إسرائيل بين أمنها في سوريا وغضب الولايات المتحدة الأمريكية
وكالة أنباء آسيا:
تقف إسرائيل حائرة بين روسيا وأوكرانيا، إزاء الأوضاع الراهنة والتي تشهد تصعيدا عسكريا بين البلدين، ففي الوقت الذي تريد فيه الوقوف إلى جانب حليفتها الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية المحتضنة لها منذ البداية، تخشى مواجهة روسيا الجار والعدو الشمالي الشرقي لإسرائيل في سوريا.
بعد ممارسة ضغوط مباشرة عبر عدة قنوات دبلوماسية والإعراب العلني عن «خيبة الأمل من أقرب الحلفاء»، وكثير من اللسعات وحتى التهديدات، تراجعت الحكومة الإسرائيلية عن موقفها «شبه الحيادي»، وأعلنت أنها ستؤيد مشروع القرار الأميركي إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة بإدانة غزو روسيا لأوكرانيا. وأبرزت الدعم الإنساني الذي أرسلته إلى كييف. ولكنها في الوقت نفسه أوضحت أنها رفضت طلب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الحصول على مساعدة عسكرية.
هذا ما يفسره التصريحات المتناقضة التي صدرت عن الحكومة الاسرائيلية خلال الأيام القليلة الماضية وهي أيام الحرب.
ففي أخر تصريح له قال رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت، لأعضاء «الكابنيت» (المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية في الحكومة)، إنه اتفق مع وزير الخارجية يائير لبيد، على التصويت لصالح مشروع القرار الأميركي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي يدين الغزو الروسي، ويطالب موسكو بإنهاء الحرب في أوكرانيا. وقال لبيد، أول أمس (الاثنين)، إن «إسرائيل ستصوت لصالح إدانة روسيا في الأمم المتحدة. لقد كنا وسنكون في الجانب الصحيح من التاريخ، هذه هي قيمنا».
يأتي هذا القرار بعد أيام من إعلان إسرائيل بأنها قررت رفض طلب الولايات المتحدة الانضمام إلى اقتراح إدانة روسيا في المؤسسات الدولية. وتسربت عدد من التصريحات لقيادات إسرائيلية داخل الحكومة، قائلين إن «الولايات المتحدة تتفهم الموقف الإسرائيلي وحاجتها إلى التنسيق الأمني مع روسيا في الساحة السورية، لذلك فإنها لا تمارس ضغوطاً عليها لتغيير موقفها».
وبعنوان “الحرب في أوكرانيا تجبر إسرائيل على موازنة حرجة”، نشرت صحيفة “نيويورك تايمز”، تقريرا أعده باتريك كينغزلي وإيزابيل كيرشنر ورونين بيرغمان قالوا فيه أن إسرائيل حليف مهم للولايات المتحدة وعلى علاقة جيدة بالرئيس الأوكراني اليهودي فولوديمير زيلينسكي، ولكنها في المقابل تخشى إغضاب روسيا.
وذكر التقرير أنه في اليوم الذي هاجمت فيه روسيا أوكرانيا لم ينبس رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت ببنت شفه، وأن كل ما قاله إنه يصلي من أجل السلام، ودعا إلى الحوار ووعد بدعم المواطنين الأوكرانيين، لكنه لم يشر إلى تورط موسكو، فضلا عن إدانتها، وتُرك الأمر كما خُطط له مسبقا لوزير خارجيته يائير لبيد بانتقاد موسكو في بيان منفصل ذلك اليوم.
وتُعَد إسرائيل شريكا مهما للولايات المتحدة، في المقابل يثمن العديد من الإسرائيليين الصلات الثقافية الطويلة الأمد مع أوكرانيا التي ظلت لعدة أشهر عام 2019 الدولة الوحيدة غير إسرائيل برئيس ورئيس وزراء يهوديين- بحسب التقرير.
وبحسب تقرير نيويورك تايمز، تظل روسيا عنصرا فاعلا مهما في الشرق الأوسط، لا سيما في سوريا، الجار والعدو الشمالي الشرقي لإسرائيل، وتعتقد الحكومة الإسرائيلية أنها لا يمكن أن تجازف بخسارة موسكو، كما تريد أن تترك لنفسها مساحة كافية للعمل وسيطا في الصراع.
رئيس الوزراء نفتالي بينيت، الذي يقود حزب يمينا (الجناح اليميني)، يمثل الصهيونية الدينية والقومية التي سادت طوال السنوات الخمس والأربعين الماضية، وهو يرى أن دور إسرائيل هو قبل كل شيء حماية اليهود.
ويعيش في “إسرائيل” ما يقارب مليون “روسي يهودي” ناطق باللغة الروسية، يتعاطف مع روسيا. وبالتأكيد لن يؤيد هؤلاء دعم حكومتهم لأوكرانيا في صراعها مع روسيا، وكذلك بعيش في إسرائيل عدد كبير من الأوكرانيين وهم أيضا بالتأكيد يعارضون دعم حكومتهم لروسيا. وكذلك يعيش في روسيا وأوكرانيا عدد لابأس به من اليهود. كما تربط “إسرائيل” وروسيا مشاريع تجارية تتراوح بين مليارين و3 مليارات دولار في السنة.
ولذلك تظل اسرائيل متمسكة بموقفها الحيادي في ظل الحرب الدائرة بين البلدين، خشية على مصالحها الاقتصادية والتجارية وكذلك العسكرية.
وأفادت تقارير إعلامية عبرية بأنَّ رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت، سعى لعقد لقاء قمة روسية أوكرانية، وذلك عندما زار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبل نحو 5 أشهر، وهو العرض الذي قدّمه رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو، ورفضه بوتين في الحالتين.
ولكن في حال اشتداد الأزمة الحالية وتصعيد الأمر وضعت إسرائيل في موقف حرج، وطلب منها إبداء موقف واضح، فإن الانحياز بالتأكيد سيكون لحليفتها ابدا ودائما الولايات المتحدة الأمريكية.
ففي تصريح صحفي نشرته قنوات عبرية قبل اندلاع الحرب بأيام قليلة، قال وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لابيد: «إذا اندلعت حرب بين روسيا وأوكرانيا، فمن الطبيعي أن تنحاز إسرائيل إلى حليفتها التقليدية الولايات المتحدة، على الرغم من الاهتمام بالحفاظ على علاقات جيدة مع الروس». مضيفا «على الرغم من ذلك، نحن أكثر حرصا من الأمريكيين وهم يتفهمون ذلك».
وتابع أن «إسرائيل لديها مشكلتان لا تواجههما الولايات المتحدة وبريطانيا وهي الحدود الشمالية مع روسيا التي تتواجد في جنوب سوريا، فضلا عن الخوف على سلامة مئات الآلاف من اليهود في روسيا وأوكرانيا». وشدد على «اهتمام الحكومة الإسرائيلية بسلام الجاليات اليهودية في روسيا وأوكرانيا وأهمية هذا الاعتبار في صنع القرار الإسرائيلي».