افتتاح مؤتمر “دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين” في بيروت
موقع إنباء الإخباري ـ
تغطية خاصة ـ سحر بلوط:
رغم أن العيون باتت تألف مشاهد الموت، يأبى الدمع إلا أن يشارك البحرين شيئاً من حزنها عند رؤية ما تعرّض له الشعب البحريني على مدى اثنين وعشرين شهراً من الاضطهاد والقمع.
تحت عنوان “دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين” ينظّم منتدى البحرين لحقوق الإنسان مؤتمراً في العاصمة اللبنانية بيروت استمراراً في مسيرة الدفع لتحقيق المطالب العادلة للشعب البحريني.
وفي حفل الافتتاح الذي أقيم في فندق كورال بيتش مساء الأربعاء 12 ديسمبر 2012، اجتمعت فعاليات حقوقية وسياسية مع نقل تلفزيوني شمل 10 قنوات فضائية وبمشاركة شخصيات سياسية وحقوقية عربية وأجنبية.
استُهلّ المؤتمر بفيديو عرض على الحضور مشاهد تجاهلها الرأي العام مدة كافية لتزيد من قسوتها. رجال من الشرطة يعتدون على محتجين عزّل بالهراوات والركل والدهس والسحل والقنص، شهداء مرّوا مرور الكرام على محاضر المحاكم الخليفية الوهمية إلا أنهم رسموا للثورة معنى كربلائياً جديداً.
البداية كانت مع كلمة الجهة الداعية، ألقاها رئيس المنتدى السيد يوسف ربيع، تساءل فيها عن الصمت إزاء أكثر البقاع أحقية بربيع عربي حقيقي، ما أعطى حكومة آل خليفة الفرصة لترتيب أنماط القمع والتفنّن في إهانة الكرامات. ووجّه نداء استغاثة من هول الدكتاتورية، خاصة إلى من أملوا من تقرير بسيوني خيراً.
ولفت ربيع إلى أن الانتهاكات التي سُجلت بعد تقرير بسيوني كانت أكثر ضراوة من تلك التي سجلت قبله، إلا أنها كانت منظمة أكثر. ومن أبرز النقاط التي وقف عندها رئيس المنتدى، الاعتقال التعسفي خاصة للأطفال الذين بلغ عددهم 84 طفلاً، منهم من تعرّض للتعذيب ومنهم من تعرّض للاعتداء الجنسي أيضاً.
ولفت إلى أن الصمت العالمي أعطى للقتلة حصانة مكّنتهم من ممارسة جرائم ضد الإنسانية دون أدنى خوف من ملاحقة أو مساءلة، خاصة في ظل محاكمات صورية لا تتمتع بأي من أخلاقيات المحاكمة، أمنت الغطاء القانوني للمجرمين الفعليين.
تلاه في إلقاء الكلمة، النائب في البرلمان اللبناني الأستاذ نوار الساحلي الذي ذكّر بأصل كلمة ديمقراطية الآتية من إرادة الشعوب والتي أضافت لها الإدارة الأميركية وصفاً مبطناً “إذا كانت في مصلحة أميركا”.
كما ندّد بازدواجية المعايير في الوقوف إلى جانب الثورات بحسب ما تخدم السياسة الأميركية وإلا فيكون مصيرها المزيد من القمع. وتمنى أن يكون للمؤتمر هذا تأثير مختلف عن غيره من حيث الفعل، لا أن يكون التضامن حبراً على ورق، لتبقى البحرين نموذجاً مميزاً للتعايش والذهاب إلى حوار يشمل الغالبية وعلى أسس واقعية. وأنهى النائب الساحلي كلمته بالتذكير بخطورة الخطوة التي أقدم عليها النظام وسحبه الجنسية من 31 ناشطاً.
