إعادة “هيكلة” المصارف.. سلامة يتقاعس ويحمي البنوك
موقع العهد الإخباري-
فاطمة سلامة:
تحوّل القطاع المصرفي في لبنان في السنتين الأخيرتين الى قطاع بلا مهام. جُل ما يقدّمه للزبائن والعملاء “خدمة” السحوبات النقدية. الأزمة التي عصفت بالبلاد كشفت عن هشاشة وضعف هذا الهيكل الذي قُدّم لسنوات وسنوات على أنّه واجهة لبنان وذاك القطاع المتين والقوي. أما اليوم فهو يعاني من أزمات عديدة جعلت الثقة فيه معدومة بعدما أساء إدارة المخاطر وقام بتوظيفات خطيرة رتّبت عليه تكاليف هائلة. ولا نبالغ إذا قلنا إنّ القطاع المصرفي اليوم في أسوأ حالاته ما يحتّم عليه القيام بجملة تدابير أساسية للنهوض واستعادة الثقة على رأسها “الهيكلة” في بلد يبلغ فيه عدد المصارف أكثر من 60 مصرفًا مع مئات الفروع.
عكوش: للهيكلة أشكال متعدّدة
الخبير الاقتصادي الدكتور عماد عكوش يوضح في حديث لموقع “العهد” الإخباري أنّ إعادة هيكلة المصارف من الأمور المطروحة في لبنان لإعادة تنشيط القطاع المصرفي شبه المتجمّد والعاطل عن العمل باستنثاء عملية السحوبات النقدية التي تحصل تنفيذًا لتعاميم مصرف لبنان. ويوضح عكوش أنّ لبنان يعاني من “تخمة” في عدد المصارف مقارنةً بحجم الاقتصاد اللبناني والناتج القومي الذي تناقص بحسب آخر الإحصاءات من 50 مليار دولار الى 20 مليار دولار. وعليه، يرى عكوش أننا لسنا بحاجة لأكثر من 10 مصارف في لبنان، لافتًا الى أنّ من الأسباب الرئيسية التي تدعو الى “هيكلة” المصارف وتخفيض عددها هو حجم الودائع الذي انخفض من 160 مليار دولار الى 115 مليار دولار، وسط ترجيحات بأن ينخفض أكثر اذا لم تتخذ إجراءات جدية وفعلية.
ويوضح عكوش أنّ مفهوم “الهيكلة” يضم العديد من التدابير وبأشكال مختلفة. قد تكون “هيكلة” من الناحية الإدارية فقط عبر تخفيض عدد الموظفين والمكننة، أو من ناحية تخفيض رأسمال المصارف أو زيادة رأسمالها لتكون منتجة أكثر، أو من خلال تغيير نمط العمل في المصارف من خلال طرح تسليفات جديدة. ويعتبر الدمج شكلًا من أشكال إعادة “الهيكلة”، فعملية تخفيض الفروع تتم عن طريق دمج مصرفين أو أكثر والاستغناء عن عدد من الفروع، فبدل أن يكون هناك 10 فروع قد يكون هناك فرع واحد ما يساعد على خفض الكلفة ورفع الإنتاجية.
سلامة يسعى لتمويل المصارف من خلال تحميل المودعين الكثير من الأعباء
ويلفت عكوش الى أنّه وبحسب التعميم 154 أمهل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة المصارف حتى نهاية شهر شباط من العام الحالي لتسوية أوضاعها على أن تنجز لجنة الرقابة على المصارف تقييمًا لكل مصرف على حدة، لكن للأسف لم تقم البنوك بالمهمة المطلوبة منها، وهذا تقصير -برأي عكوش- من لجنة الرقابة على المصارف ومن حاكم مصرف لبنان المسؤول المباشر عن هذه العملية. وهنا يؤكّد الخبير الاقتصادي أنّ سلامة يعمل على حماية المصارف وتمويلها من خلال تحميل المودعين الكثير من الأعباء، فالمصارف اليوم تتقاضى عمولة على السحوبات النقدية رغم أنّ التعميم 158 كان واضحًا لجهة أنّه لا يجوز للمصارف أن تقتطع أي عمولة على هذه السحوبات ولا يجوز تسجيل أي فائدة على الحسابات، وعليه، تنقض المصارف الاتفاق وتخالف التعميم وللأسف ليس باستطاعة المواطن اللبناني أن يشتكي لأحد فلجنة الرقابة على المصارف تسيّر من قبل مصرف لبنان.
في الختام، يوضح عكوش أنّ إعادة “هيكلة” المصارف خطوة ضرورية لأنها تعزّز ثقة المودعين بعمل المصارف، فعندما يحصل الدمج وتُرفع الإنتاجية والرساميل تعزز الثقة بالمصارف والا سنذهب باتجاه آخر فلا يجوز ترك البلد لمصارف مفلسة. برأي عكوش، اذا لم تبادر البنوك نحو إعادة “الهيكلة” يتوجّب على سلامة اتخاذ القرار الجريء بفتح السوق اللبناني أمام مصارف جديدة لاستقدام أموال جديدة وإعادة الثقة بالقطاع المصرفي.