أيّ رسائل للمقاومة بعد تمادي الخروقات والاعتداءات الإسرائيليّة؟
صحيفة الديار اللبنانية –
هشام يحيى :
مرة جديدة تتجه الأنظار نحو الجنوب لا سيما بعد إعلان أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله عن مسؤولية المقاومة عن عبوة مزارع شبعا التي استهدفت دورية إسرائيلية في منتصف آذار الماضي والتي قال عنها إنها جزء من الرد على الغارة الإسرائيلية التي استهدفت أحد مواقع المقاومة في منطقة جنتا الحدودية. وفي هذا الإطار، شهدت كواليس الأروقة السياسية اللبنانية حركة دبلوماسية لافتة لإستطلاع أبعاد وخلفيات هذه العملية لحزب الله في مزارع شبعا خصوصا أن هذه العملية وبحسب مصادر دبلوماسية بارزة في بيروت شكلت محور إهتمام عدد من سفراء الدول الفاعلة والمؤثرة والمعنية بشكل أو بآخر بأي توتر او تصعيد على جبهة الجنوب.
المصادر الدبلوماسية أشارت بان الحراك الدبلوماسي باتجاه المسؤولين اللبنانيين تضمن بعث رسالة واضحة وهي ان اسرائيل ليست بوارد توتير الجبهة مع لبنان، وبأن الرد الإسرائيلي على هذه العملية لن يتخطى حدود الخطوة الدبلوماسية التي تمثلت بتقديم شكوى إلى مجلس الأمن تستند الى ما أعلنه الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله بشأن تبني المقاومة العبوة التي انفجرت بالدورية الاسرائيلية في مزارع شبعا وذلك ردا على الغارة الاسرائيلية على جنتا. مضيفة بأن الوضع في المنطقة عموما وفي لبنان خصوصا سيبقى معلقاً بين فكي المناكفات والألغام السياسية في الوقت المستقطع قبل بلورة الصورة الواضحة لنتائج الأزمة السورية التي تبدو مؤخرة حتى اشعار آخر، وبين تصاعد خطورة الخروقات الإسرائيلية التي تحمل مؤشرات متزايدة بالدخول الإسرائيلي على خط الأزمة السورية وارتباطاتها اللبنانية وهذا الأمر يبدو واضحاً من خلال تصريحات وخطابات أعضاء حكومة العدو الإسرائيلي وكبار قادته وتحليلات كبريات صحفه، وأيضاً من خلال حركة الطيران الكثيفة وارتفاع وتيرة التهديدات العسكرية التي بلغت ذروة خطورتها من خلال عمليات الرصد والتجسس الاسرائيليتين المرتفعة وتيرتها والتي تدل على أن هناك شيئا ما يحضر على الأرض.
وفي هذا الإطار أكدت أوساط مطلعة في 8 آذار لـ «الديار» بأن الرسائل الدبلوماسية التي تلقاها المعنيون في الدولة اللبنانية بخصوص تبني حزب الله العلني لعملية مزارع شبعا تضمنت تأكيدات واضحة بان المجتمع الدولي لن يسمح بأي شكل من الاشكال بتدهور الأوضاع على الحدود بين لبنان والأراضي الفلسطينية وذلك من خلال التشديد على ضرورة التزام كافة الأطراف بمندرجات القرار 1701 الذي أمن نوعا من الإستقرار الثابت منذ حرب تموز 2006 على الرغم من الخروقات المتعددة التي تشوب تنفيذ هذا القرار من قبل العدو الإسرائيلي الذي يخترق يوميا هذا القرار من خلال الإنتهاكات الجوية والبحرية الشبه يومية للسيادة اللبنانية. مضيفة بأن هناك حرصا من المجتمع الدولي على ترسيخ وتثبيت هذا الإستقرارا خصوصا أن الظروف الصعبة والخطيرة التي تمر بها المنطقة لا تحتمل حصول أي توتير أو تصعيد على خط الجبهة بين المقاومة في لبنان واسرائيل، خصوصا إن اشتعال الجبهة الجنوبية فيما لو اندلعت، فإن المواجهة المنتظرة من قبل كافة الخبراء والمحللين العسكريين والإستراتيجيين بين اسرائيل وحزب الله لن تشبه أي مواجهة أخرى ماضية بين العرب واسرائيل منذ قيام الكيان الصهيوني عام 1948، كما ان امكانيات لجم هذه الحرب ومنع توسعها بات أمرا شبه مستحيل خصوصا في ظل الأحداث الجارية في سوريا وما يعتريها من تعقيدات وصراعات دولية وإقليمية كبرى تتجاوز الحدود السورية لتصل إلى حدود إعادة تموضع القوى والنفوذ في منطقة الشرق الأوسط.
وبحسب الأوساط عينها في 8 آذار فإن هذه العملية في مزارع شبعا اتت في سياق تثبيت قوة الردع في مواجهة العدو الإسرائيلي المتربص شرا وعدوانا بلبنان، وبأن هذه العملية النوعية ليست الوحيدة، فقد سبق للمقاومة أن نفذت العام الماضي العملية الأمنية النوعية في «اللبونة» التي استهدفت بكمين محكم قوة من نخبة جيش العدو بعد أن توغلت داخل الأراضي اللبنانية، بحيث أن العبوات التي انفجرت بالقوة الإسرائيلية لم تكن لغما من مخلفات الجيش الاسرائيلي بل عبوات جديدة حديثة زرعت من قبل المقاومة لتفجيرها في القوة الخاصة الإسرائيلية عندما دخلت لبنان.
الأوساط أشارت بأنه هناك ثابتة واضحة يجب على كل المعنيين أخذها بعين الإعتبار بانه لا شيء غير القوة وتحديدا قوة المقاومة قادرة على ردع عدوانية اسرائيل عن لبنان وشعبه، أما الأمم المتحدة والقرارات الدولية فهي مجرد فولكلور دولي أعجز عن ردع العدو الإسرائيلي، لذلك أن عملية شبعا أتت في سياق حمل رسالة واضحة إلى من يعنيهم الأمر بان انخراط المقاومة في الحرب السورية لم ولن تشغلها عن ابقاء جهوزيتها عالية للرد على أي خرق اسرائيلي للقرار 1701، وقد جاء الرد الدبلوماسي على هذه الرسالة بان العدو الإسرائيلي ليس بوارد التصعيد على جبهة الجنوب اللبناني في المدى المنظور. مضيفة بأن من يضع في حساباته السياسية بان محور المقاومة والممانعة سيمتنع عن الرد على الهجمات الإسرائيلية التي قد يتعرض لها في لبنان بسبب الأزمة السورية هو مخطئ، وها هي عملية شبعا وقبلها عملية اللبونة أتت لتثبت له بالوقائع الحية على الأرض بأنه مخطئ في حساباته ومقارباته للوضع وتطوراته الميدانية، لا بل أن كل معطيات ومعلومات المقاومة تشير بأن الرد على أي عدوان اسرائيلي قد يحصل مستقبلا سيكون ردا قاسيا والقوى الدولية والإقليمية تدرك جميعها بأن لمحور المقاومة كل القوة والقدرات والإمكانيات والجهوزية للقيام بهذا الرد القاسي على الكيان الإسرائيلي في أي وقت.