانخراط في صفوف ثورتهم الإرهابية.