الأسرى ومعركة الحرية
صحيفة الوطن العمانية ـ
د. فايز رشيد:
” ما نود أن نسأله: لو أن إسرائيلياً واحداً كان معتقلاً لدى الفلسطينيين أو في السجون العربية، وقام بإضراب عن الطعام لمدة طويلة، فكيف سيكون رد الفعل الدولي على هذا الإضراب؟ الجواب بالتأكيد هو: لقامت الدنيا ولم تقعد، ولاستنكر العالم احتجازه، بدءًا من البيت الأبيض حتى مسؤول بسيط في أصغر دولة،”
المطلوب حملة تضامن قوية وواسعة مع أسرانا المضربين عن الطعام في سجون العدو الصهيوني، على المستويين الفلسطيني والعربي، ولنجعل منها قضية دولية. الأسير سامر العيساوي مضرب عن الطعام للشهر الثامن على التوالي، وقد سجّل رقماً قياسياً في”مجموعة غنينيس للأرقام” فهو حتى اللحظة خاض أطول إضراب في التاريخ. العيساوي كان قد أُفرج عنه في صفقة شاليط. في يوليو الماضي قررت سلطات الاحتلال إعادة اعتقاله بحجة أنه خرق شروط الاتفاقية التي أُبرمت مع إسرائيل بذهابه إلى حي الرام في القدس المحتلة. لقد رفضت المحكمة الإسرائيلية الإفراج عنه في يومه ال213 من الإضراب عن الطعام وحكمت عليه بالسجن ثمانية أشهر ويتوقع أن لايتم الافراج عنه بسبب وجود أمر اعتقال آخر بعد انتهاء المدة. العيساوي مهدد بالموت الفجائي وفقما قال مندوبو الصليب الأحمر.
الأسيران طارق قعدان وجعفر عز الدين دخلا يومهما الــ86 حين كتابة هذه المقالة، قعدان اعتقل ما يزيد عن 14 مرة, وآخر اعتقال له كان في نوفمبر الماضي. بدأ الإضراب بعد أربعة أيام على اعتقاله. الأسير عز الدين كان من قبل قد خاض إضراباً عن الطعام استمر 54 يوماً، اضطرت إسرائيل للإفراج عنه إثر معركة “الأمعاء الخالية” التي أطقلتها الحركة الأسيرة في إبريل الماضي. لم يمكث طويلاً خارج السجن وجرى من جديد اعتقاله مع قعدان في نفس اليوم.
الأسير أيمن شراونة، اعتقل من قبل، وأطلق سراحه في صفقة شاليط، وأُعيد اعتقاله في أواخر العام الماضي 2012 بموجب القانون الإداري سيء الصيت. اضراب شروانة يدخل الآن يومه الـ140.
هذه نماذج قليلة من الأسرى الفلسطينيين الأبطال المضربيين عن الطعام،نسوقها من أجل إعطاء الدليل على بطولات معتقلينا في سجون العدو الصهيوني.على طريق التضامن مع المضربيين، قام 800 أسير فلسطيني بالإضراب ليوم واحد(20 فبراير الحالي).
ما نود أن نسأله: لو أن إسرائيلياً واحداً كان معتقلاً لدى الفلسطينيين أو في السجون العربية، وقام بإضراب عن الطعام لمدة طويلة، فكيف سيكون رد الفعل الدولي على هذا الإضراب؟ الجواب بالتأكيد هو: لقامت الدنيا ولم تقعد، ولاستنكر العالم احتجازه، بدءاً من البيت الأبيض حتى مسؤول بسيط في أصغر دولة، ولدعا المجتمع الدولي بأسره إلى إطلاق سراحه منذ اليوم الأول. رأينا مثل ردود الفعل هذه بعد أسر واحتجاز شاليط ( في ظروف إقامة خمس نجوم إذا ما قورنت بظروف أسرانا)، رغم أنه جاء معتدياً وشارك في العدوان الصهيوني على قطاع غزة. للأسف فإن المجتمع الدولي صامت صمت القبور حول قضية الأسرى الفلسطينيين، الذين يعيشون ظروفاً بالغة السوء أولاً، وثانياً: صَمَتَ حول المضربيين عن الطعام من الأسرى الفلسطينيين( ومنهم من دخل إضرابه عن الطعام شهره الثامن على التوالي، كالأسير العيساوي) لم نسمع استنكاراً واحد من المجتمع الدولي يدين الهمجية الصهيونية، ولم نسمع عن مطالبة دولية واحدة بإطلاق سراح (ولو) المضربين عن الطعام من الأسرى الفلسطينين, اللهم سوى من بعض المنظمات الدولية غير الحكومية الصديقة للقضية الفلسطينية. هذا هو العالم يكيل بمكيالين لنفس الظاهرة.
