“إسرائيل” وسياسة الحديد والنار.. خطر داهم يُهدد أمنها؟
صحيفة الوفاق الإيرانية:
يوماً بعد آخر يثبت الكيان الصهيوني أنه “أبرتهايد” (نظام فصل عنصري) من خلال ارتكابه جرائم ضد الإنسانية بموجب القانون الدولي من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط، ما يفضح الصهاينة بشكل أكبر على الساحة الدولية التي يُتهم فيها أساساً من قبل منظمات حقوقية بانتهاج سياسات تمييز عنصري واضطهاد في معاملة الفلسطينيين والأقلية العربية في الأراضي الفلسطينية الرازحة تحت الاحتلال.
والدليل هو الأنباء التي أكدت إصابة عامل فلسطيني بجروح بالرصاص وآخر بحروق والعشرات بحالات اختناق بالغاز المسيل للدموع، عقب استهدافهم من قبل قوات الاحتلال ومنعهم من الوصول إلى أعمالهم في الأراضي المحتلة عام 1948، ناهيك عن الاعتقالات التي تشنها قوات العدو في مدن الضفة والعاصمة الفلسطينية القدس والاعتداءات والاقتحامات في محافظة الخليل، الشيء الذي يضع العدو الغاشم أكثر فأكثر في دائرة العنصرية المقيتة التي يتميز بها.
اعتداءات كثيفة وممنهجة
إن الحديث عن إصابة عامل بالرصاص المعدني وآخرين بالاختناق بالغاز المسيل للدموع قرب بوابات جدار “الفصل العنصري” في عدة مناطق من مدينة طولكرم وجنوب غرب جنين شمال الضفة، إضافة إلى إصابة عامل آخر بحروق جراء إصابته بقنبلة صوت وآخرين بالاختناق بالغاز المسيل للدموع، خلال مطاردة قوات الاحتلال الإسرائيلي لهم جنوب الخليل، يأتي في إطار الاعتداءات الإسرائيلية الممنهجة بحق الفلسطينيين بشكل عام ويكشف بشكل أوضح المنهج العنصري الذي يمارس بحقهم، ما يخالف القوانين الدولية والإنسانية.
وعلى الرغم من التحذيرات الكثيرة على أكثر من مستوى بشأن سعي تل أبيب لتدويل الأمور على الساحة الفلسطينية ومخاطر ذلك، تتمادى قوات المحتل الباغي ضد الفلسطينيين وثرواتهم ومقدساتهم، ويتباهى رئيس حكومة العدو، نفتالي بينت، برغبة كيانه في تنفيذ المزيد من العمليات ضد أصحاب هذه الأرض، فيما تتحدث وسائل الإعلام العبرية أن جيش الاحتلال دفع بكتيبتين إضافيتين من جنود وعناصر حرس الحدود على امتداد خط التماس في الضفة الغربية المحتلة على طول جدار الفصل العنصري، وتحديداً في المواقع التي توجد فيها ثغرات تمكن العمال الفلسطينيين من الضفة الغربية للدخول إلى أراضي بلادهم المحتلة للعمل، ولا سيما في البلدات الفلسطينية في أراضي 48.
“كاسر الأمواج”، هو اسم الحملة التي أطلقتها “إسرائيل” على موجة تصعيدها الحالية، بعد أن استقدمت دوريات راجلة قرب جدار الفصل عند مدينة باقة الغربية وقرية برطعة وهما بلدتان في الداخل الفلسطيني كان قد تم شقهما عند حرب النكبة، بيد أن عناصر حرس الحدود والشرطة انتشروا بكثافة بين قريتي جت المثلث غربي الخط الأخضر التي لا يفصلها عن قرية زيتا في الضفة الغربية سوى بضعة أمتار، كما شهدت بلدات الداخل الفلسطيني المحتل القريبة من خط التماس من جلجولية والطيبة جنوباً وحتى قرى زلفة شمالاً دوريات شرطية دخلت هذه القرى وحقولها بحثاً عن عمال فلسطينيين يعملون بدون تصاريح.
