الإرهاب العابر للقارات.. ورقة الغرب الرابحة!
موقع العهد الإخباري-
د. علي أكرم زعيتر:
تناقلت وسائل إعلام روسية محلية خبراً مفاده أن منفذ العملية الانتحارية التي استهدفت الجسر البحري الرابط بين شبه جزيرة القرم الروسية والداخل الروسي، شاب في العقد الثالث من العمر يحمل الجنسية السورية، ويدعى (بيجي القمورجي)، وأن الهدف من العملية هو فصل الجزيرة عن العمق الروسي.
هذا، ولم تأتِ وسائل الإعلام الروسية على أي معلومات إضافية بهذا الخصوص، ما خلا معلومة يتيمة تقول إن منفذ العملية جال بشاحنته في دول أوروبية عدة، مروراً ببلغاريا، فجورجيا، فأرمينيا، فالقرم.
إذا ما صح الخبر، فنحن أمام السيناريو الآتي:
سوري ينتمي إلى فصيل متطرف يستهدف البنية التحتية الروسية، أو إحدى المنشآت الحيوية. قد يبدو الأمر منطقياً للوهلة الأولى، فطائرات الميغ الروسية التي دكّت أوكار الجماعات الإرهابية في حلب وإدلب وحمص، حفرت غاراتها عميقاً في وجدان تلك الجماعات، ما جعلها تتحين الفرص لرد الصاع لروسيا.
لكن ما ليس منطقياً البتّة هو:
١ـ تزامن هذه العملية مع العملية العسكرية الروسية الدائرة في أوكرانيا.
٢ـ تمكن الإرهابي (بيجي القمورجي) من عبور خمس دول أوروبية وصولاً إلى القرم، رغم الإجراءات الأمنية الصارمة التي تتخذها حكومات تلك الدول، ورغم الاحتياطات البالغة التي تتخذها روسيا، سواء داخل القرم، أو في محيطها.
إن عملية ضخمة بهذا الحجم، لا بد من أنها احتاجت إلى تحضيرات لوجستيَّة واستخباراتية معقدة، فهل لصنّاع القرار في الغرب أن يخبرونا كيف استطاع شاب سوري ينتمي إلى فصيل إرهابي، فقد قدرته على التأثير في الداخل السوري ـ حيث مجاله الطبيعي والحيوي ـ أن ينفذ عملية بهذا الحجم، خارج المدى الفعَّال له، دون الاستعانة بأجهزة استخبارات غربية من طراز الـ CIA، وجهاز الاستخبارات الألماني، والفرنسي، وسواها من أجهزة الاستخبارات الغربية؟
أين كانت أجهزة الأمن البلغارية عندما اجتازت الشاحنة المعدة للتفجير حدودها؟
هل أصابها العمى فجأة، أم أن هناك من أوعز إليها بضرورة التعامي عن مراقبة الشاحنة، بل وتسهيل مرورها أيضاً؟
معلوم للجميع، أن الفصائل التكفيرية السورية مجتمعةً، لم تستطع قبل سنوات توجيه رسالة أمنية بهذا الحجم إلى روسيا، بالرغم من حضورها الفاعل آنذاك، فكيف استطاعت اليوم رغم فقدانها القدرة على المناورة والتحشيد أن تصيب العمق الروسي في مقتل؟
عندما كنا نقول في السابق إن هذه الفصائل صنيعة أميركية ـ غربية، كانت إمَّعات أميركا وغربانها الناعقة في لبنان والوطن العربي تخرج على الشاشات لتطعن في مصداقيتنا.
الآن، وقد بانت عورة أميركا جلية في القرم، وظهر للجميع الدور الوظيفي الذي تلعبه هذه الجماعات الإرهابية، وتكشَّفت للعيان خيوط العلاقة التي تجمعها بالولايات المتحدة، فهل من يجرؤ على البوح، أم أن الجميع سيلتزم الصمت؟!