الأهمية الاستراتيجية لرد المقاومة
موقع العهد الإخباري-
إيهاب شوقي:
مرة أخرى أثبتت المقاومة مصداقيتها وأوفت بوعدها المتمثل في عدم السماح بكسر معادلات الاشتباك، ومرة أخرى أثبت العدو أنه لا يستطيع قراءة المقاومة وأنه فاشل في تقديره لقوتها وتوقعه لردود أفعالها.
ربما هذا الفشل الصهيوني في تقدير خطوات المقاومة هو العامل الأكبر لرعبه من المواجهة، لأن فشل تقدير رد الفعل يلازمه عسكريًا بالضرورة فشل في تقدير مدى القوة والجهوزية والتحديثات العسكرية.
وقد يصبح الفشل الصهيوني هذه المرة أخطر من المرات السابقة لأنه يأتي بعد 15 عامًا من توقف الحرب، دون توقف معادلاتها، وذلك لعدة أسباب نراها كما يلي:
1- طوال هذه الأعوام منذ انتصارات تموز، يحاول العدو ايهام الداخل الاسرائيلي، وكذلك الداخل اللبناني، بأن ما حدث في تموز2006 لن يتكرر وأن المواجهة القادمة ستختلف، وحاول العدو للمرة الأولى ترسيخ سابقة تتمثل في الغارات الجوية على الجنوب، وبالتالي فإن رد المقاومة على السابقة بمثلها، يحتم على العدو إما التراجع وبالتالي ثبات المعادلة وهو هزيمة له، وإما المضي في إثبات مزاعمه للداخل وهو ما يعني المواجهة، وبالتالي فإن اقدام المقاومة على المواجهة وابراز الجهوزية لها، دليل على فشل العدو وكشف لأكاذيبه ودعاياته.
2- تصور العدو أن المقاومة محاصرة بسبب الظرف اللبناني من جهة، والظرف الإقليمي، وتصور أن المفاوضات النووية لها تأثير على قرار المقاومة وأنها لن تلجأ لأي رد أو تصعيد.
وقد حققت المقاومة انجازًا على مستويين:
الأول، هو إثبات أنها قادرة على الرد مهما كانت الظروف الداخلية وأن صمتها على التجاوزات هو صبر وليس ضعف، وأن الصبر يقتصر على الداخل فقط حفاظا على المصلحة العامة، ولكن لا صبر مع العدو، لأن الصبر على العدو يخل بهذه المصلحة، وأن المقاومة لن تسمح بتغيير المعادلات مهما كان الثمن.
والثاني، هو أن قرار المقاومة مستقل، وهو ما قاله السيد نصر الله أكثر من مرة، وأن ربط الملف الاقليمي بالوضع اللبناني خاطئ وأن رهانات الداخل اللبناني على التطورات الاقليمية فاشلة.
وبالتالي هو اعلان للفشل الصهيوني في الربط وتحشيد المجتمع الدولي سياسيا بتكريس أكذوبة أن المقاومة اداة وليست حركة للتحرر الوطني لها قرارات مستقلة وهم على حد تعبير السيد نصر الله “سادة عند الولي الفقيه”.
3- قامت المقاومة بتثبيت عزيمة أنصارها والربت على قلوبهم بعد صبر طويل على الأذى من التطاول والعدوان، ولكنها أوضحت لهم أن الصبر مرادف العزة وأنه صبر من موقع القوة حيث الجهوزية لمواجهة العدو بجميع احتمالات الانزلاقات، وبالتالي فإن الصبر على الداخل لم يكن ضعفًا، وهو انجاز أخلاقي كبير ناهيك عن أنه تثبيت للبوصلة.
وهو ما يعني أن يصاب العدو باليأس من هذه الحرب غير المباشرة وبقاء خيار المواجهة فقط.
لقد حاول بينيت في اطار تنافسه وصراعه مع نتنياهو خرق المعادلة في الشمال لتسجيل نقطة على غريمه، وهنا فإن المقاومة أثبتت له أنها قادرة على أن تلحقه بسابقه وأنه مجرد اسم على رأس مجرد حكومة لمجرد كيان زائل.
وربما تأخذ بينيت العزة بالإثم ليفتح مواجهة ستكون مجرد معالجة للخطأ بخطأ أكبر بل وبخطيئة.