إلى أين تتجه العلاقة بين دمشق والرياض؟
موقع العهد الإخباري-
محمد عيد:
تسربت خلال الأيام القليلة الماضية أنباء عن لقاءات أمنية سرية بين مسؤولين سوريين وسعوديين أشاعت وجود بوادر انفراج في العلاقة السياسية المقطوعة بين البلدين يمكن أن يترجم واقعاً بعد رأس السنة. وعزز من ذلك قيام السعودية برفع العلم السوري في شارع السفارات بالرياض للمرة الأولى منذ أكثر من عشر سنوات. وفيما لم يبادر أي طرف سوري كان أم سعودي إلى تأكيد خبر هذه اللقاءات الأمنية، الأكيد أنها قد حصلت غير مرة خلال السنوات الماضية حيث بدت السعودية على وشك أن تحذو حذو الإمارات العربية المتحدة في هذا السياق لولا ضغوط أمريكية على الرياض أجبرتها على المطالبة بثمن سياسي يتصل بتحديد العلاقة مع إيران مقابل الانفتاح عليها ودعمها اقتصاديًا، وهو الأمر الذي رفضته دمشق بشدة وما زالت ترفضه.
خرق قريب متوقع
يعلق عضو الوفد الدبلوماسي السوري إلى مباحثات جنيف الدكتور أسامة دنورة على هذه التسريبات بالقول إنه رغم تعدد المؤشرات الأخيرة لامكانية حدوث خرق على مستوى استعادة العلاقات الطبيعية السورية – السعودية، فما زالت الخطوات الرسمية السياسية والدبلوماسية الغائبة لحد الآن هي المطلوبة للحديث عن انزياح واضح المعالم في مشهد العلاقات الثنائية.
وفي حديث خاص بموقع “العهد” الإخباري، أشار دنوره إلى أنه في المقابل هناك ما يدفع للاستنتاج بأن خرقاً متوقعاً سيحدث قريباً في اطار عودة التواصل الرسمي على اعتبار أن سوريا لم تنكر يوماً الأهمية الفائقة للعلاقة مع السعودية ضمن منظومة علاقاتها العربية والاقليمية، ولم تبادر الى أي مواقف أو نهج سلبي تجاه المملكة، بيد أنه من المؤكد أن هناك مجموعة من الشخصيات التي كانت نافذة سابقاً ضمن السياسيين السعوديين ممن حاولوا دفع سياسات المملكة نحو الانخراط في ما أطلق عليه “الربيع العربي”، رغم ما يمثله ذلك من مخاطر فائقة على الأمن الوطني السعودي بحد ذاته، وكان اضعاف التماسك العربي ضمن اضلاع المثلث السوري – المصري – السعودي إحدى أهم النتائج السلبية لتلك السياسات، وهو ما انعكس بدوره سلباً على عدد من أزمات المنطقة العربية، كما هو الحال في اليمن والعراق ولبنان وسوريا ذاتها.
وأشار دنورة إلى أنه من المؤكد ان القيادة السعودية الحالية تدرك جيداً ان استعادة التماسك العربي تمنح المملكة مجالاً أوسع لهامش الأمان والمناورة عربياً واقليمياً ودولياً، وهذه السياسة قد لا تبدو معزولة في اطار مسعى سعودي لتعزيز العلاقات مع الصين وروسيا على حساب أحادية التحالف مع الولايات المتحدة الامريكية، وهو ما يمكن أن ينعكس ايضاً على خيارات المملكة عربياً واقليمياً.
فيما يبدو من الواضح اليوم أن اجهاد المنطقة على صعيد الأمن والسياسة والاقتصاد أصبح أثقل من ان يستمر بكل تداعياته السلبية المُستنزِفة لجميع الاطراف على حد سواء، لا سيما بعد الاحجام الامريكي عن الانخراط المكثف في المنطقة على خلفية تركيزها على المسرح الاوروبي بالدرجة الاولى، ومنطقة الإندوباسيفيك وشرق آسيا بالدرجة الثانية.
دمشق الرقم الصعب
واضاف دنوره أن سوريا تبدو رقماً حاسماً وثقلاً جيوبوليتيكياً مفتاحياً في المعادلات التي تخص ترتيبات المنطقة في مرحلتها الجديدة والمشهد الحالي ينطبق على ما توقعناه سابقاً بأن تراجع وفشل المشروع الذي استهدف دور سوريا سيؤدي الى انقلاب المشهد بصورة معاكسة تماماً بحيث يعود الموقع والدور السوريين بزخم يفوق ما كان سابقاً في اطار بلورة التوازنات الجديدة في المنطقة، وفي اطار التخفيف من العقبات والارتدادات التي أنتجها عقد كامل من دعم سياسات خاطئة تجاه سوريا.
وشدد دنورة على أن سوريا اليوم هي بيضة القبان التي تتيح تحقيق فض الاشتباك الاقليمي وتحقيق عوامل الاستقرار، بما يتيح الانتقال الى مرحلة تسوية الصراعات الأكثر عمقاً وقدماً وتجذراً في المنطقة.