الأطفال في خطر… هل مَن يسمع ويجيب ويتدارك؟
جريدة البناء اللبنانية-
سارة السهيل:
الطفل صفحة بيضاء نقية بالفطرة، وجوهرة لا بدّ من الحفاظ عليها من الملوّثات والانتهاكات حتى لا تتهشّم وتدمّر، لكنه للأسف يتعرّض منذ الألفية الثالثة للميلاد لمخاطر تقضي على فطرته وإنسانيته في حملات ممنهجة عبر الألعاب الإلكترونية التي تدعو إلى العنف والانتحار تارة، وعبر الترويج للمخدرات في المدارس تارة أخرى وطوراً من خلال إقحام الأطفال في العصابات والميليشيات والإرهاب، ومؤخراً لحملات ترويجية لإقناعهم بالانحراف عن الطبيعة.
وهذه الأخيرة بدأت خطتها تنكشف؛ فكلما تابعت برنامجاً او مسلسلاً او أخباراً عبر وسائل الاتصال والإعلام تجد ترويجاً بشكل او بآخر من أجل نشر هذه الظاهرة بين الناس، ولاحظت أنّ بعض الإعلاميين عبر قنوات الفضائيات العربية من الرجال والسيدات بعضهم تحديداً في كلّ حلقة من برامجهم يتطرقون لهذا الموضوع كأنما هناك من يدفع لهم اموالاً للترويج بشكل أصبح مفضوحاً.
فقد وصل الخطر الى عقر دارهم (الأطفال) ذهبوا اليهم في أماكنهم في ألعابهم في قصصهم في أفلامهم (الكرتون) ومراكز الترفيه التي كنا نحبها مثل (ديزني لاند).
وصلوا إلى أبعد الحدود في خطة ممنهجة لنشر الشذوذ في العالم من ضمنها العالم العربي رغم أنه الأكثر حرصاً على تعاليم الأديان السماوية التي تحرِّم جميعها الانحراف عن الطبيعة ثقافياً واجتماعياً ليس فقط دينياً.
فالمنطق يقول انْ كنت تستطيع ان تخلق إنساناً وقتها يحق لك ان تغيّر جنسه، فهل يمكننا تغيير شجرة البرتقال الى تفاح؟
هنا أتكلم عن الأطفال وليس عن الكبار.
وتحت شعارات إنسانية كالحرية التي هي «حقّ يُراد به باطل»، فقد بدأت في 2008 بعض المؤسسات الدولية خطة لنشر هذه الأمور في الوطن العربي كما في محاولات «نتفلكس» و»ديزني» لترويجها في العالم العربي بأفلامها وألعابها للصغار من مدة.
وكانت المذيعة الأميركية ميغان كيلي قد أطلقت صرخة تحذير من الانحراف، متهمة «ديزني» بالسعي لتعليم الأطفال المثلية بتقديمها شخصيات مثلية بفيلم «لايتيير»، للأطفال، وبحسب وكالة «أسوشيتد برس» الأميركية منعت 14 دولة عربية عرضه لاحتوائه على مشاهد محظورة مما أدّى إلى خسارة مادية لمنتجيه.
وليست هذه المرة الأولى التي تمنع فيها الدول العربية والإسلامية أفلاماً لديزني، فقد منعت فيلم «دكتور سترينغ في الأكوان المتعددة من الجنون»، لما تضمّنه من توجهات تدعو وتروِّج للانحراف، وفيلم الرسوم المتحركة «حكاية لعبة» الذي نال الجزء الرابع منه جائزة الأوسكار 2020.
ومنعت فيلم «الأبديون»، وحظرت أفلام «قصة الحي الغربي» بأغلب البلدان العربية لإدراجها شخصيات متحوّلة ومنحرفة عن الطبيعة.
وكذلك شكّلت الألعاب الالكترونية خطراً داهماً على الهوية الدينية والثقافية للأطفال، مثل لعبة «بابجي»، التي تحفّز الصغار على تبني العنف والقتل والانتحار، مما دفع بعدد من الدول العربية لحظرها. كما حذر الأزهر الشريف من لعبة «فورتنايت» الإلكترونية لاحتوائها على تجسيد لهدم الكعبة المشرفة.
