إشراف دولي على الإنتخابات وزيادة دعم الجيش … توصيات للإدارة الأمريكية بشأن لبنان
وكالة أنباء آسيا-
أحمد الإبراهيم:
في ورقة مشتركة أعدها «معهد الشرق الأوسط – MEI» و«فريق العمل من أجل لبنان – ATFL» و«التنفيذيون الماليون اللبنانيون الدوليون – LIFE» رفعت مجموعة من التوصيات للإدارة الأميركية كخطوات أساسية يمكن اتخاذها لمساعدة لبنان على وقف انزلاقه نحو فشل كامل لا رجعة فيه، وتمهيد الطريق للإصلاح والتعافي.
وتضمنت ضرورة وجود قيادة ائتلاف ديبلوماسي:” يجب على الولايات المتحدة أن تحشد شركاءها الدوليين والإقليمي لتشجيع وقيادة تحالف دولي، يهدف إلى دعم الإصلاحات والتقدّم في لبنان، والوقوف في وجه تأثير كلٍّ من الجهات الفاعلة الذين يهدّدون بجرّ البلاد إلى مزيد من التدهور. كما يجب على الولايات المتحدة أن تعمل، عن كثب، مع فرنسا وأصدقاء لبنان الأوروبيين الآخرين، كما يجب أن تُشجّع الدول العربية، بما في ذلك مصر والأردن ودول الخليج، على لعب دور أكثر استباقية، وتطلّعية، في البلاد.
بالإضافة إلى إشراك الحكومة الجديدة للضغط من أجل اتخاذ قرارات وإصلاحات عاجلة وواضحة ومعقولة. ومن بين الأولويات في هذا المجال:” إعادة بناء الثقة مع الناس، من خلال بناء شبكة أمان اجتماعي مستدامة، والتوفير الكافي لإمدادات الطاقة والمياه، وعملة مستقرّة، والوصول إلى الودائع المصرفية، وحماية حقوق الإنسان والحقوق المدنية. ومواصلة واختتام المفاوضات الحاسمة مع صندوق النقد الدولي، بشأن حزمة إعادة الهيكلة، بالاشتراك مع البنك الدولي والمانحين الدوليين، لتوفير خطّة إنقاذ شاملة ومستدامة؛ والضغط على البرلمان لتمريرها”ز
بالإضافة إلى:” التأكيد على عدالة الإصلاحات المصرفية، وتقسيم الخسائر بشفافية لحماية المودعين الصغار والمتوسّطين، اتخاذ خطوات فورية وملموسة لمحاربة الفساد، تقليص نفوذ حزب الله في صنع القرار على جميع المستويات، من خلال إصلاحات القطاع العام، والتحرّك بناءً على التشريعات القائمة التي تضمن استقلال القضاء وتمكينه”.
إلى جانب الحفاظ على الضغط، وزيادته، لإجراء الانتخابات البرلمانية والمحليّة، ثمّ الانتخابات الرئاسية، في الوقت المحدّد: ويجب على الولايات المتحدة أن تذكر أنّه ستكون هناك عواقب، إذا قام أعضاء البرلمان، أو الحكومة، بعرقلة هذه الانتخابات، أو قاموا بتمديد ولاية البرلمان أو الرئيس.
ويرى معدو الورقة أن انتخابات أيار 2022 هي أوّل فرصة بعد الانهيار أمام الشعب اللبناني للتعبير ديموقراطياً عن تفضيلاته وتطلّعاته. وعلى الرغم من أنّ الانتخابات قد لا تكون غاية في حدّ ذاتها، إلّا أنها تظلّ وسيلة حاسمة للتغيير الديموقراطي الذي من المرجّح أن يقدّم وجوهاً جديدة للحياة السياسية اللبنانية، وربّما يجرّد حزب الله وحلفائه من الأغلبية البرلمانية.
كما أكدت على ضرورة إرسال الولايات المتحدة والمجتمع الدولي، فرق مراقبة الانتخابات ذات الصلاحيات، قبل إجراء الانتخابات بفترة طويلة، وذلك لمراقبة الاستعدادات والعمليات، ومواصلة الضغط على الحكومة والبرلمان الحالي.
و أشارت الورقة إلى ضرورة إتمام ذلك من قبل الولايات المتحدة، من خلال زيادة الدعم لـ«المؤسّسة الدولية للأنظمة الانتخابية» (IFES) و«المعهد الجمهوري الدولي» (IRI) و«المعهد الديموقراطي الوطني» (NDI)، كمراقبين ومستشارين للمجتمع المدني، بشأن المشاركة الفعّالة في انتخابات.
وعلى الرغم من أنّ الحكومة تشير إلى أنّه ليس لديها الوقت لإنشاء مراكز التصويت الضخمة داخل البلاد، إلّا أنّ الخبراء في هذا المجال يشكّكون في ذلك. ولذلك أكد الورقة على ضرورة البحث في إمكانية إقامة مثل هذه المراكز، من أجل تحقيق أقصى مشاركة من الناخبين في لبنان. يجب زيادة التمويل الأميركي لمنظمات المجتمع المدني، التي تروّج للديموقراطية وسيادة القانون والانتخابات النظيفة والنزيهة.
