الأزمة الاقتصادية في لبنان.. كيف نعطل مشاريع الفساد والغطرسة الأميركية؟!
من المجحف بحق لبنان واللبنانيين ومن السطحية اعتبار ان الحرب الاقتصادية التي نتعرض لها اليوم ضمن جولة من “الكباش” الايراني الاميركي في المنطقة، فما يجري بصريح العبارة هو حرب تجويعية اميركية لكل اللبنانيين في إطار الضغط على المقاومة وبيئتها وحلفائها وحتى خصومها، من كل الفئات والمكونات اللبنانية، بهدف محاولة الاذلال والانتقاك وكذلك التحريض والتجييش وبث الفتن بين ابناء الشعب الواحد.
ومع ذلك نرى البعض يخرج ليدافع -عن قصد أو غير قصد- عن الغطرسة الاميركية المفضوحة التي تريد مساومة اللبنانيين على لقمة عيشهم وودائعهم، ويحاول تبرير ذلك بعدم الانصياع او الرضوخ للادارة الاميركية، وكأن هذا الامر هو مصير محتوم للبعض الذي لا يرفع الصوت بـ”لا” لكل ظالم ومتجبر.
ما جرى ويجري في لبنان ليس فقط سرقة ودائع المودعين و”جنى أعمارهم” أو محاولة بعض الجهات السياسية “غض النظر” عن الاوضاع المأساوية التي دفعت البلد إليها عبر إغراقه بالفساد وبالديون وتراكم القروض للدول والمنظمات في سياسة مكشفوفة لرهنه للجهات المقرضة، ليسهل على الاخيرة فرض شروطها في مختلف المجالات على لبنان، ومن المؤكد ان “اسرائيل” بكل مصالحها الامنية والعسكرية والامنية وغيرها، لطالما كانت في أعلى سلم أولويات المجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة.
مشاريع مشبوهة.. وغايات خفية
صحيح ان في لبنان فسادا عمره سنوات طويلة وان هناك هندسات مالية معلنة وغير معلنة لطالما ساهمت برسم نمط معين لحياة اللبنانيين بغية التحكم بحياتهم، لكن كل ذلك ليس بالمسألة العابرة والتي لها بُعدها المالي او الاقتصادي و”الاحتيالي” لبعض المصارف او رجال الاعمال فحسب، بل انه ايضا ليس مجرد صدفة او اجتهاد شخصي من هذا او ذاك، فهو يندرج ضمن مشاريع تديرها الجهات الدولية التي لها الأيادي الطولى في التحكم باقتصاديات الدول وأنظمتها لا سيما في منطقة شديدة الحساسية كالشرق الاوسط التي تحتوي على “النفط واسرائيل” في آن واحد، وكلاهما يهمان الجهات الدولية وعلى رأسها الإدارة الاميركية.
والحقيقة ان هذا الخارج طالما كان حليفا وصديقا للطبقة السياسية الحاكمة ولكل من ساهم بمراكمة المشاكل في لبنان، فكيف يمكن التوقع من هذه الجهات الدولية ان تكون راعية الإصلاح والإنقاذ في لبنان؟ أليس من الطبيعي ان يكون هناك شكوكا ان هؤلاء سيحاولون تحقيق مصالحهم اليوم بأسلوب آخر؟ أليس نفس هذه الجهات عملت على تحقيق مصالحها بالتحالف مع الفاسدين؟ ولما لا يكون شعار الإصلاح ومحاربة الفساد و”الإنقاذ” الذي يحاول الخارج رفعه هو “مطية” لسلوك درب المصالح من جديد بأقنعة جديدة؟
لتعطيل الضغط الاميركي.. والوسائل عديدة
في هذا الظرف لا بد من إيجاد الوسائل الداخلية والخارجية الكفيلة برفع هذا الضغط وإنهاء مفاعيله ونزع فتيل الأزمة أيا كان يقف خلفها، وعلى رأس هذه الوسائل ان نعمل على محاربة الفساد وكل من يتلاعب بالأسعار ويعمل على رفع سعر صرف الدولار الأميركي امام الليرة اللبنانية وصولا للبحث في تفعيل القطاعات الانتاجية على حساب الاستهلاك المطلق في كل شيء، ورأس الحربة في كل ذلك هو القضاء الذي يجب ان يلعب دوره بالبت بكل الملفات المعلقة بالفساد وعدم التراخي بمحاسبة الفاسدين، كما يجب على القضاء النزيه والجريء ان لا يترك اي سبيل ممكن في هذا المجال إلا ويسلكه دون تهيب أي شيء ومهما كانت الضغوط، فهذه الفرصة الذهبية للقضاء المستقل والنزيه لإثبات وجوده ولعب دوره المأمول منه.
كما انه في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة يجب على كل الأطراف ان تتكافل فيما بينها، وعلى الأحزاب والتيارات والجمعيات والمرجعيات والفعاليات الدينية والاجتماعية والمحلية وكل من يستطيع التحرك بقدر الإمكان، بالحد الادنى في نطاقه ومجتمعه الضيق او على صعيد كل لبنان، لتقديم الدعم المالي والعيني والغذائي للناس بدون تمييز وبدون البحث عن مكاسب سياسية آنية، ومن لا يستطيع ذلك عليه عدم التشويش على غيره ممن يبادر للمساعدة لان ذلك أجدى في تحقيق المصلحة العامة للمجتمع.
وبالختام لا بد من التذكير بكلام سابق للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في 16-6-2020 حيث أكد ان “أميركا لا تفتش في لبنان إلا على مصالح إسرائيل.. الأميركيون لا يبحثون عن سيادة ومصلحة لبنان ولا يعملون محبة بالشعب اللبناني وهم يبحثون فقط عن المصالح الإسرائيلية.. المراهنون على جوعنا نقول لهم لن نجوع ولن نسمح أن يجوع لبنان .. ولن نسلم للامريكيين ولن نخضع لكم تحت ضغط التجويع.. من سيضعنا بين خيار القتل بالسلاح أو الجوع سيبقى سلاحنا في أيدينا ونحن سنقتله”.