إرتياح ديبلوماسي لدور حزب الله في مواجهة الإرهاب التكفيري
بعيدا عن حالة المراوحة العقيمة لجلسات انتخاب الإستحقاق الرئاسي توقفت مصادر سياسية بارزة عند مسار الخطة الأمنية الناجحة لحكومة الرئيس تمام سلام والتي تحقق يوما بعد يوم انجازات أمنية بارزة ومهمة للجيش اللبناني وسائر الأجهزة الامنية ضد الإرهاب لا سيما في الشمال والبقاع على الرغم من بعض الإعتداءات الغادرة التي تتعرض لها القوى الأمنية بين الحين والآخر من دون أن تخفف من عزيمة هذه القوى في تنفيذ كامل مندرجات بنود هذه الخطة الأمنية التي تحظى بغطاء ودعم سياسي داخلي وخارجي غير محدود وغير مسبوق.
المصادر أعربت بأن المجتمع الدولي من خلال سفرائه في بيروت يعبر بوضوح في لقاءاته مع المسؤولين في الدولة اللبنانية عن ارتياحه الكبير لدور حزب الله المحوري في دعم ونجاح هذه الخطة الأمنية في مواجهة الإرهاب التكفيري الذي لا يقتصر خطره وتهديده على الحزب وبيئته الحاضنة بل يمتد إلى كل لبنان وسائر المنطقة، والأمر الذي يستشف منه على أن الحزب صادق فيما يعلنه لناحية حرصه على السلم الأهلي في لبنان وحماية أمنه واستقراره ومنع تمدد الأزمة السورية بكل فصولها الدموية والتدميرية إلى ربوعه التي لا تحتمل وزر هذه الأزمة وحربها الضروس ذات الأبعاد والتعقيدات الطائفية والمذهبية والدولية والإقليمية.
المصادر في هذا السياق أبدت ارتياحها ازاء الإجتماع الأمني الرفيع الذي عقد في وزارة الداخلية لبحث الخطة الأمنية في «قرية الطفيل» الحدودية بحضور رئيس وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله والذي تمخض عنه وضع خطة لمساعدة اللبنانيين للخروج من بلدة الطفيل من خلال طريق آمن تشرف عليه القوة الشرعية اللبنانية على الا يدخل بينهم اي معارض سوري مسلح، فهذا الإجتماع الذي كان من المحرمات الذي يصل إلى حد التخوين، بات واقعا حاضرا يدل ليس فقط على أن هناك تعايش لتيار المستقبل مع تدخل الحزب العسكري في سوريا بل أن هناك تعاون إيجابي لتوظيف هذا التدخل العسكري لحزب الله في سوريا إيجابيا في القضايا والملفات التي تخدم لبنان ما يعني بأن نظرة تيار المستقبل إلى تدخل الحزب في سوريا لم تعد سوداوية بالمطلق بل أصبحت ايجابية في بعض النواحي، وأيضاً على صعيد الاستحقاق الرئاسي، فإن هذا الإجتماع الأمني في وزارة الداخلية بحضور حزب الله الذي كرس واقع المقاومة كقوة أمنية وعسكرية ضمن المنظومة الدفاعية اللبنانية، قد أظهر بان التعاون والتنسيق بين تيار المستقبل وحزب الله هو تعاون وتنسيق مفتوح ولا حدود له أو محاظير فيه حول أي ملف من الملفات، فمن ينسق في الأمن يمكن أن ينسق في جميع الإستحقاقات ومن ضمنها الإستحقاق الرئاسي الذي سيكون لتنسيق وتعاون تيار المستقبل وحزب الله كلمة الحسم فيه على الأقل في البعد الداخلي اللبناني أما في البعد الإقليمي للإستحقاق، فان لحلفاء تيار المستقبل وكذلك حلفاء الحزب الكلمة الراجحة فيه والمقصود بالحلفاء الإقليميين يعني المملكة العربية السعودية وإيران صاحبتا النفوذ الأقوى والتأثير في الداخل اللبناني بحيث أنه لا يمكن للإستحقاق ببعده الخارجي أن يجري بعيدا عن الحراك السعودي والإيراني.
