الإتفاق النووي يتأرجح بين الخبث الأميركي والدهاء الإيراني
جريدة البناء اللبنانية-
عمر عبد القادر غندور:
بعد مضيّ أكثر من 16 شهراً على المفاوضات الماراتونية حول الملف النووي الإيراني تتواصل فصولاً بين إيران والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا، والأقرب الى الحقيقة بين إيران والولايات المتحدة ولم تتوصل الى نتيجة حاسمة، ويحمل كل من الطرفين المسؤولية للطرف الآخر !
وفي آخر المستجدات انّ واشنطن درست الاقتراحات المقدمة من الجانب الأوروبي بعناية، وانّ إيران تدرس الردّ الأميركي بعناية وحذر ويمكن ان نسمع النقيض في موقف الطرف الواحد والعكس صحيح !
ومثالاً على ذلك، انّ التنازلات المقدمة من إيران أبعد ما تكون عن الاتفاق! وفي الوقت الذي يقول فيه الجانب الإيراني انّ المفاوضات حققت تقدّماً، يشيد مسؤول في الإدارة الأميركية انّ الفجوات ضاقت في الأسابيع الماضية، متهماً كلا الجانبين بالتعامي!
بينما العقبة الكبرى تتموضع في طلب إيران الوكالة الدولية للطاقة النووية بإغلاق تحقيقها الذي استمرّ ثلاث سنوات بشأن اليورانيوم غير المبرّر الذي تمّ اكتشافه (حسب الوكالة الدولية) في عدد من المواقع القديمة غير المصرّح عنها، وبدورها تطالب إيران بضمانات صريحة إذا انسحبت واشنطن من الاتفاق كما حصل في العام 2018…
وتقول «المونيتور» انّ الرئيس الأميركي بايدن يرغب في إنجاز الاتفاق بسرعة حتى لا تكون معارضة الجمهوريين ثابتة في انتخاب التجديد في تشرين الثاني المقبل وتعترف جهات أميركية جمهورية انّ الرئيس الأميركي السابق ترامب أخطأ عندما انسحب من الاتفاق النووي، وهو ما أتاح لإيران امتلاك أوراق أقوى في ضوء اختصارها للمسافة النووية حتى الصفر.
وقد تكون رغبة إيران الى العودة الى الاتفاق تماثل رغبة واشنطن الى هذه العودة وكلاهما يتطلع الى مصالحه الاقتصادية البحتة وخاصة إيران، بينما الولايات المتحدة تريد لجم الأزمة النفطية والغازية في العالم وهي التي فرضت عقوبات قاسية على روسيا لم تفرضها في زمن الحرب الباردة…
وتعتبر حوافز إيران الاقتصادية من حيث حجم احتياطات الطاقة وعندها من الغاز الطبيعي 29.6 ترليون متر مكعب ايّ 15.8% من إجمالي احتياطات العالم، ولديها من الاحتياطات النفطية 157 مليار برميل وهي تحتلّ المركز الثاني عالمياً بعد روسيا في امتلاك الغاز، وتتواصل عمليات التنقيب عن الغاز والنفط وأعلنت الحكومة العام الماضي اكتشاف حقول تحت الأرض تحتوي على 9.1 مليار برميل من النفط فضلاً عن 788 مليار مكعب من الغاز .
وتقول صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية ان «إسرائيل» تخشى الاتفاق النووي وترى انّ الوقت لا يزال سانحاً لمنع توقيعه، وما تخشاه أكثر ان تتدفق المليارات الى الخزينة الإيرانية ويتسرّب بعضها الى حزب الله وحركة الجهاد الفلسطينية، وترى انّ الاتصالات باتت أكثر حرارة وهو ما يعني انّ «إسرائيل» والولايات المتحدة في مسار التصادم! ولا نعقب على ثورة بعض القيادات «الإسرائيلية» على الولايات المتحدة وقولهم انّ «إسرائيل» غير ملتزمة بمضمون الاتفاق النووي بعد توقيعه وهي ستهاجم المواقع النووية لمنع إيران من امتلاك السلاح النووي.
ويبقى هذا التهويل مجرد حكي، ولن تتجرأ «إسرائيل» على الخروج على وليّ أمرها ومن يحميها ويمدّها بأسباب الحياة…