الأسير حلقة في سلسلة

وكالة أخبار الشرق الجديد ـ
غالب قنديل:

ليس أحمد الأسير وأتباعه أول مجموعات التطرف والتكفير و لاهم آخرها في واقع لبنان السياسي فمنذ السبعينات تعاقبت تعبيرات متنوعة وموجات متلاحقة من هذا الاتجاه المتطرف الذي رعته المملكة السعودية غالبا وشاركتها في تمويله وتضخيم صورته الإعلامية دولة قطر في ما بعد وخصوصا في السنوات الأخيرة.

اولا  إن ظاهرة التطرف و التكفير الممولة من الخارج والمرتبطة بسفارات الخليج موجودة في لبنان قبل تأسيس حزب الله وقبل اتفاق الطائف وبالتأكيد قبل الأحداث السورية وهي شرعت بالانتشار في بيروت والشمال والبقاع والمخيمات منذ سبيعينات القرن الماضي وتعاقبت على الظهور أطر عديدة من تشكيلاتها التنظيمية وهي كانت محاكاة مدبرة في لبنان من اجهزة الاستخبارات السعودية لما انتجته ورعته من تنظيمات عابرة للحدود ، منذ حرب أفغانستان وتبلور ما سمي بالجهاد العالمي ، وقد سجل انخراط شباب لبنانيين في تلك المجموعات المتطرفة التي جندها السعوديون سواء عبر جهاز الاستخبارات أم من خلال فروع تنظيم الأخوان المسلمين أم عبر جمعيات و منظمات محلية ارتبطت ماليا وعقائديا بجمعيات وهابية تكفيرية في المملكة وهو ما أدى إلى تورط العديد من اللبنانيين في أنشطة شبكة القاعدة في ما بعد وقد عاد بعض الإرهابيين اللبنانيين من الخارج ليؤسسوا أوكارا محلية  مثل سواهم من الأفغان العرب الذين حملوا رسالة القاعدة التكفيرية إلى الجزائر ومصر واليمن وغيرها وحملوا معها ارتباطات امنية ومالية اكتسبوها خلال القتال في أفغانستان .

ثانيا   أواخر العام 1999 ظهرت مجموعة الضنية بقيادة بسام كنج المعروف بإسم «أبو عائشة» وقد حارب في افغانستان في صفوف القاعدة  كما انتقل إلى الشيشان، قبل ان يسافر من هناك إلى الولايات المتحدة الاميركية ثم يعود مجدداً الى افغانستان بطلب من مسؤولين في تنظيم «القاعدة».

عاد بسام كنج الى لبنان وبحسب المعلومات التي خلص اليها المحققون بعد احداث الضنية فإن «أبو عائشة» وجماعته عقدوا العزم «على التسلح والتدريب جيداً لخوض مواجهة مع السلطة اللبنانية والجيش وراهنوا على تقسيم الجيش بحيث يمكنهم ذلك من تحرير لبنان من «النظام الكافر» .

قتل كنج في المعارك التي خاضها ضد الجيش اللبناني وحضر موفدون اميركيون للتحقيق في ظروف مقتله لأنه ممن منحهم الرئيس الأميركي رونالد ريغان الجنسية الأميركية ووصفهم بفرسان الحرية خلال حرب أفغانستان ضد الجيش الأحمر السوفيتي وبعد مقتل أبو عايشة ظهرت مشاركة لبناني آخر في عمليات القاعدة هو الشاب زياد الجراح الذي كان في عداد منفذي هجمات 11 أيلول أما في المغتربات وخصوصا في أستراليا  وبعض الدول الأوروبية فلا تنفك تظهر المعلومات و الأخبار عن لبنانيين مشاركين في نشاط جماعات تكفيرية و إرهابية منذ عام 2001 .

ثالثا  قبل ذلك التاريخ بسنوات عديدة كانت نشأة ما عرف بعصبة الأنصار التي مارست القتل والإرهاب جهارا و نفذت اغتيال الشيخ نزار الحلبي رئيس جمعية المشاريع وتحول لجوؤها إلى مخيم عين الحلوة إلى لغزمتواصل انبت واحتضن تنظيمات تكفيرية نشرت إرهابها في لبنان و سوريا منها فتح الإسلام و جند الشام .

على امتداد العقود الثلاثة لظهور التكفيريين في لبنان كانت الرعاية السعودية الخفية لهذا النوع من التنظيمات دائمة ومستمرة وهذا هو سر التشابك والتداخل بينها وبين الحريرية التي تجاهر بل تفاخر بكونها استطالة سعودية في لبنان ولذلك كانت الحريرية و ما تزال تقدم الدعم الخفي لهذه الظواهر والتجمعات وتوفر لها الحماية السياسية والأمنية عند اللزوم وهي تسعى لتوظيفها ضمن ثنائية التطرف والاعتدال المزعومة .

الإزدواج الحريري في التطرف والتكفير سابق للأحداث السورية وللنزاع مع حزب الله وهو نسخة عن الإزدواج الأميركي والسعودي حيث تسعى هذه الجهات ( ومعلمها واحد ) لتغذية التطرف والإرهاب وتبريره بذرائع شتى وهي توظفه وتستعمله في خدمة مشاريعها ومصالحها بينما تلقيه وتتنكر له عندما ينهزم و يفشل فتغسل يديها من دمه او تتكفل بتصفيته بنفسها كأداة فقدت فاعليتها وتعذر الاحتفاظ بها وهذا هو سر تناسخ الأسماء والأطر التنظيمية التي تضج بها المسامع في أربع جهات الأرض كلها وفي بلدنا الصغير أيضا اما الصراخ الإعلامي الشنيع الذي نسمعه بعد معارك عبرا فليس سوى جعير المهزومين الذين اسودت وجوههم بسقوط الموقع المتقدم لحرب أهلية سعوا إليها وما زالوا بالأفعال و الأقوال .