من ناحية أخرى، يتصاعد العدوان الهمجي الذي لا يتوقف عن قتل المدنيين وتدمير مستقبلهم ومقدساتهم وتهديد أرواحهم، وكأن الصهاينة وآلتهم العسكرية يودون إخبارنا بأنهم سيسحقون كل فلسطيني ومطالب بحقوقه، حيث اعتقلت قوات العدو مؤخراً خمسة شبان من منطقة باب العمود في القدس، واعتدت على أربعة منهم، ونصبت سياجاً حديدياً في منطقة باب العمود في محاولة لمنع الشبان من التجمهر، فيما اقتحمت، قرية الجانية غرب رام الله وسط الضفة المحتلة وسط اندلاع مواجهات بين الشبان وقوات الاحتلال دون أن يبلغ عن وقوع إصابات، واقتحمت أيضاً قرية ترمسعيا شمال رام الله.
كذلك، اعتقلت العصابات الصهيونية شابا من قرية المزرعة الغربية شمال غرب مدينة رام الله، وأربعة شبان من بلدة دورا القرع شمال شرق رام الله، وشابين من مدينة الخليل، فيما اعتدى مستوطنون مسلحون وبحماية من قوات العدو، على عدة منازل وسط مدينة الخليل، ومنعت أيضاً المزارعين الفلسطينيين من الوصول إلى أراضيهم في بلدة بيت أمر شمال الخليل، من اجل العمل فيها وحراثتها.
إلى ذلك، دفعت الآلة العسكرية الصهيونية بقوات كبيرة من الجنود للانتشار داخل المدن الفلسطينية المحتلة تحت زعم “رفع الشعور بالأمن الشخصي للإسرائيليين المحتلين”، خصوصاً في الحدائق العامة وضمن المدن الكبرى مثل العفولة وتل أبيب، إضافة إلى الدوريات المشتركة للجنود النظاميين مع عناصر من الشرطة في مدينة القدس المحتلة، ويكثر الحديث في الأوساط الإسرائيلية عن “حملة فلسطينية” كرد على التصعيد الإسرائيلي، كالذي حدث في عمليتي الخضيرة وبني براك، الأسبوع المنصرم.
عنصرية مقيتة
إن العدوان المتصاعد من قبل الصهاينة على أبناء فلسطين في أغلب المناطق الفلسطينية المحتلة، هو شهادة قوية ومحقة على نضال ومعاناة الشعب الفلسطيني الرازح تحت الاحتلال العسكري العنصري الصهيوني وسياساته الاستعمارية والقمعية، واعترافاً من قبل الإسرائيليين أنفسهم بجرائمهم المتعددة بحق الشعب الفلسطيني خاصة في هذا الشهر المبارك، الشيء الذي يجب أن يدفع المجتمع الدولي بشكل أكبر على تحمل مسؤولياته بسرعة تجاه العنصرية المقيتة التي تمارسها تل أبيب، ومساءلة وتذكير الدول بالتزاماتها القانونية بموجب القانون الدولي، للجم خروقات الكيان المُعتدي التي تؤكدها كل يوم الأخبار الآتية من الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ومن خلال تلك الاعتداءات، يظهر العدو الإسرائيلي رغبته العارمة في قمع الفلسطينيين والسيطرة عليهم، حيث بات الصمت تجاه الجرائم الإسرائيلية المنقطعة النظير والعنصرية الغريبة الوصف “جريمة بحد ذاتها”، باعتبار أن السياسات الإسرائيلية تساهم وبشكل متصاعد في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية لا حصر لها، في أعقاب المنهج العنصري بحق الفلسطينيين وتزايد إجرام العدو الوحشي، وإن الكيان الصهيوني لا يُخفي ذلك أساساً، بل يعترف بأنه لايمكن بأي حال من الأحوال أن يتوقف عن إجرامه وقضمه لأراضي الفلسطينيين وتهجيرهم، ويعتبر أن الفلسطينيين هم ضيوف في “إسرائيل” وأن الجرائم التي يرتكبونها بحقهم بمثابة استعادة لحرياتهم السياسية في فلسطين.
