“الأخبار”: مصدر أمني يؤكد دخول الأسير إلى عين الحلوة وأبو عرب ينفي مؤكداً أنه في طرابلس
كتبت آمال خليل في صحيفة “الأخبار”:
إعلان الشيخ سراج الدين زريقات مسؤولية كتائب عبدالله عزام عن تفجيري بئر حسن، جرّ مخيم عين الحلوة إلى الواجهة. هناك، حيث يقيم نائب أمير «الكتائب» توفيق طه، تتفق الفصائل الوطنية والقوى الإسلامية ليس على نفي وجود الشيخ أحمد الأسير في المخيم فحسب، بل يؤكدون ألا حضور للكتائب بينهم
بعد ساعات قليلة على كشف هوية أحد الانتحاريَّين اللذين نفذا تفجير السفارة الإيرانية في بيروت، اللبناني من أصل فلسطيني عدنان المحمد، وصل نبأ مقتل براء غالي (19 عاماً) من المية ومية، خلال قتاله في سوريا ضد الجيش السوري. أطلق المخيم الصيداوي رصاص الابتهاج بمقتل «أبو الليث» الذي زفّت عشيرته بـ«الفرح والفخر استشهاده في ساحات الشام في منطقة دير عطية». لكن براء ليس الأول من المية ومية أو عين الحلوة الذي يسقط خلال قتاله مع المعارضة في سوريا، في الوقت الذي تستمر فيه مغادرة عدد من الشبان من الرشيدية والبص والبرج الشمالي في الطريق ذاته. لذا، لم يفاجأ الكثيرون بتورط أحد فلسطينيي لبنان بتفجيري السفارة، رغم استنكار الفصائل والقوى الفلسطينية كافة وإدانتها لذلك.
في حي الطوارئ في عين الحلوة، يتمركز علناً نائب أمير «كتائب عبدالله عزام» ومسؤول «سرايا زياد الجراح»، الفلسطيني أبو محمد توفيق طه، المطلوب للدولة اللبنانية والمحكوم بالإعدام غيابياً بتهمة تورطه في عمليات إرهابية، منها اعتداءات على قوات اليونيفيل وإطلاق صواريخ باتجاه فلسطين المحتلة. وعلى نحو افتراضي، فإن بعض التقارير الأمنية ترجّح وجود أمير الكتائب السعودي ماجد الماجد في المخيم أيضاً. التفجيران أنعشا فرع «عبدالله عزام» في عين الحلوة وطرحا تساؤلات عن علاقته بالتخطيط والتنفيذ، علماً بأن التقارير الأمنية تحدثت عن علاقة طه ومعه أمير فتح الإسلام أسامة الشهابي وقادة بقايا جند الشام وفتح الإسلام، من بينهم هيثم ومحمد الشعبي ويحيى وصالح أبو السعيد وبلال البدر… بعناصر من القاعدة، تردد أن بعضهم زار المخيم لتنسيق تجنيد الشباب ونقلهم للقتال في سوريا والتخطيط لعمليات إرهابية تستهدف حزب الله.
علاقة الانتحاريين بالشيخ أحمد الأسير طرحت التساؤلات عن دوره في تفجير السفارة. بحسب مصدر أمني، دخل الأسير إلى المخيم منذ حوالى خمسة أشهر وشوهد مرات عدة في منزل هيثم الشعبي وبرفقة طه في حي الطوارئ. وإذا ثبت وجود الأسير داخل عين الحلوة، فإنه انضم إلى فضل شاكر وأبرز مرافقيهما الذين شاركوا في معركة عبرا وفروا معهما، ومن بينهم أمير جند الشام السابق أبو العبد الشمندور. المصدر رجّح معرفة طه مسبقاً بتفجيري بئر حسن بسبب الترابط الهيكلي للكتائب. المشهد كله مستمد من روحية عمل القاعدة. أما بالنسبة إلى الأسير، فقد رأى المصدر أن دوره ضمني لناحية تأسيس الأرضية التعبوية والمذهبية داخل أنصاره، مثل معين أبو ظهر، التي استثمرتها القاعدة حتى وافق على أن يموت بهذه الطريقة. المصدر كشف عن مخطط لاستهداف المجموعات المتطرفة في المخيم، ينتظر القرار السياسي ويتريث خوفاً على المدنيين. وأشار إلى أن مرجعيات أمنية «تنتظر من القوى الإسلامية إظهار حسن نية في تحييد المخيمات من خلال المساعدة على ضبط نشاط المجموعات وتسليم المطلوبين منهم، المتورطين في الاعتداء على الجيش وفي عمليات إرهابية». ولفتت إلى أن نجاح المفاوضات الإيرانية سينعكس سلباً على مصير تلك المجموعات في سوريا وصولاً إلى لبنان، ولم تستبعد اتخاذ القرار بالاقتصاص منها في المخيمات.
في بيان رسمي، أعلنت القيادة الفلسطينية أن «مشاركة فلسطيني في الهجوم على السفارة الإيرانية عمل فردي مدان نحن منه براء ولا يخدم سوى أعداء قضيتنا وأعداء أمتنا». وفي عين الحلوة، تلاقت الفصائل الفلسطينية والقوى الإسلامية، تقدمها قائد جهاز الأمن الوطني الفلسطيني صبحي أبو عرب وأمير الحركة الإسلامية المجاهدة جمال خطاب والناطق الإعلامي لعصبة الأنصار أبو شريف عقل ومسؤول حماس في منطقة صيدا أبو أحمد فضل، وأكدوا التزامهم بسياسة الحياد الإيجابي وعدم التدخل في الشؤون اللبنانية الداخلية والعمل على حفظ أمن واستقرار المخيمات والجوار اللبناني، ورفض الزج بالمخيمات وأبنائها في أتون الخلافات السياسية بهدف توريطها في الأحداث الأمنية اللبنانية.
وفي اتصال مع «الأخبار»، نفى أبو عرب دخول الأسير إلى عين الحلوة بعد معركة عبرا، مؤكداً باسم الفصائل والقوى أنه موجود في طرابلس. أما بالنسبة إلى توفيق طه، فقد استغرب زج اسمه «في عمل أمني بهذا المستوى، في حين أنه رجل عادي وبسيط يعيش بمفرده وأعطي أكبر من حجمه وألبس لبوساً أوسع منه» يقول أبو عرب.
أحد القياديين الإسلاميين في المخيم، رجّح أن يكون «ادّعاء زريقات مسؤولية كتائب عبدالله عزام لإخفاء الجهة الحقيقية التي تقف وراء التفجير الذي يفوق إمكانات المخيم». القيادي لفت إلى أن طه نفى علاقته بالتفجير فور وقوعه، في جلسة جمعته بناشطين إسلاميين في المخيم قبل أيام. وماذا في حال ثبوت علاقة طه بالتفجير؟ يجزم القيادي بأن القوى والفصائل مجتمعة لن تقبل بتدمير المخيم كرمى لشخص واحد، وهي مستعدة للتعاون مع الدولة اللبنانية لفعل ما يلزم. وحتى ذلك الحين، «لا وجود لكتائب عبدالله عزام في عين الحلوة»، يحسم القيادي.