إدارة بايدن.. خضوع وإستسلام مخزٍ للكيان الإسرائيلي
صحيفة البعث السورية-
سمر سامي السمارة:
بعد ترشيح البرفيسور جيمس كافالارو عضواً مستقلاً في “لجنة الدول الأميركية لحقوق الإنسان”، سحبت وزارة الخارجية الأمريكية الترشيح بسبب تغريدات قديمة له عن الانتهاكات التي يقوم بها الكيان الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، ووصفه لـ”إسرائيل” بأنها “دولة” فصل عنصري. لم تكتفِ الإدارة الأمريكية بذلك، لكنها منعت بعد أسبوع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من التصويت لإدانة المستوطنات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وكانت وزارة الخارجية الأمريكية في 10 شباط الماضي، قد رشحت أستاذ القانون البارز البروفيسور جيمس كافالارو كخبير مستقل في لجنة الدول الأمريكية لحقوق الإنسان، وأعلنت أن كافالارو “من كبار الباحثين والممارسين للقانون الدولي، ويتمتّع بخبرة عميقة في المنطقة وبنظام حقوق الإنسان للدول الأمريكية”. ويُذكر أن كافالارو، المؤسّس والمدير التنفيذي للشبكة الجامعية لحقوق الإنسان، وهو عضو في لجنة الدول الأمريكية لحقوق الإنسان بين عامي 2014 و2017 في الفترة التي شغل فيها أوباما منصب رئيس الولايات المتحدة.
على الرغم من أن مفوضي لجنة الدول الأمريكية لحقوق الإنسان هم خبراء مستقلون في مجال حقوق الإنسان، وليسوا متحدثين باسم السياسات الخارجية لبلدانهم، كما تتمثل مهمتهم في الاستماع للحالات المتعلقة بالمجازر وحالات القتل خارج نطاق القضاء والتعذيب والاختفاء في الأمريكيتين فقط، ولا سلطة لهم على “إسرائيل”، إلا أن ذلك لم يمنع وزارة الخارجية من سحب ترشيح كافالارو في 20 شباط الماضي، وذلك في أعقاب المقال الذي نشرته صحيفة “ألخيمانير” اليمينية المتطرفة، التي تصدر في مدينة نيويورك، حيث انتقدته الصحيفة لوصفه “إسرائيل” بأنها “دولة” فصل عنصري واتهامها بارتكاب جرائم وحشية.
كما تعارض كافالارو مع إدارة بايدن من خلال انتقاده للجماعات المؤيدة لـ”إسرائيل” عند انتخاب عضو الكونغرس الديمقراطي في نيويورك حكيم جيفريز كزعيم للأقلية الديمقراطية في مجلس النواب، حيث يرتبط جيفريز ارتباطاً وثيقاً باللوبي الإسرائيلي القوي، وتحديداً لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية “إيباك”، وجماعات الضغط المتشدّدة الأخرى المؤيدة لـ”إسرائيل”.
وفي سياق دفاعه عن سحب ترشيح كافالارو، قال الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية نيد برايس، إن الإدارة سحبت ترشيحها كافالارو لأن تصريحاته لا تعكس سياسة الولايات المتحدة، وما نؤمن به.
وبدوره، قال كافالارو في تغريدة له على “تويتر”: “ترشيحي لم يكن ليؤثر على سياسة الولايات المتحدة تجاه إسرائيل، ماذا حقق سحب ترشيحي؟ ومع ذلك، سحبته وزارة الخارجية حتى لا تغضب إسرائيل”!.
كان كافالارو قد عمل كخبير مستقل في الأمريكيتين، لكنه فشل في اجتياز اختبار الولايات المتحدة، الذي يتطلّب الولاء للاحتلال الإسرائيلي غير الشرعي للأراضي الفلسطينية. فقد وصفت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، أنييس كالامارد، الإجراء الأمريكي بأنه هجوم مدفوع من قبل الإدارة الأمريكية على محامٍ لامع في مجال حقوق الإنسان بسبب وجهة نظره بشأن الفصل العنصري الإسرائيلي، مشيرةً إلى أن الإدارة الأمريكية لم تتعامل مع الأسس القانونية والتجريبية في مواقفها حول الفصل العنصري الإسرائيلي. وبدلاً من ذلك، فإنها تفرض الرقابة وتقوم بالتهديد والتضييق على المناقشات.
وقال مجلس حقوق الإنسان: “في حين أن مشاركة كافالارو المحتملة في اللجنة لن يكون لها أي تأثير على الإطلاق على سياسة الولايات المتحدة تجاه إسرائيل، فإن سحب ترشيحه سيكون له عواقب حقيقية على حقوق الإنسان في الأمريكيتين”، مضيفاً، “لقد كان كافالارو صوتاً شجاعاً وملتزماً لتحقيق العدالة لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان في جميع أنحاء المنطقة، وبصفته مفوضاً متمرساً في ولايته الثانية، كان سيقدّم قضية حقوق الإنسان في نصف الكرة الغربي بشكل كبير”.
وتابع: “يجب على العاملين في مجال حقوق الإنسان والباحثين ألا يخشوا تعرّضهم لأعمال انتقامية بسبب تعبيرهم عن آرائهم حول انتهاكات حقوق الإنسان، ولاسيما تلك التي يرتكبها حلفاء الولايات المتحدة، فهذا يقوّض حرية التعبير والحرية الأكاديمية وعمل جميع المدافعين عن حقوق الإنسان، وخاصة أولئك الذين ليس لديهم النوع نفسه من المنصات مثل كافالارو”.