ووفقاً لتقارير دولية، إن جوهر الهيمنة الصهيونية يتمثل في ممارسة أنظمة المواطنة المتميزة بين اليهود والفلسطينيين وتقسيم الفلسطينيين إلى مجموعات منفصلة (فلسطينيون في الأراضي المحتلة، العاصمة الفلسطينية القدس، فلسطينيون في الضفة الغربية ، قطاع غزة ، ولاجئون)، وما يبرهن ذلك ما قالته منظمة “بتسيلم” الإسرائيلية قبل مدة، وهي مركز إسرائيلي غير حكومي مختص بحقوق الإنسان في الأراضي التي يحتلها العدو الصهيوني الغاصب، حول أن حقوق الفلسطينيين أقل من حقوق اليهود في المنطقة بأكملها بين البحر الأبيض المتوسط ونهر الأردن، وأنهم يعيشون تحت أشكال مختلفة من السيطرة الصهيونية في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية وداخل الأراضي المحتلة نفسها.
إضافة إلى ذلك، تحدثت المنظمة الإسرائيلية النخبوية المناهضة للاحتلال الصهيوني والتي تهدف إلى توثيق وتثقيف الجمهور الإسرائيلي بما يخص الاعتداءات على حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومحاربة ظاهرة إنكارها السائد بينهم، أن إحدى النقاط الرئيسية في نتائج تقريرها هي أن هذه منطقة جيوسياسية واحدة تحكمها حكومة واحدة (جيوسياسية: السياسة المتعلقة بالسيطرة على الأرض وبسط نفوذ الدولة في أي مكان تستطيع الوصول إليه)، وأوضحت أن هذه ليست ديمقراطية بجانب احتلال، بل “أبرتهايد” (نظام فصل عنصري) بين النهر والبحر، وأن الكيان الصهيوني يخفي حقيقة أن ما يقارب الـ 7 ملايين يهودي و7 ملايين فلسطيني يعيشون في ظل نظام واحد ذي حقوق غير متساوية إلى حد كبير، كما أنه لا يوجد معيار واحد يتساوى فيه الفلسطيني واليهودي في فلسطين المحتلة.
خطر داهم
بشكل كامل، فضحت “إسرائيل” ساديتها وعنصريتها بنفسها من شدة الجرائم والاعتداءات التي ترتكبتها بحق الأبرياء، ولم يعد خافياً على أحد أن تلك الاعتداءات الممنهجة تتصاعد بشكل خطير في ظل أوضاع متوترة في الأساس ضمن المنطقة، ما يعني تزايد عمليات إطلاق النار التي تستهدف قوات الاحتلال، في ظل مواصلة سياسة الاستيطان والقتل المروعين التي تنتهجهما الحكومة الإسرائيلية، وما يشي بـ “خطر داهم” وباحتمالية كبيرة لأن تُفتح أبواب جهنم على الكيان الذي اختار تسخين الأحداث ورفع مستوى الإجرام، حيث يتوقع أغلب المحللين السياسيين أن تنفجر الأوضاع في أي لحظة بسبب التمادي الإسرائيلي الذي تخطى كل الحدود.
ويحذر مراقبون من اقتراب حدوث “انتفاضة عارمة” لردع العدوان الهمجي، بسبب استمرار الحسابات الإسرائيلية الخاطئة بامتياز، فنتائج السياسة الصهيونية ربما سنشاهدها في أي لحظة، مع تل أبيب على خطوات تصعيدية كثيرة بدءاً من جنايات القتل والإعدام الميداني ومروراً بطرد الأهالي من ديارهم وحرمانهم من لقمة عيشهم وليس انتهاءً عند الاعتداء على المقدسات وعمليات الضم، ما يؤكد أن عودة المقاومة بأشكالها ومناطقها المختلفة وبالأخص غزة والضفة والقدس أصبح قريباً أكثر مما يتخيل الأعداء، بعد أن شعر هذا الشعب بأن العقلية الإجرامية والإرهابية للمحتل الأرعن الذي فرضه المستعمرون على المنطقة والعالم لا يمكن أن تتغير.
نتيجة لكل ذلك، وبالاستناد إلى الوقائع الميدانية، يفصلنا وقت قصير عن “الانفجار العظيم” الذي ستفرزه العنصرية الصهيونية بحق الفلسطينيين، إيماناً بأن ردع هجمات العدو ومستوطنيه وعربدتهم المتصاعدة هو السبيل الوحيد للتخلص من جبروتهم وحماية فلسطين وشعبها، والأيام القادمة ستشهد.