الخطر الداهم، هو أنّ «ديزني» تكرّس لفكرة الاعتياد على مشاهدة الأطفال للمشاهد المثلية، وانّ بعض المؤسسات الغربية قدّمت تمويلات مرعبة لنشر هذا الأمر. وانْ كنا في الماضي لم نفهم المقصود بهذا العبث، فإننا بعد ان كبرنا فهمنا، كما انّ الخطة بدأت تتضح بعد وباء كورونا والحديث عن المليار الذهبي قد فضح هذا المخطط الذي لا يهدف فقط لمحاربة الخالق في خلقه للإنسان على أحسن تقويم، وتحطيم الفطرة السوية للأطفال ونشر الفجور والفسق بكلّ انواعه بل يتعداه الى هلاك بني آدم بالاوبئة وامراض الشذوذ.
الأطباء والمتخصّصون في الطب يؤكدون انّ مشاهدة الأطفال للكرتون والألعاب المروجة للشذوذ قد يكون سبباً في تحوّله الجنسي بسبب فكرة الاعتياد.
في هذا السياق تشير د. هبة قطب الى انّ التقارير الأميركية توضح انّ 95% من الذكور يتعرّضون للتحرّش الجنسي في أميركا، 3 بالمئة منهم يكملون بهذا الطريق، وأكثر من 97 بالمئة من الشواذ يزورون أطباء نفسيين، و92 بالمئة من الشواذ يحاولون الانتحار خلال 5 سنوات.
وفي 29 آذار/ مارس الماضي أعلنت مديرة «ديزني» كايتي بيرك، أنّ الشركة ستدعم وتروِّج من الآن فصاعداً لتلك القضايا.
المشكلة انّ «ديزني» تغزونا بفكر الشذوذ بينما يعجز عالمنا العربي عن إنتاج محتوى سينمائي يلبّي احتياجات اطفالنا من المتعة والإثارة. في الوقت الذي تتحدّى فيه كيري بورك رئيسة «ديزني» العالم بإعلان إنتاج أفلام جديدة أبطالها من الشواذ، واتجاه الشركة وتحويل نحو 50% من الشخصيات الكرتونية بـ ديزني إلى شخصيات شاذّة قريباً، لدعمهم.
انّ هذه الكارثة التي أراها عالمية تتطلب التعاون الدولي والإنساني لمنع بث هذه الأفلام ونشر الوعي داخل الأسر والمجتمع بالرقابة على الصغار وتحصين فلذات أكبادهم من الوقوع في فخ الانحراف عن الفطرة.
السؤال الأهمّ، كيف يمكن ان يقتنع الناس انّ من حق الطفل أن يرمي نفسه بالتهلكة؟ وهل من حرية للطفل بأن يختار مثلاً ان يشرب البنزين أو يأكل الإسفلت؟ ونقول انّ هذا خياره ما هي مقومات الطفل العقلية التي تؤهّله ان يختار؟ فكيف يمنع الطفل من التدخين مثلا او من شرب الكحول وهو صغير اذا كان منطقهم انّ الطفل يحق له الاختيار؟
وكيف يمنع الطفل من تناول العسل مثلاً قبل إكماله عامه الاول إذا كان كلّ شيءٍ في هذه الدنيا «سداح مداح» ولماذا يمنع الأطفال مثلاً من مشاهدة الدم والقتل والعنف؟ ولماذا يوجد على الأفلام (فوق عمر 15 او فوق 18) في «سينمايات» أوروبا؟
ما هذا الاستهبال والاستدراج للناس بحجة التطور والتقدم والحرية؟
لماذا يسعى هؤلاء لتحويل طفل سوي الى مريض؟
إذا كان التعاطف مع من ولد مريضاً جميل جداً ولكن لماذا تحوّل السوي إلى مريض ومن ثم تتعاطف معه أنا لا أفهم؟ !
والنقطة الأكثر أهمية هي لماذا الطفل الذي لم يبلغ سنّ الزواج يجب ان تفتح عيناه ومداركه وحواسه على عالم الكبار والمشاعر التي لن يحتاجها بسنّه هذا ولن يفهمها عقله ولا جسده؟
العالم أصبح فعلاً شريراً بامتياز.