من هذه الفكرة أيضاً، انطلق الأستاذ بيان جابر رئيس كتلة المواطن في البرلمان العراقي، ملقياً كلمة السيّد عمّار الحكيم، الذي عبّر برسالته عن افتخاره بحركة الشعوب نتيجة فهمها لحقوقها وحقها في إقامة توازن بين الحقوق والواجبات. وشدّد على أن أول الشروط هو وجود ثقة بين الحاكم والمحكوم وأن التضحيات المطلوبة جسيمة على أن لا نستعظمها، مستشهدا بالثورة الحسينية التي أثبتت أن التاريخ يصنعه الإصرار لا القوة العسكرية. كما دعا إلى الركون للعقل وعدم إثارة النعرات الظائفية. وختم كلمته بإهداء تحية احترام لدماء البحارنة الشرفاء.
كلمة لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في جنيف ألقاها عضو اللجنة السيد أنجولي ماتو، ركّز فيها على ضرورة إحقاق العدالة لإيجاد السلام. وذكّر بمواقف اللجنة من الممارسات التي من شأنها أن تسبب المزيد من الانتهاكات الصارخة لأبسط حقوق الإنسان.
ثم كانت كلمة للأستاذ زهير مخلوف، الكاتب العام لمنظمة العفو الدولية فرع تونس، وجاء فيها تذكير بمحطات أساسية وبيانات مركزية رصدت وقائع الحراك في مراحل ما بعد أيلول/ سبتمبر الماضي، أبرزها:
• نكث وعود الإصلاح وتشديد القمع (تقرير الثاني والعشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر)
• التطور المخيف عبر سحب الجنسية واعتباره إجراء تقشعر له الأبدان (تقرير التاسع من تشرين الثاني/ نوفمبر)
• أوضاع حقوق الإنسان هي بمثابة تمرين أجوف ما لم ينتج عنه تنفيذ للتوصيات (تقرير التاسع من أيلول/ سبتمبر)
• الحكم الصادر بحق نبيل رجب بوصفه يوماً أسوداً في تاريخ العدالة (تقرير السابع عشر من آب/ أغسطس)
• رد حكومة البحرين على لجنة تقصّي الحقائق غير مناسب مع استمرار الانتهاكات (تقرير السابع عش من نيسان/ أبريل)
ودعا مخلوف في ختام كلمته الدول والحكومات إلى تحاشي ازدواجية المعايير والتحرك إزاء تصاعد وتيرة القمع. واضعاً البحرين في طليعة اهتمامات المنظمة لعام 2013.
ثم كانت كلمة للمفكر الإسلامي والقيادي السابق في جماعة الإخوان المسلمين كمال الهلباوي سخر فيها من علماء ورجال دين ملأوا المنابر صراخاً وعويلاً، داعين للحق بينما في الأمة العربية رجل يأكل من القمامة أو طفل يتعرّض للاغتصاب خلف قضبان المعتقل، متسائلاً عمّن يردّ الحقوق لهولاء المظلومين أطفالاً ومعتقلين أمثال رجب والخواجة وسعيد الشهابي ومن سحبت منهم الجنسية. وأضاف إن معاناته في المنفى أكدّت له أن لا منظمة إنسانية أو حقوقية قادرة على إيقاف الاضطهاد، وأن الشعوب وحدها لديها القدرة على الانتصار على عبدة الشهوات، عبدة الغرب من الحكام العرب.
كما أشار إلى الاستنسابية في دعم الثورات، وإرداة الشعوب التي لا يجب أن تتوقف عند حدود أو تلتزم بمعاهدات ضيّقت الخناق عليه وسلبته حقه كسايكس بيكو التي قال إنها ليست من القرآن ليتم تقديسها ،هاتفاً “الشعوب تريد إسقاط الحدود”. وجاء في ختام كلمته على ذكر جواب أكبر رجل في أمن الإمارات حين سُئل عمّا إذا كان يخشى خطر إيران أو الإخوان في الخليج فأجاب: لا خطر لإيران ولا للإخوان لأن الأمن القومي في الإمارات والخليج مرتبط بالأمن القومي الأميركي.
