أ ف ب: سلطات البحرين تطلق أيدي القضاء العسكري لمحاكمة مدنيين وتشديد قبضتها في مواجهة معارضيها
وكالة الصحافة الفرنسية:
أقرت البحرين تعديلا دستوريا يسمح بمحاكمة مدنيين أمام القضاء العسكري في خطوة تعكس رغبة المملكة الخليجية الصغيرة في تشديد قبضتها في مواجهة معارضيها مع تكثف حملة الاعتقالات والسجن والاعدام وسحب الجنسية.
وجاء ذلك بعد ساعات قليلة من قرار محكمة التمييز البحرينية الاثنين خفض عقوبة السجن بحق زعيم المعارضة الشيعية الشيخ علي سلمان من تسع الى أربع سنوات، في خطوة نادرة جاءت في خضم احكام بالاعدام والسجن صدرت بحق عشرات خلال الاسابيع الاخيرة.
وصادق ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة على التعديل، بحسب ما اعلنت الاثنين وكالة الانباء الرسمية. ومصادقة الملك هي الخطوة الاخيرة في مسار اقراره بعدما حظي بموافقة مجلس النواب المنتخب وبموافقة مجلس الشورى المعين من الملك نفسه.
ويستبدل التعديل فقرة في الدستور تنص على حصر المحاكمات العسكرية بالجرائم التي يرتكبها عسكريون ورجال أمن.
وتقول الفقرة “ب” من المادة 105 “يقتصر اختصاص المحاكم العسكرية على الجرائم العسكرية التي تقع من أفراد قوة الدفاع والحرس الوطني والأمن العام، ولا يمتدُّ إلى غيرهم إلا عند إعلان الأحكام العرفية، وذلك في الحدود التي يقررها القانون”.
وألغت الفقرة الجديدة هذه الحصرية، مشيرة الى ان القانون هو الذي ينظم من الآن فصاعدا عمل القضاء العسكري. ونصت على ان “ينظم القانون القضاء العسكري، ويبين اختصاصاته في كل من قوة دفاع البحرين والحرس الوطني وقوات الأمن العام”.
وبحسب مسؤولين في وزارة الداخلية والقوات المسلحة، فان التعديل الدستوري يسمح للجهات المختصة باحالة بعض الجرائم التي تشكل “ضررا على المصلحة العامة” الى القضاء العسكري. ويشير هؤلاء الى ان التعديل يهدف الى “حماية الأجهزة الأمنية، بما في ذلك منشآتها وأفرادها وضباطها من جميع الأعمال الارهابية”.
ووصفت منظمة العفو الدولية التعديل بانه “خطوة كارثية نحو محاكمات غير عادلة للمدنيين”، مضيفة ان “التعديل الدستوري (…) جزء من مسار تتبعه الحكومة يتمثل في استخدام المحاكم للانقضاض على كل اشكال المعارضة على حساب حقوق الانسان”.
خرق للقانون الدولي؟
تشهد المملكة اضطرابات متقطعة تشمل تظاهرات واحتجاجات منذ قمع حركة احتجاج بدات في شباط/فبراير 2011 وقادتها الغالبية الشيعية التي تطالب باقامة ملكية دستورية في المملكة الصغيرة التي تحكمها سلالة سنية.
وتلاحق السلطات منذ 2011 معارضيها وخصوصا من الشيعة، ونفذت في منتصف كانون الثاني/يناير احكاما بالاعدام رميا بالرصاص بحق ثلاثة من الشيعة دينوا بقتل ثلاثة رجال أمن بينهم ضابط اماراتي في اذار/مارس 2014، ما ادى الى اندلاع تظاهرات.
وكانت السلطات البحرينية استعانت بالقضاء العسكري في 2011 لمحاكمة عشرات المدنيين بعدما اعلن الملك حالة الطوارئ لمدة ثلاثة اشهر. وقالت منظمة العفو ان التعديل يعيد الى الاذهان هذه الاحداث، معتبرة ان “المحاكمة امام المحاكم العسكرية تعتبرا خرقا اساسيا للقانون الدولي ولمعايير المحاكمة العادلة”.
ووقعت في الاشهر الماضية عدة حوادث أمنية في قرى شيعية وفي المنامة، وبينها هروب عدد من المحكومين بقضايا “ارهابية” من السجن، واغتيال ضابط في الشرطة، ومحاولة الهروب في قارب.
وفي مواجهة هذه الاحداث، أصدرت المحاكم البحرينية احكاما بالاعدام بحق العديد من المتهمين، وأحكاما بالسجن لفترات متفاوتة تصل الى السجن المؤبد بحق عشرات بتهمة تشكيل “خلايا ارهابية”، اضافة الى احكام بسحب الجنسية.
وتحاكم البحرين المتهمة من قبل منظمات حقوقية بارتكاب انتهاكات في حقوق الانسان، المرجع الشيعي البارز عيسى قاسم بتهمة “التشجيع على الطائفية”، والناشط في حقوق الانسان نبيل رجب في قضيتين الاولى تتعلق بقضية تغريدات “مسيئة” للبحرين والمملكة السعودية، والثانية بتهمة التحدث الى وسائل اعلام غربية وبث “اخبار كاذبة”.
كما تقدمت وزارة العدل البحرينية بدعوى قضائية للمطالبة بحل جمعية “العمل الوطني الديموقراطي” (وعد) الليبرالية المعارضة.
سلمان باق في السجن
والاثنين، قررت محكمة التمييز في خطوة قضائية نادرة خفض عقوبة السجن بحق زعيم المعارضة الشيعية الشيخ علي سلمان خمس سنوات. وقال مصدر قضائي في المنامة لفرانس برس ان المحكمة التي تعتبر احكامها نهائية قررت تقليص العقوبة من تسع إلى اربع سنوات.
واوقف سلمان (51 عاما) في العام 2014، وحكم عليه في تموز/يوليو 2015 بالسجن لأربعة أعوام بعدما دين بتهمة “التحريض” على “بغض طائفة من الناس” و”إهانة” وزارة الداخلية. وفي ايار/مايو الماضي، قررت محكمة الاستئناف زيادة المدة الى تسعة أعوام بعدما دانته ايضا بتهمة “الترويج لتغيير النظام بالقوة”.
وأدت عملية توقيفه الى تظاهرات واحتجاجات عمت البلاد، والى ادانات وانتقادات للسلطات من قبل منظمات حقوقية ومن قبل الولايات المتحدة، حليفة البحرين.
ويتزعم سلمان جميعة “الوفاق” التي كانت أكبر كتلة برلمانية قبل استقالة نوابها في 2011. وفي شباط/فبراير الماضي، أيدت محكمة التمييز حكما بحل الجمعية بعدما دانتها بتهمة “الانحراف في ممارسة نشاطها السياسي إلى حد التحريض على العنف (…) بما قد يؤدي الى احداث فتنة طائفية في البلاد”.
وتعليقا على تخفيض الحكم بحق سلمان، قالت منظمة العفو الدولية ان قرار محكمة التمييز “لا يغير من حقيقة وجود هجوم على حرية التعبير. الانتقاد السلمي للحكومة والمطالبة بالاصلاح ليس جريمة ولا يجب أن يؤدي الى عقوبة”.
واعتبرت ان المعارض الشيعي “احد ضحايا القمع البحريني (…) وبدل وضعه خلف القضبان لاربعة أعوام، على السلطات البحرينية اصدار قرار باطلاق سراحه فورا ومن دون شروط”.