في رسالة مفتوحة إلى بلينكين، وجّهت 83 منظمة حقوقية، وأكثر من 300 أكاديمي ومدافع، احتجاجاً على سحب ترشيح كافالارو من اللجنة، حيث قال الموقّعون البالغ عددهم 450 من 20 دولة، بما في ذلك أعضاء لجنة الدول الأمريكية لحقوق الإنسان، فضلاً عن المكلفين الحاليين والسابقين بالولاية الخاصة للأمم المتحدة: “إن تحرك وزارة الخارجية يضرّ بحركة حقوق الإنسان العالمية ويقوّض مصداقية الولايات المتحدة في الدفاع عن حقوق الإنسان”.
إسرائيل “دولة” فصل عنصري
في الحقيقة، لم يكن توصيف كافالارو لـ”إسرائيل” كـ”دولة” فصل عنصري غير دقيق، فقد وصفت منظمة العفو الدولية، والمقرّر الخاص للأمم المتحدة المعنيّ بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 مايكل لينك، بأن إسرائيل “دولة” فصل عنصري.
وفي تقريره إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في آذار 2022، قال لينك إن “إسرائيل” تمارس الفصل العنصري في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مؤكداً أنه “يوجد اليوم في الأراضي الفلسطينية، التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967 نظام قانوني وسياسي مزدوج، مفرط في التمييز، يمنح الامتيازات لـ700000 مستوطن إسرائيلي، يعيشون في 300 مستوطنة إسرائيلية في القدس الشرقية والضفة الغربية”.
وأضاف الخبير الأممي قائلاً: “في المساحة الجغرافية نفسها، يعيش أكثر من ثلاثة ملايين فلسطيني، ولكنهم مفصولون بجدار ونقاط تفتيش في ظلّ حكم قمعي من التمييز المؤسّسي، وبدون أي سبل لإقامة دولة فلسطينية حقيقية، الذي كان العالم قد وعد منذ فترة طويلة، بأنها حقهم”.
وأشار إلى أن مليونين آخرين من الفلسطينيين يعيشون في غزة، والتي توصف باستمرار على أنها “سجن مفتوح”، دون وصول كافٍ إلى الكهرباء أو المياه أو الصحة، مع اقتصاد منهار وانعدام القدرة على السفر بحرية إلى بقية المناطق في فلسطين أو العالم الخارجي.
وأشار لينك إلى عمليات القتل التعسفي الخارجة عن نطاق القانون، والتعذيب والحرمان من الحقوق الأساسية للفلسطينيين، والعقاب الجماعي ونظام المحاكم العسكرية التعسفي وارتفاع معدل وفيات الأطفال بين الفلسطينيين، وفترات من العنف العسكري الإسرائيلي المكثف في غزة وهدم المنازل.
تُعرَّف جريمة الفصل العنصري في اتفاقية الفصل العنصري، بأنها “أفعال غير إنسانية تُرتكب في سياق نظام مؤسّسي قوامه الاضطهاد المنهجي والسيطرة المنهجية من جانب جماعة عرقية واحدة إزاء أية جماعة أو جماعات عرقية أخرى، وترتكب بنية الإبقاء على ذلك النظام”.
وتشمل هذه القوانين التدابير التشريعية وغيرها من التدابير التي تهدف إلى منع فئة، أو جماعة من المشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية للبلد، والقيام عن عمد بخلق الظروف التي تحول دون النماء التام لهذه الجماعة، وذلك بحرمان أعضائها من حقوقهم الإنسانية أو حرياتهم الأساسية.
بالإضافة إلى ذلك، يعرّف نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، جريمة الفصل العنصري بأنها أفعال غير إنسانية تُرتكب في سياق نظام مؤسسي قوامه الاضطهاد المنهجي والسيطرة من جانب جماعة عرقية واحدة إزاء أية جماعة أو جماعات عرقية أخرى وترتكب بنية الإبقاء على ذلك النظام.
تعتبر كلّ من اتفاقية الفصل العنصري ونظام روما الأساسي، الفصل العنصري جريمة ضد الإنسانية، وعلى الرغم من أن “إسرائيل” لم تصدّق على اتفاقية الفصل العنصري أو نظام روما الأساسي، إلا أن الفصل العنصري محظور بموجب القواعد النافذة، مما يعني أن جميع الدول ملزمة بحظر الفصل العنصري.
منع التصويت على المستوطنات
واصلت إدارة بايدن استسلامها المخزي لـ”إسرائيل”، من خلال السمسرة في صفقة لتجنّب تصويت مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على قرار يدين المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، فلو كان هذا القرار، الذي كان من المقرّر التصويت عليه في 20 شباط الماضي قد طرح في المجلس، لمارست الولايات المتحدة حق النقض لتجنّب إغضاب “إسرائيل”.
في غضون ذلك، تواصل إدارة بايدن دعمها للاحتلال الإسرائيلي غير الشرعي للأراضي الفلسطينية من خلال إرسال 3.8 مليارات دولار من المساعدات العسكرية سنوياً.