إنتشار الميليشيات المسلحة …إقتراب الإنفجار الأميركي!؟
موقع الخنادق:
الصراع الاجتماعي في الولايات المتحدة الأميركية بات يتخذ طابعاً تصعيدياً، وذلك للإطاحة برموز العنصرية والعبودية في الولايات المتحدة، وفي بريطانيا أيضاً. وقد برزت الميليشيات اليمينية المتطرفة التي تطوعت لحماية تلك الرموز، واستمرارها دعماً للسردية الرسمية السائدة بأن تلك الرموز شكلت جزءاً حيوياً في التاريخ الأميركي. وسرعان ما لجأت هذه الميليشيات إلى استخدام السلاح ضد الخصوم المحتجين للدفاع عن الأفضل أي الرجل الأبيض.
ولقد تميز عهد الرئيس الأميركي الأسبق دونالد ترامب ببروز ملحوظ للميليشيات اليمينية المسلحة، عتاداً وتسليحاً. مع التسويف والتأجيل للمعالجات الحقيقية المطلوبة للأزمات المعقدة التي يعاني منها الداخل الأميركي اجتماعياً.
فما هي هذه الميليشيات، لكن بداية ما معنى ميليشيا؟
الميليشيا هي تشكيلات من الفرق التي تتألف من متطوعين مدنيين، يتلقون تدريباً على الأسلحة، كما يقومون بمساعدة الجيش النظامي أثناء الحرب بعد استدعائهم من أعمالهم ووظائفهم. تاريخياً، وجدت هذه الفرقة عند الرومان واليونان القدامى، وكانت عندهم على جانب كبير من حسن التدريب والجودة.
أما في الولايات المتحدة، فقد برزت فعالية التجمعات والمنظمات المسلحة مع بدء موجات الاستيطان الاوروبي لأميركا الشمالية والجنوبية، وكان هدفها إبادة السكان الأصليين والسيطرة على اراضيهم، ومن ثم استخدمت ضد عمليات التحرر من الرق والإضطهاد. وكانت هذه الميليشيات، ولا تزال، القبضة الاحتياطية لمؤسسة الحكم لتهديد المضطهدين والأقليات.
حملت هذه الميليشيات السلاح للدفاع عن الكيان الاستيطاني الانكليزي، وأحسنت القتال في حرب السبع سنوات لصالح الانكليز ضد الفرنسيين، ثم قاتلت ضد الانكليز أنفسهم، وحاصرت هذه الميليشيات الأميركية في نيسان 1775 مدينة بوسطن. وقد شكّلت النواة التأسيسية للجيش الاميركي تحت قيادة جورج واشنطن.
ولعل أبرز وأخطر الميليشيات المسلحة الأميركية عبر التاريخ الأميركي، كانت المنظمة السرية ” كو كلاكس كلان” التي تأسست أثناء الحرب الأهلية الأميركية من مجموعة تيارات متطرفة أصولية، وذلك بحماية رسمية محلية وفيدرالية في القرن التاسع عشر، واشتهرت بتعليق الرجال والنساء السود على المشانق، وحرق الصليب كإعلان عن مسؤوليتها.
وفي أيامنا هذه إن تطرف هذه الميليشيات المسلحة استوجب المواجهة المسلحة مع القوى الأمنية الفيدرالية، بدءاً من الاعتصام المسلح في “روبي ويدج” في ولاية آيداهو عام 1992. وتعتبر الادارة الاميركية هذا العام تاريخ ولادة الميليشيات المسلحة في الولايات المتحدة، خاصة وأن المنظمات النازية الجديدة اتخذت من هذه الولاية قاعدة لممارساتها العنصرية.
كما جرت مواجهة مع الميليشيات المسلحة في مدينة ويكو في تكساس، ومواجهة مسلحة أخرى في العام 1995، ومن ثم جاء تفجير مبنى ألفريد مورا الفيدرالي في أوكلاهوما سيتي في 19 نيسان 1995.
هذه المواجهات أظهرت جهود تنظيمية واسعة لتشكيل منظمات مسلحة موازية في عدة ولايات أميركية.
165 منظمة مسلحة وميليشيا أميركية
ذكرت بيانات مكتب التحقيقات الفيدرالي وجود 165 مجموعة مسلحة منظمة في الولايات المتحدة، ولكن أكبرها عدداً، هو منظمة “حراس القسم” ، ومعظم المنضوين فيها من قدامى القوات العسكرية النظامية والشرطة المحلية، وقد ذاع صيت “حراس القسم” في العام 2014 خلال مواجهة بين “بندي” المزارع المتشدد والقوى الأمنية قرب مدينة لاس فيغاس، حيث تم استدعاء قوى مدججة بالسلاح، مما أدى الى تراجع مكتب التحقيقات الفيدرالي عن الاصطدام بها.
وهناك منظمات أخرى تأتي بالتراتبية بعد “حراس القسم” من حيث الأهمية؛ منها: حراس سلسلة الجبال الغربية، حركة 912، حركة 3%.
ولا يغيب عن بالنا “ميليشيا البحرية الاستعمارية” التي نشأت في ولاية أنديانا. واستطاعت استقطاب عناصر وتشكيل مجموعات توزعت في 48 ولاية أميركية، وتنقسم إلى 116 فريقاً قتالياً.
لا شك أن التاريخ الأميركي حافل بأدوار مميزة للميليشيات المسلحة ومواجهتها للقوى الأمنية الفيدرالية. ولكن وتيرة الاصطدام بين هذه الميليشيات وأجهزة الدولة الآخذة بالتصاعد تطرح السؤال: هل بات الصراع بين الميليشيات المسلحة والقوى الفيدرالية قاب قوسين من التحول الى حرب أهلية داخلية، وخروج الامور عن عقالها؟ الأيام القادمة كفيلة بالإجابة…وأن الغد لناظره قريب.