إسرائيل.. وعلاقة تتخطى حاجز اللغة
موقع إنباء الإخباري ـ
سحر بلوط:
عندما تتكلّم إسرائيل العربية فإننا وبشكل بديهي نسمع فقط صدى كتّاب عرب أمثال عبد الله الهدلق، تركي الحمد، عبد الرحمن الراشد، المشاركين في موقع وزارة الخارجية الإسرائيلية (على سبيل المثال لا الحصر)، وتصبح الجبهة منبراً لأصحاب النخوة العربية المتأرجحة بين مرآة حذاء الملك وغبار حذاء صهيوني حقير. ولا ننسى طبعاً مساهمة لبنانيين.. لكنّهم ليسوا بالجرأة الكافية لوضع “أساميهم” على مقالات قدّمتها أقلامهم بالمجّان لخدمة هدف مشترك وهو “الحرب على حزب الله”.
وعندما تتسلّق إسرائيل عمامات العرب فإننا نرى ألفت حيدر العربية الإسرائيلية تربح بتصويت “عربي” غير مسبوق للمشاركة في بعثة نسوية إلى القطب الجنوبي بمناسبة حلول 100 سنة على رحلة روالد اموندسن المستكشف النرويجي للمناطق القطبية.
إذن إسرائيل تمثّلنا، وبلغة عربية محبّبة لقلوب العقلاء من سياسيين وناشطين ومأجورين بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، عبر الحدود اللبنانية أو عبر العباءات القطرية والسعودية والأردنية… والتركية، كي لا ننسى.
عندما تتكلّم إسرائيل بالعربية فإن الجمهور العربي الأصم يسمع بوضوح خبر 4 أطفال غزّاويين يخضعون للعلاج في مستشفى إسرائيلي لمدة 4 أسابيع كاملة، لكن ولغاية وحده يعقوب يعرفها، لا يسمع هذا العربي طلقة صهيونية تنهي حياة طفل غزّاوي أيضاً في أقل من ثلاث ثوان وبدم أبرد من دماغ محب للسلام في لبنان.
عندما تتكلّم إسرائيل بالعربية يصبح للباكستاني قاسم حافظ رجولة بتيستوستيرون صهيوني ليقول أنا مسلم وصهيوني فخور فتتكالب الصحف العربية لنيل مقال يشرح فيه الهداية التي وجدها بين أحضان كتب ألن ديرشويتس. فحين يتصهين “المسلمون” يصبحون أخطر وأحقر من سويدي أو بريطاني إسرائيلي، هم أقذر من أميركي بقلنسوة معفّرة بدم الفلسطيني والمقاوم اللبناني الحق.
تتكلّم إسرائيل بالعربية فتهنئ الدروز بعيد “النبي شعيب” وتشارك المسلمين إفطارهم في رمضان وتزيّن لهم الساحات في يوم مولد النبي الأكرم وتتقدّم منهم بأحر التهاني في عيد الأضحى، وتكرّم زوّار الكنائس بباقات الورود البيضاء!
هي “الدولة” الفخورة بعلاقاتها المتينة بأصحاب الفخامة والنيافة والقداسة والجلالة والمثقّفين اللبنانيين المتجرّدين والصحفيين الشباب الذين يشاركونها المصلحة في نزع السلاح الأشرف على الإطلاق. الكيان المتعاطف مع آل الحريري والممتنّ لساكن معراب والمعجب بثبات آل الجميّل.
عندما تتكلّم إسرائيل بالعربية فإن الكثير من متابعي السينما يتعاطفون عبر محمود شلبي الممثل الفلسطيني مع الشخصية التي جسّدها في فيلم “ظلام” ويرون في قصة الحب بين شاب فلسطيني وفتاة يهودية إمكانية للتعايش بين الإسرائيليين والعرب، أو فيلم “فلسطيني وإسرائيلية” الذي شارك عبر قناة تركية في مهرجان القاهرة السينمائي العام الماضي.
وعندما تغنّي إسرائيل بالعربية فإننا نشهد اغتصاب إسرائيل للفن العربي الأصيل ونرى بأم العين تراث أم كلثوم يخرج مغلولاً من حنجرة المغنية زهافا التي أدّت أغنية إنت عمري، ومن يسأل ملحّناً لبنانياً ما عن لحن إسرائيلي تُلصق به كلمات لبنانية ليؤدَّى فيَصل إلى كل أذن شابة غير قادرة بعد على تمييز التطبيع من التجرّد في الفن؟ ومن يخبر الجمهور العربي أنه يصوّت لمشاركات إسرائيليات في مباريات عربية لأجمل صوت؟
نعم، إسرائيل اليوم تتكلّم العربية وبطلاقة في حين لا يحفظ العربي سوى كلمة واحدة.. “شالوم”.