الأسد رئيساً حتى 2021
«المؤكد» أصبح رسمياً. الرئيس بشار الأسد سيواصل مهماته على رأس الدولة السورية. هذا ما بينته نتائج انتخابات الرئاسة، وما عبرت عنه تظاهرات الفرح الممزوج بتساؤلات عن الغد الآتي. مهمة يدرك الجميع مدى صعوبتها، زادت نسبة التأييد من وطأتها على رئيس ثبّت مكانته التي باتت خارج أي مساومة أو حسابات
فصل طوي أمس من كتاب الحرب السورية وبقيت فصول. تحديات سياسية وعسكرية وأمنية واقتصادية تنتظر حلولاً لا أحد يعرف إن كانت في متناول اليد. انتقاد الغرب لما سماه «المهزلة» الانتخابية لا يحجب حقيقة عبّر عنها السفير الأميركي السابق في سوريا روبرت فورد. هي «إشارة إلينا، وإلى البلدان الأخرى أنّ (الرئيس السوري بشار) الأسد لن يرحل، وأنه باقٍ، وقد رسّخ قدميه في العاصمة»، قال الرجل، في وقت كان فيه حلفاء دمشق، وأولهم طهران، يرحبون بـ«قرار الشعب السوري».
الكلمة المفتاح جاءت على لسان رئيس مجلس الشعب، محمد جهاد اللحام. كان هو من أعلن فوز بشار الأسد بالانتخابات الرئاسية السورية بحصوله على 10 ملايين و319 الفاً و732 صوتاً، بنسبة 88,7 بالمئة من أصوات المقترعين. المرشح الثاني حسان النوري حصل على 500 ألف و279 صوتاً بنسبة 4,3 بالمئة من عدد الأصوات الصحيحة، فيما حصل المرشح الثالث ماهر حجار على 372 ألفاً و301 صوت، بنسبة 3,2 بالمئة.
اللافت كان في عدد الناخبين ممن يحق لهم الاقتراع داخل سوريا وخارجها. بلغ، بحسب اللحام، 15 مليوناً و845 ألفاً و575 شخصاً، فيما بلغ عدد الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم 11 مليوناً و634 ألفاً و412 ناخباً، أما عدد الأوراق الباطلة فبلغ 442 ألفاً و108 أوراق بنسبة 3,8 بالمئة.
«إن شعبنا السوري لم يفقد بوصلته ولم تتأثر رؤيته الثاقبة نتيجة الأحداث، بل فاضت وطنيته العالية بأبهى صورها في الميادين كافة، فكان الصامد في وجه المرتزقة التكفيريين، المتمسك بسيادته واستقلالية قراره الوطني الواثق بالنصر»، هي الخلاصة التي وصل إليها اللحام في ذاك المؤتمر الصحافي الذي عقده أمس.
في هذا الوقت، كان روبرت فورد ينتقد بشدة السياسة الخارجية للبيت الأبيض بشأن سوريا. هاجم، في مقابلة مع تلفزيون «بي. بي. إس»، «تردّد واشنطن» الذي كان من نتيجته أن «زادت الخطورة التي يمثلها المتطرفون للولايات المتحدة». «لا أدري هل هم مستعدون لتوسيع نطاق مساعداتهم على نحو يكون له أثر ملموس في الأرض، وهذا هو المهم؟»، تساءل السفير السابق في سوريا، مشدداً على أنه «يجب علينا وكان يجب علينا منذ وقت طويل مساعدة المعتدلين في صفوف المعارضة السورية بالأسلحة والمساعدات الأخرى غير الفتاكة. لو فعلنا ذلك قبل عامين، لو كنا قد قمنا بتوسيع نطاق مساعداتنا لما استطاعت جماعات القاعدة التي تكسب أتباعاً أن تنافس المعتدلين الذين نتفق معهم في الكثير من الأمور». وعن الانتخابات، قال فورد: «إنها إشارة إلينا، وإلى البلدان الأخرى في المنطقة، وإلى أوروبا، وغيرها أن الأسد لن يرحل، وأنه باقٍ وقد رسخ قدميه في العاصمة».
من ناحيته، دعا الاتحاد الأوروبي دمشق إلى إجراء «مفاوضات سياسية حقيقية» لإيجاد حلّ للنزاع، غداة انتخابات رئاسية اعتبرها «غير شرعية». وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، كاثرين آشتون، إنّ الاتحاد «يعتبر أنّ الانتخابات تسيء إلى الجهود السياسية المبذولة لإيجاد حل لهذا النزاع المريع». وأضافت، في بيان، أنّ «النظام رفض إعلان جنيف أساساً لعملية سياسية انتقالية وواصل عملياته العسكرية، ما أدى إلى مقتل اكثر من 150 ألف شخص ونزوح 6,5 ملايين، فيما غادر 2,5 مليون شخص».
ونقلت «فرانس برس» عن مسؤول رفيع المستوى في الاتحاد الأوروبي قوله إنّه «يجب الآن إيجاد أفكار أخرى لأن الخطة التي اقترحها مؤتمر جنيف 1 وصلت إلى طريق مسدود».
ورأى المسؤول أن «من مصلحة» الغربيين تشجيع استئناف المفاوضات في أقرب فرصة بسبب «عواقب» استمرار النزاع.
بدوره، وصف وزير الخارجية الكندي، جون بيرد، الانتخابات الرئاسية بـ«المزيفة والسخيفة». وفي بيان أصدره، قال بيرد إنّ «بشار الأسد توجه لصناديق الاقتراع لانتخاب نفسه كما حشد مناصريه للقيام بالمثل، في الوقت الذي كان فيه معارضوه يتعرضون للقتل بالبراميل المتفجرة التي يلقيها طيرانه الحربي عليهم». ودعا وزير الخارجية للانتقال إلى نظام «تعددي وديموقراطي» في سوريا، مشيراً إلى أن «الشرعية» تنبثق من إرادة السوريين، لا من «فئة قليلة تحتكر الحكم».
في المقابل، قال رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني، علاء الدين بروجردي، إنّ «الانتخابات التي جرت تبشر ببدء مرحلة جديدة من الاستقرار والمصالحة الوطنية في سوريا». وأضاف أنّ «الشعب السوري شارك بحرية تامة في الانتخابات وحملات الغرب وتضليله لم تنجح في ثني الشعب عن حقه»، مضيفاً: «إننا نحترم خيار الشعب السوري في اختيار رئيسه دون أي تدخل خارجي». واتهم بروجردي الولايات المتحدة الأميركية والغرب بدعم مقاتلي المعارضة، معتبراً أنّ «الولايات المتحدة وحلفاءها مسؤولون عن الجرائم ضد الشعب السوري، ويجب وقف دعمهم للإرهاب».
من جهته، اعتبر مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والأفريقية، حسين أمير عبداللهيان، أن «المشاركة الواسعة للشعب السوري في الانتخابات الرئاسية دليل على انتصار الديموقراطية».
ورأى أنّ «على من يدعم الإرهابيين أن تصله رسائل الشعب السوري وأن يعود عن الطريق الخطأ الذي سلكه».
صحيفة الأخبار اللبنانية