استهداف إيران يدخل مرحلة جديدة!
صحيفة الثورة السورية ـ
د. صياح عزام:
يبدو أن التآمر على الجمهورية الإسلامية الإيرانية قد دخل مرحلة جديدة من قبل معسكر التآمر المعروف بزعامة الولايات المتحدة وبالتنسيق الكامل بينها وبين «إسرائيل» والسعودية بشكل خاص وهذا ما تجسد على أرض الواقع بالهجوم الوحشي على «منصة العرض العسكري في إقليم الأهواز» مؤخراً.
بالطبع, هذا الاعتداء ليس الأول ولن يكون الأخير, وإن كان ثقيلاً بخسائره البشرية, ويدل في الوقت نفسه, على جانب آخر من استراتيجية عدوانية مناهضة لإيران تتبناها –كما أشرنا قبل قليل- أطراف دولية وإقليمية وعربية, بهدف زعزعة الاستقرار الأمني والوضع الداخلي فيها ونقل المعركة إلى العمق الإيراني, وكأن العقوبات الاقتصادية وسياسة الحصار والخنق التي تحدثت عنها المندوبة الأمريكية في مجلس الأمن «نيكي هيلي» ومطاردة ما يسمى النفوذ الإيراني في سورية والعراق واليمن ولبنان, ودعم حركات الاحتجاج السلفية التي تسترت بالأمور المطلبية والتركيز على البرنامج الإيراني النووي والصاروخي, وتحريض ترامب في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بدورتها الثالثة والسبعين التي بدأت مؤخراً, يبدو أن كل هذه الإجراءات الاستفزازية العدوانية الطابع غير كافية من وجهة نظر واشنطن وأعداء إيران الآخرين.
إذا عدنا إلى الوراء قليلاً, نجد أن إيران تتعرض منذ مدة ليست بالقصيرة لمسلسل من الاعتداءات المخططة مسبقاً من قبل جماعات عرقية إثنية تطالب بما تسميه حقوقاً قومية للأقليات, وأحياناً تحت شعار «جهادي» تقوم بها جماعات سلفية، وثمة أعمال عدائية ضد إيران تنفذها فصائل في الخارج تدعي أنها «معارضة» فضلاً عن عمليات استخبارية كالاغتيالات ثم استهداف مواقع إيرانية مزعومة في سورية من قبل كيان الاحتلال الإسرائيلي.
وهنا نتذكر جميعاً, أن قادة عرباً هددوا علناً بنقل المعركة مع إيران إلى داخلها «تهديدات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان» فهذا التهديد على ما يبدو لم يبقَ مجرد كلام عابر, بل وجد طريقه للترجمة على الأرض بتنسيق مع أجهزة استخباراتية وسياسية دولية لا تخفي عداءها الشديد لإيران.
ومن المؤسف، أن كتّاباً ومثقفين كباراً عرباً، قد فرحوا بالاعتداء الإرهابي الذي حصل في «الأهواز» وبعضهم وصلت درجة وقاحته وعمالته وحقده إلى حد وصف هذه العملية الإجرامية «الهجوم على المنصة» بأنها ليست عملية إرهابية، مادامت –حسب زعمهم- استهدفت عرضاً عسكرياً ولم تستهدف المدنيين؟
في البداية تحدثت بعض الأنباء عن مسؤولية تنظيم «داعش» الإرهابي عن العملية، ثم نسبت أيضاً إلى جهات من الأهواز، إلا أن إيران أكدت أنها تعرف من يقف وراء العملية، وفي مقدمتهم السعودية والإمارات وبرعاية ودعم من قبل الولايات المتحدة الأمريكية و«إسرائيل»، وتعهدت بالرد السريع والحازم على هذا الاعتداء بعد التعرف على منفذيه وضبطهم بدقة.
أسئلة كثيرة تتوارد إلى الذهن إزاء هذه العملية الجبانة وعن أسباب القيام بها، بالطبع الولايات المتحدة الأمريكية و«إسرائيل» طرفان رئيسان في الرعاية والتخطيط، بينما السعودية والإمارات هما الجانبان الممولان لعملية التنفيذ، ولا يمكن فصل هذه العملية عما يجري في سورية من محاولات لإدامة الحرب الإرهابية عليها والحيلولة دون القضاء على العصابات المسلحة التي هي الأداة في هذه الحرب، انطلاقاً من أن إيران دعمت، ولاتزال، الدولة السورية في تصديها لهذه المجموعات.
إضافة إلى ذلك، الجمهورية الإسلامية الإيرانية تبنت القضية الفلسطينية ودافعت -ولا تزال- عنها، وقدمت الدعم العسكري والسياسي والمالي لفصائل المقاومة الفلسطينية، كما وقفت إلى جانب العراق ولبنان أثناء تصديهما لـ «داعش» وغيره من التنظيمات الإرهابية، لهذا كله ركز أطراف التآمر على إيران عن طريق العقوبات والحصار، ومن ثم عبر محاولات خلق الاضطرابات وعدم الاستقرار فيها وإضعافها، وذلك لتمرير «صفقة القرن» التي تنفذ حلقاتها الواحدة بعد الأخرى من أجل تصفية القضية الفلسطينية، إذ إن واشنطن وتل أبيب والسعودية قطعوا أشواطاً طويلة على هذا الطريق، بدءاً من اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لـ «إسرائيل» ونقل السفارة الأمريكية إليها وإخراجها من جدول أعمال أي مفاوضات مقبلة، ثم السعي لإلغاء حق العودة للفلسطينيين، وخنق وكالة «الأونروا» وإقفال مكتب السلطة الفلسطينية في واشنطن والحبل على الجرار.
هذا هو ذنب إيران، إلى جانب وقوفها إلى جانب الشعب اليمني وقواه الوطنية الثورية التي تتصدى للعدوان الأمريكي- السعودي عليه.
باختصار، بات من الواضح من خلال تطورات الأحداث وتداعياتها أن ساحات حروب الوكالة المفتوحة على عدة دول في المنطقة لم تعد تفي بالغرض، ولاسيما فيما يتعلق بتصفية الحسابات مع الدول التي تناهض النهج الأمريكي- الإسرائيلي للهيمنة على المنطقة، ولهذا يجب اللجوء إلى الاستهداف المباشر للأمن الداخلي فيها بما يضعف قدراتها على المواجهة ويفتت مجتمعاتها، أملاً في السيطرة عليها في نهاية المطاف وإجبارها على الخضوع للسياسات الأمريكية.
ولكن ما يتجاهله معسكر التآمر هو أن محور المقاومة قوي ومتماسك وقادر على مجابهة هذا المخطط التآمري وإفشاله.