بعدها ألقى السيد ميخائيل موزييم وهو مدير معهد إدارة الخدمة الحكومية في روسيا كلمة أكّد فيها اهتمام بلده بما يجري في البحرين، معتبراُ ما يحصل انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان. ودعا إلى التمسّك بالقوانين الدولية والحقوقية وعدم السماح بازدواجية المعايير، مديناُ أعمال القمع المفرط والتدخّل العسكري وسحب الجنسية من مواطنين أصيلين، منوّها بموقف المعارضة الراقي الذي طالب بالحوار من اليوم الأول على عكس غيرها من الحراكات الشعبية.
ونقل موزييم عن الرئيس الروسي نيته عدم السكوت أو الوقوف مكتوف الأيدي أزاء أحداث الشرق الأوسط مؤكداً أن روسيا لن يكون لها أبداً أي دور سلبي، وأنها تدعم خيار مناقشة الأمور الخلافية بين الأطراف المتعددة.
بعدها، كان للشيخ صلاح الدين أوز كوندوز من تركيا كلمة بدأها تالياً آية قرآنية “وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن منَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَـئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَآئِفِينَ لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ” سائلاً عمّن تنطبق عليه الآية كما حكّام البحرين. وأبرز ما دعا إليه الشيخ: أن يتم الاستفادة من أفكار المشاركين، أن يستمر الدعم بعد المؤتمر للعمل على تحريك الوجدان العالمي، دعوة لأصحاب المنابر والمطبوعات لتغطية أخبار ومستجدات الحراك ساعة بساعة.
كما تساءل كيف يكون للحيوان حقوق، للطير حقوق، للوحوش حقوق ولا يكون للإنسان حقوق في البحرين، مشدداً على أن السكوت هو مشاركة في الجرم.
ثم كانت هناك مشاركة مؤثرة للصحفية آمبر ليون التي دفعت وظيفها ومستقبلها الصحفي ثمناً لتغطيتها الاحتجاجات في البحرين. فسردت للحضور كيف بدأ تضييق الخناق على عملها حتى مرحلة عدم بث تقاريرها، ثم بث التقارير مع تحريف للوقائع ومنتجة المشاهد إلى أن تدخّلت الإدارة الأميركية علناً لإيقافها عن مواكبة الثورة. وأصدر بحقها قرار بمنع دخول الأراضي البحرينية معلّلة رضوخ الCNN بأن القناة لم تجرؤ على عض اليد التي تدفع. ودعت في كلمتها الى استعمال كافة وسائل الإعلام الحرة ومنابر التواصل الإجتماعي لقدرتها على إحداث الفرق وختمت بالقول “إن الشعوب لا يجب أن تخاف حكوماتها، بل على الحكومات أن تخاف شعوبها”.
وفي ختام اللقاء الافتتاحي للمؤتمر الذي يستمر ليومين ألقى عضو الأمانة العامة في جمعية الوفاق الوطني الإسلامية كلمة أكد فيها أن الأمن ليس الضامن بغياب العدل، فمن دون حرية لا عدل، مستذكراً كل الاعتداءات وأنواع التهويل والقمع والتعرّض للكرامات والحرمات والبيوت والمساجد، إضافة إلى القتل والتعذيب والاعتقال التعسفي وكل الاضطهاد على مرأى من العالم ودون أي احترام لمقررات بسيوني أو غيره، ويعود سبب ذلك إلى الملكية المطلقة التي أمنّت غطاء قانونياً يضمن لها الإفلات من العقاب في حين يقبع المئات من المدنيين خلف قضبان السجون.
كان من اللافت أن برنامج الافتتاح تضمّن كلمة للإعلامي غسان بن جدو إلا أنه لم يحضر وفي نهاية برنامج اليوم الأول جرى تسليم درع تكريمي لنائب رئيس جمعية المعلمين والمعتقلة السابقة الاستاذة جليلة السلمان، لجهودها وتضحياتها في سبيل تحقيق المطالب المحقة للشعب البحريني.