إبن سلمان نصّب نفسه ملكًا
موقع العهد الإخباري-
محمد باقر ياسين:
في سياق سعي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الحثيث لاعتلاء العرش السعودي، صدر بالأمس “أمر ملكي” عن والده سلمان، قضى فيه بتعيين ابن سلمان رئيسًا لمجلس الوزراء، في خطوة ستثير جدلًا واسعًا خارج المملكة لتفسير تبعاتها، وهذا سيكون مدار بحثنا. فهل هذه الخطوة تشكل سابقة تاريخية في المملكة؟ وكيف نصب ابن سلمان نفسه ملكًا من خلالها؟
منذ سطوع نجم الأمير المغمور ضمن العائلة الحاكمة، بعد صدور “الأمر الملكي” الذي نصّ على اختياره وليًا لولي العهد وبعدها وليًا للعهد، كانت بداية تعبيد طريقه نحو العرش المنشود، من خلال إقصاء كلّ من يُمكن أن يشكّل حجر عثرة أمام حلمه، فكان عليه ترتيب البيت الداخلي والتطلّع إلى ترتيب العلاقات الخارجية التي ستسمح له بالتّتويج.
داخليًا، عمل ابن سلمان ضمن ثلاثة مسارات أساسيّة، (كسب الدّعم الشعبي من فئة الشباب ـ إزاحة جميع معارضيه من العائلة الحاكمة وضمن فئات الشّعب ـ القضاء على النفوذ الديني). وهذا ما تم شرحه بمقال سابق بعنوان (عرش ابن سلمان المعبّد بالدم.. هل يصل قريبًا؟)
ومن هنا تجدر الإشارة إلى أن كل ما قام به محمد بن سلمان من عملية تطهير في أسلاك المملكة المختلفة استند فيه إلى “الأوامر الملكية” تارةً وإلى تهم الفساد تارةً أخرى وإلى القمع والقتل إن لزم الأمر ذلك.
و”الأمر الملكي الأخير” الذي نحن بصدد الحديث عنه، يندرج في سياق هذه العملية المتسلسلة التي يصبو من خلالها ابن سلمان إلى العرش. وقد يسأل البعض: هل الخطوة الأخيرة تشكل سابقة تاريخية في المملكة؟
للجواب عن هذا التساؤل يجب أن نعود بالتاريخ إلى الوراء، لنجد أن هذه الخطوة لا تشكل سابقة تاريخية فريدة، وليس الأمر الملكي الأول من نوعه بتاريخ المملكة، إذ حدث مثل هذا مرتين، كانت أولاهما عندما تولى الملك سعود رئاسة مجلس الوزراء في آخر شهر من حياة الملك عبد العزيز، أما الاستثناء الثاني فعندما تولى الملك فيصل مرتين رئاسة مجلس الوزراء خلال فترة حكم الملك سعود.
وبقراءة متمعنة لدلالات “الأمر الملكي”، نخلص إلى التالي:
ـ اعتراف ضمني من ابن سلمان بأن والده لم يعد قادرًا على الحكم واتخاذ القرارات، مؤكدًا ما سعت إلى نفيه السعودية مرارًا وتكرارًا إلى درجة محاسبة من يتحدث عن صحة الملك.
ـ استثناء ابن سلمان نفسه واعطاؤه مقررات المادة 56 من النظام السعودي التي تنص على التالي: الملك هو رئيس مجلس الوزراء ويساعده أعضاء مجلس الوزراء في أداء مهامه وفقاً لأحكام هذا النظام وغيره. يبين نظام مجلس الوزراء صلاحيات المجلس في الشؤون الداخلية والخارجية، وتنظيم الأجهزة الحكومية، والتنسيق فيما بينها، وكذلك الشروط التي يجب توافرها من قبل الوزراء، ويتم تغيير صلاحياتهم وطريقة مساءلتهم وكافة شؤونهم ونظام مجلس الوزراء واختصاصاته وفقاً لهذا النظام.
ـ إعطاء نفسه آخر صلاحية للملك، بعدما أضاف سابقاً لصلاحياته (تمثيل المملكة في الزيارات الخارجية ورئاسة القمم التي تستضيفها على أرضها)، وذلك بتفويض من الملك سلمان.
– من اللحظة الأولى التي تولى فيها صلاحيات الملك، قام بتشكيل حكومة من شخصيات جديدة تندرج ضمن فريقه القريب، وعين أخاه خالد بن سلمان وزيراً للدفاع تمهيداً لتعيينه ولياً للعهد من بعد تسلمه الملك.
ـ من الملاحظ أن كل من تم تعيينه بأمر ملكي رئيسًا للوزراء يعين ملكًا تلقائيًا بعد وفاة الملك الشكلي.
ومن هذا المنطلق، يكون ابن سلمان نصب نفسه ملكًا فعليًا على عرش السعودية يقوم بجميع مهامه، لكن مع وقف التنفيذ.. إلى حين موعد هلاك والده المريض سلمان بن عبد العزيز.