اغتيال القادة الثلاثة: نموذج للإجرام الصهيوني بحق لبنان والفلسطينيين
موقع إنباء الإخباري ـ
جعفر سليم*:
منذ العام 1947، والاعتداءات الصهيونية مستمرة على لبنان، براً وبحراً وجواً، ومنها قصف مطار بيروت بالطائرات الحربية في العام 1968، إضافة إلى عمليات التسلل إلى القرى القريبة من الحدود الفلسطينية – اللبنانية وقتل المدنيين الآمنين في بيوتهم وحرق المزروعات والمحاصيل. ولم تسلم المياه الإقليمية اللبنانية من اعتداءاتهم المباشرة وغير المباشرة وعن طريق البحر، ففي منتصف ليلة العاشر من شهر نيسان من العام 1973 وصل عناصر جهاز البحرية الصهيوني إلى شواطئ بيروت بواسطة قوارب كوماندوس بملابس مدنية وكان في انتظارهم سيارات محلية يقودها عملاء للموساد قاموا بإيصالهم إلى الأهداف المحددة مسبقاً وبموافقة مجلس الوزراء برئاسة غولدا مائير لتنفيذها.
من شاطئ منطقة الرملة البيضاء انتقلت الممجموعة ومعهم إيهود باراك تحت جناح الليل إلى منطقة فردان حيث كان يسكن ثلاثة من أبرز قادة حركة فتح هم محمد يوسف النجار أول قائد عام لقوات العاصفة وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيس اللجنة السياسية لشؤون الفلسطينيين في لبنان، وكمال عدوان عضو اللجنة المركزية لحركة فتح وعضو المجلس الوطني الفلسطيني وكان مسؤولاً عن الإعلام في منظمة التحرير الفلسطينية ومسؤولاً عن العمليات في فلسطين المحتلة، وكمال بطرس ناصر عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ومؤسس دائرة الإعلام والتوجيه في منظمة التحرير الفلسطينية ورئيس دائرة الإعلام الفلسطيني والناطق الرسمي باسم حركة فتح، وكان الوحيد الذي اطلق عليه الرصاص في فمه، وقاموا باغتيالهم داخل منازلهم في عملية أطلق عليها العدو الصهيوني اسم “ربيع الشباب” وقاد ايهود باراك الجنود إلى داخل المبنى السكني ووصلوا إليه عند الساعة الواحدة وسبع دقائق بعد منتصف الليل.
وعن استشهاد أبو يوسف النجار، كتبت «يديعوت احرنوت» أن الشهيد كان في فراشه عندما جرى تفجير مدخل منزله ودخلت الوحدات الإسرائيلية إلى الشقة، وكان بداخلها زوجته وخمسة من أطفاله وأطلقوا عليه النار بعد أن صرخ بوجههم “جبناء” وبعد انتهاء العملية تبين أن وثائق كثيرة مهمة قد اختفت من شأنها أن تؤدي إلى الكشف عن مجموعات فدائية تعمل في مناطق مختلفة من فلسطين المحتلة.
من جهته قدم عضو اللجنة المركزية لحركة فتح صلاح خلف شهادته عن ما حدث في منطقة فردان في كتابه فلسطيني بلا هوية وربط ذلك بالأجواء التي أعقبت عملية ميونخ حيث تواصلت حرب الأشباح كما وصفها بين المخابرات الإسرائيلية ومنظمة التحرير الفلسطينية وبدأت كما هو معلوم بالاغتيالات وإرسال الطرود الملغومة والتي طالت مسؤولين فلسطينيين في مختلف العواصم العربية والعالمية وبالرد الفلسطيني بتنفيذ عمليات ناجحة طالت عناصر من جهاز الموساد في عواصم مختلفة أيضاً ومن بين ما قامت به منظمة التحرير محاولتان استهدفتا مقر السفير إلإسرائيلي في نيقوسيا والأخرى ضد طائرة تابعة لشركة العال كانت في مطار قبرص، كل ذلك كان في التاسع من نيسان من العام 1973.
قبل عشر سنوات جمعتني الظروف مصادفة بالرقيب العسكري أبو طوني يزبك الذي شارك مع أفراد من عناصر الدورية التي توجهت إلى منطقة الرملة البيضاء واشتبكت بشكل مباشر مع عدد من أفراد المجموعة الصهيونية اثناء انسحابها وأصيب بعدة برصاصات نقل على أثرها الى المستشفى. ولا يزال منذ عام 1973 يحتفظ جسده بآثار الطلقات التي تلقاها دفاعاً عن وطنه وسيادته. إلا أن الأمر المستغرب هو أنه لا يزال يعاني من عدم إنصافه أو ترقيته أو منحه وسام الشجاعة، ولذلك تقدم بدعوى لدى المراجع المختصة ولا يزال ينتظر الرد الذي يبدو أنه لم يأتِ بعد.
*عضو اتحاد كتاب وصحافيي فلسطين