كما أكدت الورقة المذكورة على ضرورة الحفاظ الدعم الحالي للجيش اللبناني، وزيادته. وبالإضافة إلى ذلك، تمديد الدعم لقوات الأمن الداخلي (ISF) التي تتولّى إدارة جزء كبير من عمليات الانتخابات البرلمانية والمحلية، وزيادة مستويات التمويل لـ«المراقبة الدولية للمخدّرات وإنفاذ القانون» (INCLE)، و«عدم الانتشار، وإزالة الألغام، والبرامج ذات الصلة» (NADR)، و«التمويل العسكري الأجنبي» (FMF)، الذي حصل على 10 ملايين دولار، و11.8 مليون دولار، و105 ملايين دولار، على التوالي، في عام 2021.
كما أوصت الورقة بالاحتفاظ بالعقوبات وتنفيذها وفقاً للقوانين الأميركية المتعلّقة بمكافحة الفساد، ومكافحة الإرهاب، وكآلية لإخضاع السياسيين اللبنانيين للمساءلة، والحفاظ على الضغط
بالإضافة إلى ضرورة الحفاظ على ــــ وزيادة ــــ الدعم للمؤسّسات التابعة للولايات المتحدة وبرامج الدعم الإنساني؛ وفي هذا الصدد، يجب على الولايات المتحدة أن تجعل من أولوياتها، تمويل الجامعة الأميركية في بيروت (AUB) والجامعة اللبنانية الأميركية (LAU)، وتقديم منح دراسية لأفراد المجتمع الأكثر ضُعفاً. ومع أصدقاء لبنان الآخرين، من الضروري الحفاظ على برامج «صندوق الدعم الاقتصادي الأميركي» (ESF)، بما في ذلك «مبادرة الشراكة بين الولايات المتحدة والشرق الأوسط» (MEPI)، التي تظلّ مثبِطاً حاسِماً لنزيف العقول المستمر، بسبب دعمها الأساسي للمؤسّسات التعليمية والصحية.
إنّ شعب لبنان هو رأسماله، ومورد ذو قيمة مضافة لأيّ أملٍ في التعافي. إنّ وقف تدفّق الأشخاص، من خلال دعمهم ومؤسّساتهم داخل الدولة، هو مفتاحٌ لبناء التعافي المُستدام.
وأستطرت الورقة في الحفاظ على تأكيدات سياسة الولايات المتحدة المتعلّقة بمكافحة الفساد، بما يتّسق مع البيانات الأميركية الأخيرة؛ مع أحد أهم ركائز أجندة إدارة بايدن في السياسة الخارجية، يمكن للولايات المتحدة أن تكثِّف الضغط على عدّة أبعاد، على المدى القريب، بما في ذلك (1) الإصرار على إجراء تحقيق كامل في انفجار مرفأ بيروت، (2) تنفيذ تدقيق البنك المركزي والوكالات ذات الصلة، (3) تعقُّب الأموال المحوّلة بشكل غير قانوني، على مدى السنوات القليلة الماضية، واستردادها (4) تنفيذ التشريعات القائمة التي تضمن استقلال القضاء، (5) إعادة هيكلة قطاع الكهرباء الفاسد وغير الفعّال، (6) والتوضيح للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، ضرورة حماية حقوق الإنسان لجميع المواطنين، إلى جانب الحاجة إلى حماية الأمن العام ضدّ أيّ مجموعات أو أطراف قد تهدّده.
لبنان كان قد انضمّ إلى «اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد»، والتي توفّر آلية، في حال طلبت الحكومة، للتحقيق وتحديد وضبط الأصول التي تمّ نقلها بشكل فاسد إلى خارج البلاد. يجب ممارسة الضغط على الحكومة، لتنفيذ الآليات المُتاحة لها من خلال هذه الاتفاقية، وكذلك تلك المتاحة عبر البنك الدولي.
وختاما رأى معدو الورقة ضرورة الخوض، بعناية، في القضايا الإقليمية، بما في ذلك صفقات الطاقة في المشرق، ومفاوضات الحدود البحرية مع إسرائيل؛ بينما يجب على الولايات المتحدة المضي قدماً في تشجيع مخطّطات نقل الطاقة من مصر والأردن عبر سوريا إلى لبنان. بالإضافة إلى ذلك، يجب على الولايات المتحدة أن توضح أنّ استقلال لبنان وسيادته يمثّلان مصلحة وسياسة أميركية راسخة.
وخلال اليومين الماضيين، قالت السفيرة الأمريكية في بيروت إنه يتعين إجراء الانتخابات البرلمانية في لبنان في موعدها في مايو/ أيار، وسط مخاوف من أن تسعى أحزاب قوية لتأجيلها لأن نتيجتها قد تؤدي إلى فقدان هذه الأحزاب بعض قوتها في مجلس النواب.
وقالت السفيرة دوروثي شيا في تصريحات صحفية “هناك إجماع في المجتمع الدولي على ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها بصورة تتسم بالنزاهة والشفافية”، مضيفة “لا مجال للمناورة”.
وشدد مجلس الأمن الدولي الأسبوع الماضي “على أهمية إجراء انتخابات حرة ونزيهة وشاملة في الموعد المقرر في 15 مايو 2022”.
ويأتي استحقاق مايو/ أيار الانتخابي وسط أزمة مالية كبيرة في لبنان، تمثل أكبر تهديد للاستقرار منذ الحرب الأهلية بين 1975 و1990.
وستكون الانتخابات هي الأولى لاختيار 128 عضوا في البرلمان منذ تفجر احتجاجات في أكتوبر تشرين الأول 2019، والتي قُدّر أعداد المشاركين فيها في بعض الأحيان بمئات الألوف في دولة عدد سكانها ستة ملايين نسمة.