إلى الرئيس المستحيل
جريدة البناء اللبنانية-
حيّان سليم حيدر:
في معانيها تبرير لإعادة نشرها، ولتكرارها، وفي مقدّمتها دروسٌ للمتحكمين بموضوعها منذ دستور دو جوفينيل (1926)، وفي مواصفاتها قدوة للمحظيين بذلك المجد الذي أُعْطيَ، بخلاف الدستور، للقِلّة القليلة وعِبرة للمعنيّين بحق التمثيل وخبرة للمعميّين بشعار التغيير. إليكم، في قصيدة، مواصفات الرئيس… المستحيلة:
***
إلى الرئيس المنتظَر (*)
– يوم لا يبقى مسيحي على أرض لبنان ينفعل ويتشنَّج كلما انتُقد مسؤول مسيحي،
– يوم لا يبقى مسلم على أرض لبنان ينفعل ويتشنّج كلما انتُقد مسؤول مسلم،
– يوم يدرك الجميع أنّ النقد لا يطال إلاّ سلوك المسؤول في تنفيذ مهمته، وليس نيلاً من طائفته ولا تحدّياً لها،
– يومذاك تُقرأ هذه القصيدة:
إذا كنـتَ تسطيعُ أن تفـتدي
على صهوة الأشهب الأجرد
تصعِّد في العقبات الصعاب
وتغــري سنـانـك بالـفرقد
وتـنزع مـن موقـف جـيّـد
إلى موقف في العلى أجود
وراءك أمسِ احتضار ذريع
وفـي مقلـتيك التـماع الغـد
وقد صرت غير الذي كنتَه
كأنـك مـن قبـلُ لـم تـولـد…
إذا كنت تسطيعُ أن تُقـدما
على المستحيل ولا تُحجما
وألا تكون سليل النصارى
وألا تـكـون فـتىً مسلـما
وألا تسـوم وألا تُسـام
وألا يبـيـعـك أهـل الحـمى
وألا تـطـلَّب مـن مستشـار
فـتـاوى تحـلّـل ما حُـرِّمـا
وأن يقطر الشهد من شفتيك
ولو ذقت من شعبك العلقما…
إذا كـنت تسطـيعُ ألا تـلينْ
لضغط اليسار وضغط اليمين
وأن تجمع الشمل بعد الشتات
بنزع الشكوك وزرع اليقين
وأن تبعث الجيش ثبت الجنان
وتجعل مـنه السياج الحـصين
وتـنسف “ميليشيات” الأذى
وتـفتـك بالـفتـك والفـاتـكين
وأن تنشئ الدولة المرتجاة
وتفصل ما بين حكمٍ ودين…
إذا كنت تسطـيعُ فهم السـياده
على أنـها فـي شمول القياده
وشـرعيةَ الحـكم يـوم يـكون
من الشعب طوعاً وملءَ الإراده
وطوعية الشعـب يـوم انتـصاب
المساواة والعدل ركنَيْ سعادة
وأن التـشـنـج ضـد الـزمـانِ
انـتحارٌ ونـحرٌ وجـرم إبـاده
وأن الـرئـاسـة عـبـىء ثـقـيـل
وليست سوارًا وليست قِلاده…
إذا كنت تسطيعُ قطع المدى
بـأسـرع مـما يـردّ الصـدى
وتعلـم أن المـريض مسـجًّى
يكـاد يـذوق لـباس الـردى
وأنّ الـدواء بـأيـدي ذويـه
وإخوانـه، لا بأيـدي الـعدى
وأنّ فلسـطين في أرضــنا
نفـير الإيـاب وجـيش الفـدا
وأنّ التـقاتـل بـين الأشقـاءِ
كفـر ومـوت سريـع الجـدا…
إذا كنت تسطيعُ خوض الغُـمَرْ
ورأب الصـدوع ودرء الخـطر
وكشف الحجاب وبعث الشباب
ورفـع الخراب وردم الحـفر
وألا تـكـون طـويـل الـيديـن
وألا تـكـون قـصـير الـنـظـر
إذا كنـت تسطـيعُ ألا تـكون
إلـهًـا وألا تـكـون بــشــر
وأن تنقذ الشعب من نفسه…
تـقـدَّم فأنـت الفـتى المنـتـظر!
لا أظنّ أنّ اليوم هذا قد جاء.
(*) سليم حيدر – ديوان “لبنان” – شركة المطبوعات للتوزيع والنشر ش.م.ل. – 2016، كتبت القصيدة في العام 1976 ولبنان في خضمّ انتخاب مبكر لرئيس جمهورية تفادياً لأزمة حكم كانت تلوح في الأفق ولم تغب عنه منذ ذلك الوقت.