إنجاز الجيش في صيدا بداية تحوّل سياسيّ وأمنيّ
صحيفة الجمهورية اللبنانية:
يروي صديق لرئيس دولة خليجية متدخّلة جداً في الاحداث السورية انّ هذا الرئيس كان غاضباً بشدة من مسار الأوضاع في صيدا قائلاً لمحيطين به: «لقد أنفقنا اموالاً طائلة في صيدا وغير صيدا من أجل قتال سُنيّ – شيعي وليس من أجل قتال الجيش اللبناني الذي سيوحّد اللبنانيين ضد قَتَلته، ويُحرِجنا أمام حلفائنا الغربيّين ولا سيما منهم فرنسا».
ويضيف الراوي أن هذا الرئيس الخليجي قال أيضاً: “لقد أنفق بعض الخليجيين مليارات الدولارات لتمكين حلفائنا من الوقوف في وجه حزب الله، فجاء 7 ايار (2008) ليكشف كم كانت كرتونية تلك الهياكل والشركات الامنية التي ملأت عناصرها الشقق في الأحياء والشوارع”.
وتابع: “لقد ظننا أنّ “المشايخ” قادرون على ملء الفراغ الذي أحدثه الهزال الأمني لحلفائنا. لكنّ بعض المشايخ كانوا يُربكوننا بتصريحاتهم المناقضة لنمط العيش اللبناني وجاء أداؤهم العسكري لا يختلف كثيراً عن أداء جنرالات حلفائنا. لا بل إنّ الذين قاتلوا وصمدوا هم في غالبيتهم، إما سوريون من “جبهة النصرة” و”الجيش السوري الحر” وإما فلسطينيون من “فتح الاسلام” او “جند الشام”.
ويؤكد الراوي انّ هناك مراجعة كبيرة ستجري في الدول التي مولت وضخمت هذه الظواهر المتشددة والتي تورِّطها ليس في لبنان وحده، وانما في دول عربية أُخرى كمصر وتونس، ناهيك عن الإحراج الكبير الذي تسببه هذه المجموعات الموجودة في سوريا امام العواصم الغربية، الى درجة انّ مؤتمر “اصدقاء سوريا” الأخير في الدوحة قد انشغل بطريقة إخراج مقاتلي “جبهة النصرة” من المناطق التي يسيطرون عليها أكثر من انشغالهم بطريقة استعادة المناطق التي أخرجهم الجيش السوري منها.
وتضيف هذه الشخصية المطّلعة “أنّ الانجاز الذي حققه الجيش اللبناني في عبرا والذي سيكون بداية تحوّل في الوضع السياسي والأمني اللبناني، وانّ الدماء الكبيرة التي سالت من ضباط الجيش وجنوده ستشكل درعاً متينة للمؤسسة العسكرية تزيد من عظمة هيبتها التي حاول كثيرون الانتقاص منها”. وتقول هذه الشخصية “إنّ استهداف الجيش اللبناني هو جزء من مخطط اسرائيلي ـ غربي يستهدف الجيوش العربية جمعاء، فأول ما صنعه التحالف الغربي الذي إجتاح العراق، كان حلّ الجيش العراقي، ومن يتابع الاحداث في سوريا يلاحظ انّ المستهدَف دائماً هو الجيش السوري.
امّا في مصر نفسها فالتصريح الأخير لوزير الدفاع الفريق عبد الفتاح السيسي حول دور الجيش المصري يكشف إحساس القيادة العسكرية المصرية بالمخاطر التي تهدّد الجيش والتي تشكل احداث شمال سيناء بداياتها.
فالاسرائيليون حسب هذه الشخصية، لا يطمئنون الى أيّ جيش عربي مهما بلغت درجة تحالف حكومته مع واشنطن، والسلاح الذي يمتلكه هذا الجيش العربي أو ذاك قد يتحوّل في لحظة واحدة الى مواجهة اسرائيل. والجميع يذكر هنا حجم إعتراض اللوبي الاسرائيلي في واشنطن على صفقات سلاح اميركية مع المملكة العربية السعودية.
وتضيف الشخصية نفسها انّ استهداف الجيش اللبناني هو استهداف لأحد أضلاع مثلث الشعب – الجيش – المقاومة، فالحرب على الشعب اللبناني مستمرّة منذ عقود والحرب على المقاومة لم تتوقف، وبقي الجيش الهدف الأخير، فتتحوّل المعادلة الذهبية من شعب وجيش ومقاومة الى لا مقاومة ولا جيش ولا شعب.
في كل الحالات لم يكن الشيخ احمد الاسير وحده المهزوم في هذه المعركة، بل ايضاً بعض الذين أساؤوا التقدير في إمكان استغلال هذه الظاهرة التي بدأت سنداً لهم واصبحت عبئاً عليهم، والمشكلة في هؤلاء أنّ تاريخهم السياسي هو سلسلة من سوء تقدير المواقف الذي يقودهم من فشل الى آخر…