الأيادي والألسن القذرة المُمَوَلة
موقع العهد الإخباري-
أحمد فؤاد:
“من حرر العبيد؟”. إذا فُرض وطُرح السؤال، ستكون الإجابة الأولى والبديهية: أبراهام لينكولن، الرئيس الأميركي في فترة الحرب الأهلية، وسيزيدك المتبحر في التاريخ المصنوع هوليووديًا أن لينكولن قد دفع حياته -ويا للمأساة- ثمنًا لقراره الإنساني والنبيل.
والحقيقة التي يدركها كل دارس للتاريخ الأميركي، أن القرار كان ناتجًا عن تفكير جهنمي، عقب مرور عامين من الحرب الأهلية، وجد الرئيس الإنساني جدًا أن قرارًا بتحرير الجنوب سيتبعه هروب العبيد المضطهدين، وبالتالي سيحرم ولايات الجنوب من قوتها العاملة الزراعية والصناعية، ما سيعجل بانهيارهم. وهو أمر تمت تجربته فيما بعد مع ألمانيا، حين أمطرت قاذفات قنابل الحلفاء مدنها ومصانعها وسدودها ليل نهار بحمم لا تتوقف من الجحيم، لكسر القدرة الصناعية النازية.
والمتتبع أكثر للتاريخ الأميركي، سيعرف إلى أي مدى أسهم الأفارقة في نشوء إمبراطورية الشر العظمى، في وقت لم تكن فيه للآلة الانتشار والقدرة اللازمين، كانت أذرع 100 مليون إنسان إفريقي، تم استعبادهم ونقلهم بما يعادل القتل ألف مرة، تساهم في مد شبكات السكك الحديدية وقبلها شق الطرق والزراعة واستصلاح المساحات الشاسعة مع الأراضي المستولى عليها سابقًا من شعب كان يسكنها، ولم تكن كل حقوقهم تزيد عن خرقة بالية لستر الجسد ولقيمات تتيح لهم الحياة للمدة التي يستطيعون العمل فيها.
أما اليوم، يظن من يتابع الإعلام الناطق بالعربية، الناعق بالبترودولار، وبلسان أسياده في “تل أبيب”، إنه يعاين مأزق وجود يتهدد حزب الله، في عقر حاضنته وبيته، فضلًا عن عدو الخارج الذي يقف مستلًا سيفه، وينتظر أقل غفوة لتكرار عدوانه الأثيم على لبنان وأرضه.
وزاد ترفع حزب الله من وتيرة الهجوم، لا فرق هنا بين إعلام سعودي أو مصري أو لبناني، الكل ينبح والكل بسط لسانه للنيل من العنوان الأول والأوضح للكرامة العربية، وفي أيام أجاد مشغلوهم اختيارها، تحمل معها عبق أهم وأنصع الانتصارات، تموز 2006، تطعن الحزب من جهة وتهيل التراب على انتصارنا الكبير.
الأكاذيب ذاتها يعاد نسجها، بالأسلوب الأميركي القديم، والذي نسبوه زورًا إلى وزير الدعاية النازي جوبلز، وهم أسبق وأكثر مقدرة في هذا المجال، فسوقوا الهدوء على أنه خوف، وحاولوا إسباغ صفة التراجع والضعف على حزب كان يقاتل الكيان، ومن وراء الكيان، ومن يدعم الكيان، وقت أن كان الجميع يركع –قولًا وفعلًا- أمام الأميركي، بل ويعتبر كرسي حكمه فضلًا من واشنطن وكرمًا.
وهكذا، تكلم السيد حسن نصر الله، في وقت مفصلي، ومهم، ولذكرى عزيزة على كل النفوس الكريمة، انتصار تموز 2006، بمناسبة مرور عقد ونصف على أول انتصار عربي واضح، والذي كر من بعده عقد الانتصارات العظيم، في زمن لم يعد يعرف الهزائم والتراجع.
وضع السيد نقاطه النابضة فوق الحروف الحبلى بالأحداث المتسارعة، في وقت انعكس فيه التخبط الأميركي والعجز الصهيوني على أذنابهم، فصاروا يلهثون، سواء حصلوا على التعليمات، أو تركهم مشغلوهم لعواصف التطورات.
من نصر تموز كانت بداية كلمات سيد الوعد الصادق، سيد الانتصارات، ولى زمن الهزائم، اطل السيد، فرأينا فيه كيف يبني تراب الجنوب سقف سماء لن يطاولها حاقد أو متآمر.
قال السيد: إن “الذي منع ويمنع العدو الصهيوني من شن غارات على لبنان هو خشيته من مواجهة كبيرة مع المقاومة، والذي منع العدو من شن غارات على لبنان خشيته من تداعيات الحرب على جبهته الداخلية وجيشه”.
العدو الصهيوني أمام المقاومة الإسلامية أثبت أنه الطرف الذي يخشى على وجوده، أصلًا، نعاين زمنًا جديدًا بالكامل، لا يربطه بالزمن القديم في الصراع العربي-الصهيوني سوى المسميات فقط، أما الجبن والعجز فقد ودعا الخندق العربي منذ تموز 2006 إلى غير رجعة، وباتت أساطيرهم المدفونة في وادي الحجير وجبل عامل شاهدًا لمن يريد معاينة المعادلة الجديدة للزمن الجديد.
فند السيد كل ما حاولت الأقلام والألسن المتصهينة بناءه خلال الأيام الماضية، ورفع شعار الحزب الثابت “أشدة على الكفار رحماء بينهم”، وبين المهابة والتواضع، وضع الأمور كافة في نصاب أقل من الخطر، لكنه يستوجب الحذر مما تفعله الأموال والأيدي القذرة في لبنان، وفي غير لبنان من منطقتنا العربية المنكوبة بآل سعود وأموال آل سعود.