المطلق سراحهم بموجب الصفقات والاتفاقيات مع إسرائيل، يجري اعتقالهم مرة أخرى لأتفه الأسباب, وهو ما يعني أن الاتفاقيات التي توقع عليها الدولة الصهيونية حول هذا الشأن لا قمية لها، فهي تقوم بخرقها دوماً، رغم ضمانات الوسطاء سواء أكانوا عرباً أم أجانب. من زاوية أخرى تشترط إسرائيل على بعض المفرج عنهم من الفلسطينيين أن يجري إبعادهم إلى قطاع غزة، لمدة محددة، رغم أنهم من أهالي الضفة الغربية، وعند انتهاء المدة ترفض عودتهم تماماً, مثلما رفضت اعادة محتجزي كنيسة بيت لحم المبعدين إلى دول أوروبية لثلاث سنوات، ورغم مضي المدة ومرور أضَعافَها ترفض إعادتهم إلى بلدهم ووطنهم، هذه هي إسرائيل وهذا هو نهجها الدائم خرق ما سبق وأن قبلته ووقعت عليه. أيضاً هذه القضية:الإبعاد للأسرى،لا يجري استنكارها من المجتمع الدولي، ولا استنكار الغدر الإسرائيلي المتمثل في خرق الاتفاقيات الموقعة مع الفلسطينيين بضمانات دولية وعربية.
كذلك خرقت إسرائيل الاتفاقية الموقعة مع السلطة الفلسطينية بضمانة ووجود أميركي ـ بريطاني، بنقل المعتقلين في المقاطعة(مقر الرئيس الفلسطيني) إلى سجن أريحا وبقاءهم فيه. على سبيل الضمانة تواجد في السجن شرطيان أميركي وبريطاني. إسرائيل خرقت الاتفاقية واعتدت عسكرياً على السجن واختطفت المحتجزين ومنهم احمد سعدات الأمين العام للجبهة الشعبية, إلى السجون الإسرائيلية داخل فلسطين المحتلة عام 1948, ولم نرا استنكاراً واحداً من أميركا وبريطانيا ضد الاعتداء الإسرائيلي رغم المسؤولية المعنوية والأخرى المادية التي يتحملها البلدان عن خرق إسرائيل للاتفاقية. العكس هو الذي يجري، إذ تقوم البلدان وغيرهما بتبرير العدوان الصهيوني من أجل مفهوم “أهمية الأمن الإسرائيلي”
يبقى القول: لقد أثبتت التجربة أن طريق تحرير الأسرى الفلسطينيين هو مبادلتهم بإسرائيليين متحجزين لدى فصائل المقاومة الفلسطينية، فالاتفاقيات مع إسرائيل لا تساوي قيمة الحبر الذي تُكتب به.
إن من حق الأسرى الفلسطينيين علينا،هو التضامن بأوسع أشكاله معهم ومع قضيتهم العادلة.إن أسرانا يطالبون بالحرية،وهي حق مقدس لهم،وهو مطلب عادل.فلنصنع من قضيتهم قضية دولية قضية منتشرة إعلامياً:فلسطينياً وعربياً