استثمار «المستقبل» لدماء شطح للخروج من المأزق وابتزاز سليمان وسلام
صحيفة البناء اللبنانية ـ
حسن سلامه:
لم يكن مفاجئاً أن يسارع فريق «14 آذار» إلى أقسى أنواع الاستثمار والاستغلال السياسيين لدماء الشهيد الوزير السابق محمد شطح وباقي المدنيين الذين سقطوا في انفجار السيارة يوم الجمعة الماضي قرب مجمع الستاركو في وسط بيروت.
لذلك ليس غريباً أن يقفز تيار «المستقبل» وحلفاؤه فوق تحويل «تنظيم القاعدة» بمختلف متفرعاته لبنانَ ساحةً لـ«الجهاد» بتمويل وتسليح من السعودية وهو ما ترجم من خلال ما قامت به المجموعات الإرهابية من اعتداءات وتفجيرات في الأشهر الماضية لإشعال الفتنة في لبنان. ولم يكن غريباً أن يسارع فريق «14 آذار» ودماء الشهيد شطح ما زالت في مكان الانفجار إلى إطلاق الاتهامات السياسية ضد سورية وحزب الله كما لم يكن مفاجئاً أن يقفز هذا الفريق فوق المعطيات الأولية التي أظهرها التحقيق حول السيارة المفخخة ووقوف عناصر من «فتح الإسلام» وراء سرقتها وإدخالها إلى مخيم عين الحلوة لأن الاعتراف بذلك سيؤدي حكماً إلى وقف الاستغلال السياسي للجريمة بل سيدفع بهذا الفريق إلى الاعتراف بما تمثّله المجموعات الإرهابية من خطر على لبنان واللبنانيين.
إذن لماذا هذا الإصرار من حزب «المستقبل» وحلفائه على دفع البلاد نحو الفتنة والفوضى بل دفع البلاد إلى حدود إعلان الحرب على أكثرية واسعة من اللبنانيين وفي الحد الأدنى نصف اللبنانيين؟
من الواضح أن فريق «14 آذار» بدءاً من حزب «المستقبل» يستهدف من وراء ذلك تحقيق مجموعة أوراق دفعة واحدة أو على الأقل محاولة تحقيق بعض الأهداف أبرزها:
ـ الأول محاولة الخروج من المازق الكبير الذي يعيشه هذا الفريق بعد سقوط رهاناته الإقليمية خصوصاً ما يتعلق بمسار الأمور في سورية. وهذا المأزق بدا واضحاً في كلمة رئيس كتلة «المستقبل» فؤاد السنيورة خلال تشييع الوزير شطح حيث ناقض نفسه عندما أعطى مجموعة من الإشارات المتناقضة حول رؤيته للوضع الداخلي لا يمكن أن تلتقي في ما بينها مثل «بسط اليد» من جهة والتهديد بما وصفه «تحرير الوطن!!
ـ الثاني استغلال دماء الشهداء الذين سقطوا في الانفجار من أجل ابتزاز كل من رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان والرئيس المكلّف تمام سلام للسير بحكومة «أمر واقع» في أسرع وقت بما يتيح لهذا الفريق التصرّف بمقدرات البلاد خصوصاً ما يتعلّق بسياسته الخارجية.
ـ الثالث التماهي مع السياسة السعودية التي تدفع بالوضع اللبناني نحو أزمة خطيرة من خلال ليس فقط منع تشكيل حكومة وحدة وطنية بل محاولة فرض حكومة «حيادية» وهي بلا شكّ حكومة «14 آذار» بغض النظر عن شكل التركيبة لأن أكثريتها سيكون من صلب هذا الفريق حتى لو اعتمد صيغة الثلاث ثمانيات أو 9 9- 6 فحصّة كلّ من الرئيسين سليمان وسلام ستكون بلا شك أقرب إلى هذا الفريق من قوى 8 آذار بما في ذلك رئيس الحكومة.
لكن هل أن تشكيل حكومة «الأمر الواقع» سيصبح أمراً واقعاً من خلال ذهاب الرئيسين سليمان وسلام نحو تأليفها؟
في المعطيات المتوافرة لدى قيادي سياسي بارز أن هناك نيّة فعلية لدى سليمان وسلام للسير بهكذا حكومة حتى قبل جريمة اغتيال شطح لكنّ ما يؤخّر هذه العملية هو هل يتم التشكيل قبل مؤتمر «جنيف ـ 2» وفق الرغبة السعودية أم بعده علماً أن خروج المؤتمر بنتائج إيجابية من شأنه أن «يعرقل» مثل هذه الخطوة خصوصاً أن الرياض ستكون مضطرة للتجاوب مع الإرادة الدولية في حال التوافق على مقاربات إيجابية للحل في سورية.
لذلك يدعو القيادي المذكور إلى ترقّب ما يمكن أن تخرج به القمة السعودية ـ الفرنسية المنعقدة في الرياض بين الملك عبدالله والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند وما إذا كانت باريس ستسير في الأجندة السعودية في خصوص الوضع في لبنان. ويعتقد القيادي أنه إذا أصرّ الملك عبدالله أمام هولاند على الاستمرار في استخدام الساحة اللبنانية وتشكيل حكومة «أمر واقع» أحد تجليات هذا الاستخدام فإنّ الرئيس الفرنسي سيؤيد الرغبة السعودية لأن فرنسا يهمها في الدرجة الأولى إبرام صفقات للسلاح وبناء منشآت نووية تقدر بمليارات الدولارات في مقابل الموافقة على الرؤية السعودية بخصوص الوضع الإقليمي.
وعلى هذا الأساس لا يُستبعد أن تخرج القمة بتوافق سعودي ـ فرنسي في الضغط على سليمان وسلام لتشكيل حكومة حيادية قبل مؤتمر «جنيف ـ 2» لكي تتمكن الرياض من تحييد موقف لبنان في المؤتمر كما أن القمة المذكورة ستعمل لاستيلاد المزيد من النيران باتجاه سورية والعراق خصوصاً قبل المؤتمر المذكور سعياً لمحاولة تحسين أوراقها التي ستطرح على طاولة البحث لأن موازين القوى في الميدان هي التي ستقرر نتائج مؤتمر جنيف.