وفي هذا الإطار، قالت أوساط دبلوماسية واسعة الإطلاع لـ «الديار» بأنه لا جديد على خط الإتصالات الجارية على صعيد الإستحقاق الرئاسي في لبنان بانتظار جوجلة المحادثات الخارجية وتمرير مسرحية عقد الجلسات غير الإنتخابية حتى 25 آيار 2014 طالما أن كلمة الفصل أو الموقف الإيراني – السعودي من الإستحقاق لا يزال غائبا ومستتراً حتى اشعار آخر. مضيفة بأنه بعد انتهاء مسرحية هذه الجلسات غير الإنتخابية ومناوراتها السياسية ومواقفها الشعبوية وانتهاء المهل المحددة لإجراء الإستحقاق الرئاسي في مواعيده الدستورية، فإن الإستحقاق الرئاسي سيدخل في مرحلة جديدة من التعاطي الداخلي والخارجي لبلورة التسوية المحلية والإقليمية ـ الدولية التي تسمح بوصول رئيسا جديداً إلى قصر بعبدا. ما يعني بأن زخم الإتصالات والمشاورات ستكون مكثفة بكل الإتجاهات خصوصا أن جميع القوى الفاعلة والمؤثرة في لبنان أعلنت مرارا وتكرارا بأنها تسعى لإتمام الإستحقاق الرئاسي في لبنان في مواعيده الدستورية لتجنب الدخول في المجهول فيما لو وصل الفراغ إلى سدة الرئاسة الأولى بعد 25 آيار 2014.
وتتابع الأوساط عينها بانه غير خاف على أحد بأن مجريات الاحداث المتلاحقة منذ تشكيل حكومة الرئيس تمام سلام تبين بأن هناك تفاهم سعودي ـ إيراني غير معلن على ابقاء لبنان بعيدا عن تداعيات الاحداث السورية التي لولا هذا التفاهم لكانت اليوم أثارها المدمرة والدامية حاضرة في أكثر من منطقة لبنانية وهذا الأمر تدركه وتتعاطى معه بإيجابية الدوائر الدبلوماسية الاقليمية والدولية كون هذا التفاهم ساهم بشكل أو بآخر على منع تدهور الأوضاع في لبنان نحو نقطة اللاعودة، وكون هذا التفاهم ساهم بشكل اساسي في حلحلة العديد من الملفات الداخلية السياسية والاقتصادية والامنية العالقة منذ سنوات.
وبناء عليه، فإن القوى الخارجية التي تتعاطى بخلفية حماية أمن واستقرار لبنان ومنع انزلاقه نحو الفوضى والفتنة تنظر إلى هذا التفاهم على أنه يشكل صمام أمان لديمومة واستمرار المؤسسات الدستورية وعدم تسلل الفراغ إلى عملها وهذا الأمر من المتوقع جدا أن ينسحب بطبيعة الحال إلى مسألة اجراء انتخابات رئاسة الجمهورية وبالتالي تجنيب وقوع حالة الفراغ المفتوحة والطويلة في موقع رئاسة الجمهورية، خصوصا أنه ليس صدفة ولا بسحر ساحر أن يتمكن المجلس النيابي ومعه الحكومة من اقرار ما تم اقراره من قوانين كانت نائمة في الادراج أو اصدار التعيينات الادارية والامنية داخل الحكومة السلامية لولا وجود هذه التفاهم الإقليمي الذي لجم حدة الخلافات الداخلية وها هو اليوم يعبد الطريق امام الاستحقاق الرئاسي لوصول رئيس جديد للجمهورية ينطلق عهده بشكل طبيعي من غير ان يواجه الملفات المتراكمة التي امكن ايجاد حل لها، وفي مقدمها اخماد جبهة باب التبانة وجبل محسن في عاصمة الشمال، وعودة القوى الامنية الى البقاع ومن ثم إلى العاصمة بيروت لضبط الأمن واستعادة هيبة الدولة والقانون في مناطق كانت تعتبر في الماضي القريب مناطق عصية بكل ما للكلمة من معنى عن سلطة القانون والدولة.
هشام يحيى – صحيفة الديار اللبنانية